نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية تقريراً جديداً قالت فيه إنّ روسيا تقف إلى جانب حزب الله في لبنان خلال حربه ضد إسرائيل، مشيرة إلى أن "موسكو تتهم تل أبيب بقتل مدنيين لبنانيين يؤيدون الحزب ضد الغزو البري الإسرائيلي، فيما لم تكلف نفسها عناء إدانة الهجوم الإيرانيّ على إسرائيل قبل أيام".
وذكرت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمهُ "لبنان24" أن روسيا وجّهت إنتقادات قاسية لإسرائيل، كما أدانت أيضاً اغتيال أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله وحذرت من قتل المواطنين اللبنانيين.
ويقول التقرير إنه "في روسيا، لم تُكتب أي كلمة عن حقيقة أن حزب الله هو الذي شن هجوماً على إسرائيل يوم 8 أكتوبر 2023، ومنذ ذلك الحين تم إطلاق آلاف الصواريخ والقذائف باتجاه تجمعات مدنية إسرائيلية قرب حدود لبنان، ما تسبب بإجلاء عشرات الآلاف من السكان هناك".
وتابع: "إن روسيا لا تعتبر حزب الله منظمة إرهابية على الإطلاق، وكثيراً ما التقى ممثلوها الرسميون في بيروت بكبار مسؤولي الحزب بما في ذلك نصرالله. خلال الأسبوع الماضي أيضاً، استنكر نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، وهو أيضاً مبعوث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الشرق الأوسط وإفريقيا، العملية البرية للجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان، وقد فعل ذلك خلال اجتماع في موسكو مع سفير لبنان في روسيا، حيث ناقشا الوضع، وقال بوغدانوف إننا ندين بشدة الغزو البري الإسرائيلي للبنان، مؤكداً معارضة موسكو للاغتيالات السياسية المزعومة التي تقوم بها إسرائيل".
وأكمل: "في الأسبوع الماضي، قبل الهجوم الصاروخي الباليستي الإيراني على إسرائيل، زار رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين طهران على رأس وفد كبير. ومن بين أمور أخرى، التقى بالرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان، وناقش معه تعزيز العلاقات والتعاون بين البلدين. ورغم أن الزيارة كانت مخططة قبل فترة طويلة من الهجوم الصاروخي، إلا أن القدر شاء أن توقيتها أظهر مرة أخرى مدى التقارب الدراماتيكي بين موسكو وطهران، على خلفية الحرب في أوكرانيا والتصعيد بين إسرائيل وحزب الله، وبالطبع بين إسرائيل وإيران التي أصبحت شريكاً استراتيجياً لروسيا".
وأكمل: "في ضوء كل ذلك، يمكن القول إنّ التعاون الروسي الإيراني بلغ الآن أعلى مستوياته على الإطلاق، وربما يقلق إسرائيل أيضاً، بسبب جوانبه الأمنية وعواقبه المحتملة عليه. مع هذا، يجب النظر إلى تشديد العلاقات بين موسكو وطهران أولاً وقبل كل شيء كنتيجة مباشرة للحرب في أوكرانيا، واعتماد روسيا العسكري المتزايد على إيران".
وأضاف: "وفقاً لمصادر استخباراتية غربية، فقد زودت طهران مؤخراً الروس بما لا يقل عن 200 صاروخ قصير المدى، علماً أنه جرى أيضاً تزويد روسيا بآلاف طائرات "شاهد 131" و"شاهد 136" وذلك منذ العام 2022".
وأردف: "إن الاعتماد الروسي على طهران يمنح الإيرانيين نفوذاً ضد موسكو، وأحد المخاوف في الغرب هو أنه مقابل المساعدة العسكرية الإيرانية، ستمنح روسيا إيران المعرفة والتكنولوجيا النووية التي ستساعد برنامجها النووي العسكري. ومن المهم الإشارة إلى أن البلدين، إلى جانب الصين بالطبع، لديهما مصلحة مشتركة في ما يتعلق بطموحهما إلى تعزيز نظام عالمي مختلف ومتعدد الأقطاب، أي الحد من الهيمنة الدولية للولايات المتحدة الأميركية، وكلاهما يعاني من عقوبات شديدة المفروضة عليهم من قبل الغرب".
وقال التقرير: "لذلك، لا بد من دراسة توجه موسكو الانتقادي تجاه إسرائيل في ضوء اعتمادها العسكري المتزايد على إيران وتعزيز التعاون بينهما. ويرتبط الاهتمام الروسي بالتصعيد الدراماتيكي في الشرق الأوسط الشهر الماضي ارتباطاً وثيقاً بمسألة الحرب الروسية في أوكرانيا، نظراً لأهميتها بالنسبة للرئيس بوتين ورغبته في الفوز بها، فضلاً عن رغبة موسكو في خفض نفوذ الولايات المتحدة في الشرق الأوسط بشكل كبير".
وتابع: "فهل يعني ذلك أن موسكو مهتمة بحرب إقليمية متعددة المجالات تؤدي إلى مواجهة عسكرية مباشرة بين إسرائيل وإيران؟ ليس بالضرورة. إن الصراع العسكري بين إسرائيل وحزب الله، حتى لو كان بكثافة عالية، يخدم المصلحة الروسية لأنه يتسبب في تحويل انتباه الولايات المتحدة والغرب من الحرب في أوكرانيا إلى الأحداث في الشرق الأوسط، كما أنه يساهم في التأثير على موارد واشنطن العسكرية والاقتصادية لأوكرانيا، وهذا بالطبع يخدم المصلحة الروسية".
وأدرف: "لذلك، فإن الحرب المباشرة بين إيران وإسرائيل قد تؤدي بالفعل إلى قفزة حادة في أسعار الطاقة، الأمر الذي سيخدم بالطبع خزائن موسكو، ولكن وفي الوقت نفسه فإن الضرر الشديد الذي قد يلحق بإيران، شريكتها الاستراتيجية، قد يضر في نهاية المطاف بالمصالح الروسية. ومن ناحية أخرى، فإن ارتفاع أسعار الطاقة قد يضر أيضاً بفرص فوز كامالا هاريس والديمقراطيين في الانتخابات المقبلة في الولايات المتحدة وإعادة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وهذه مصلحة روسية متميزة".
وختم: "مع هذا، يمكن القول إنه طالما أن الحرب بين إسرائيل وحزب الله لا تتجاوز حدود لبنان، ولا تمتد، على سبيل المثال، إلى سوريا بطريقة تعرض نظام الرئيس بشار الأسد للخطر، عندها يمكن القول إن المصلحة الروسية ستبقى محفوظة، علماً أن حصول حرب استنزاف مباشرة بين إسرائيل وإيران قد يضر بالمصالح الروسية أيضاً، فالروس سيستمرون في نهجهم الحالي، الذي يعني الاستمرار في تشديد العلاقات مع إيران، مع التركيز على القضايا الأمنية، وبعضها حساس للغاية، والتعامل ببرود شديد تجاه إسرائيل، التي تعتبر من وجهة نظر روسيا مرتبطة بمصالح الولايات المتحدة في المنطقة، وبالتالي ربما ينبغي إضعافها".