على وقع الغارات الجويّة المستمرة على الجنوب والبقاع والضاحيّة الجنوبيّة يواجه لبنان العديد من التحديات على المستويات الكافة مع نزوح نحو مليون شخص بسبب الحرب الإسرائيلية المدمرة على البلاد. وأعلن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أمس العمل على تأمين الاحتياجات الأساسية للبنانيين النازحين، من جراء الحرب الإسرائيلية على لبنان، فيما أطلق برنامج الأغذية العالمي عملية طارئة لتقديم المساعدات الغذائية لما يصل إلى مليون شخص متضرّر من العدوان الإسرائيلي على لبنان، في حين دعت السعودية والامارات المجتمع الدولي للاضطلاع بمسؤولياته تجاه حماية الأمن والسلم الإقليمي لتجنيب المنطقة وشعوبها مخاطر الحروب ومآسيها، وأكدتا الموقف "الثابت تجاه وحدة لبنان وسيادته الوطنية وسلامة أراضيه، ومساندتهما للشعب اللبناني الشقيق في مواجهة التحديات.
فقد أصدرت قيادة المملكة العربية السعودية توجيهات بتقديم مساعدات طبية وإغاثية إلى الشعب اللبناني ، دعما له في مواجهة الظروف الصعبة الحالية، فيما أمر الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، بتقديم حزمة مساعدات إغاثية عاجلة بقيمة 100 مليون دولار أميركي إلى الأشقاء في لبنان.
ولا يستغرب رئيس هيئة تنمية العلاقات الاقتصادية اللبنانية الخليجية ايلي رزق في حديث لـ"لبنان 24 المساعدات المالية والعينية التي قدمتها الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، فهي ليست المرة الأولى التي تقف فيها دول الخليج إلى جانب لبنان في أحلك أزماته، والسفير السعودي وليد بخاري، يواصل التأكيد على وقوف بلاده إلى جانب لبنان، واهتمامها بمساعدته على تخطي أزماته على الصعد كافة.
ومع ذلك، لا زال من المبكر الحديث عن عودة كاملة للعلاقات اللبنانية الخليجية إلى سابق عهدها والامور مرهونة بخواتيمها، لكن مما لا شك فيه ان دول الخليج تتابع عن كثب وبقلق كبير العمليات العسكرية الجارية الان في لبنان ،وهي تحرص دائما، بحسب رزق، على ضرورة وقف إطلاق النار وبسط الدولة اللبنانية كامل سلطتها على الأراضي اللبنانية وتطبيق كافة القرارات الدولية المتعلقة بلبنان وهي لا تخفي عتبها واسفها من عدم اكتراث المسؤولين اللبنانيين للنداءات المتكررة لقادة دول الخليج للاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية تشكيل حكومة تساهم في اعادة ثقة المجتمع الدولي بلبنان وبعودة لبنان إلى كنفه العربي وضرورة حصر السلاح بيد الجيش اللبناني وإعطاء الضمانات الكافية لكي تستعيد العلاقات اللبنانية الخليجية رونقها افساحا في المجال لعودة السياحة الخليجية والاستثمارات.
ما يهم السعودية، وفق مصادر سياسية، أهمية الحفاظ على استقرار لبنان واحترام سيادته بما يتوافق مع القانون الدول، وهذه الثوابت ترجمتها المملكة منذ 35 عاما من خلال اتفاق الطائف، الذي يتمسك به لبنان والذي لا يزال يشكل الإطار المناسب لإدارة شؤون بلدنا، مع إشارة المصادر إلى أن السعودية لا تزال تعول على حكمة القادة اللبنانيين لانتخاب رئيس وتجسيد صيغة العيش المشترك والحفاظ على هوية لبنان وعروبته.
ليس بعيداً، ترى المصادر، أن المملكة لم تبتعد عن لبنان، فهي دائماً تكون حاضرة في كلّ المحطات المصيرية التي يمرّ بها لبنان، فهي كانت حاضرة في المرحلة الممتدة ما بين نهاية الستينيات إلى ما بعد إنهاء الحرب الأهلية مرورا بالمحطة الأساس وهي اتفاق الطائف عام 1989، مع الإشارة أيضاً إلى أن هناك اصرار لبناني رسمي على إقامة أفضل العلاقات مع المملكة العربية السعودية، ومأسّسة هذه العلاقات.
حاول لبنان منذ تولي الرئيس نجيب ميقاتي العمل على إعادة ترتيب العلاقة مع المملكة التي اهتزت في السنوات الماضية من خلال إعطاء الضمانات الكافية لكي تستعيد العلاقات اللبنانية الخليجية رونقها افساحا بالمجال لعودة السياحة الخليجية والاستثمارات،مع اعتبار المصادر أن هذه العلاقة عائدة لا محال لأن المملكة تعني للبنان الكثير ولبنان يعني للمملكة الكثير ايضاً. وليس بعيداً، فإن الحكومة نجحت بالتعاون مع كافة الأجهزة الأمنية في لبنان في وقف التهريب إلى المملكة، علما ان رزق يرى أن ملف تصدير المنتجات اللبنانية إلى السعودية سيبقى عالقاً بانتظار انتخاب ريس للجمهورية لنتمكن من إيجاد حل جذري لهذا الملف الذي يهم شريحة كبيرة من اللبنانيين .