بعد أقل من عشرين يوماً على تصعيد إسرائيل وتيرة غاراتها وهجماتها في لبنان، سادت أجواء تشاؤمية للغاية لدى المراجع الرسمية اللبنانية حيال احتمالات نجاح أي محاولة لوقف النار.
واعلن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أمس "أن المساعي العربية والدولية لا تزال مستمرة لوقف العدوان على لبنان، لكن التعنّت الاسرائيلي والسعي لتحقيق ما يعتبره العدو مكاسب وانتصارات لا يزال يعيق نجاح هذه المساعي". وقال: "قد يعتقد البعض أن الجهود الدبلوماسية قد توقفت، وهناك ما يشبه الموافقة الضمنية على مضي إسرائيل في عدوانها، لكن هذا الانطباع غير صحيح، فنحن مستمرون في إجراء الاتصالات اللازمة، وأصدقاء لبنان من الدول العربية والأجنبية يواصلون أيضاً الضغط لوقف اطلاق النار لفترة محددة للبحث في الخطوات السياسية الأساسية وأهمها التطبيق الكامل لقرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701، واجبار العدو الإسرائيلي على تنفيذه".
وكشفت مصادر معنية بمجريات الاتصالات الجارية مع رئاستي الحكومة ومجلس النواب لـ"النهار" أن انسداداً خطيراً يُسجل في سياق المساعي والجهود لوقف التصعيد الحربي والتوصل إلى وقف للنار بما ينذر بتصعيد واسع وخطير أقله لجهة ترجمة التهديدات التي يطلقها المسؤولون السياسيون والقادة العسكريون الإسرائيليون.
وإذ لم تخفِ هذه المصادر خشيتها من مؤشرات التصعيد في المواجهة البريّة على الحدود عقب محاولات الاختراق المتعاقبة التي تقوم بها القوات الإسرائيلية في الأيام الأخيرة، بدت متحفظة بل حذرة للغاية حيال ما يتردد عن "ضمانات" أميركية بردع إسرائيل عن تسعير الحرب ومحاولة اختراق أو احتلال مناطق في الجنوب اللبناني، بما يؤشر إلى أن الشكوك الرسمية اللبنانية في الموقف الأميركي بلغت ذروتها في ظل "التغطية" الأميركية للهجمات الإسرائيلية على "حزب الله". وبذلك بات يُخشى أن يكون التصعيد الواسع الذي سجل أمس وطاول مناطق بعيدة عن الجبهة في لبنان وإسرائيل إنذاراً متقدماً لاحتدام ميداني سيؤدي إلى تسريع المواجهات البريّة وسط انعدام الأمل باي تسوية لوقف نار موقت في وقت وشيك.
وكتبت" اللواء": احتدمت في اليوم الثامن للحرب الاسرائيلية البرية المعارك بين الجيش الاسرائيلي بوحداته الميدانية، وبغطاء غير مسبوق من سلاح الجو، مع تدخل سلاح البحرية، وحزب لله، الذي ادخل الى الميدان اسلحة فاجأت جنود الاحتلال على محاور القتال في البر، وكبار الضباط لدى مشاهدة الصواريخ تضرب حيفا وصفد وعشرات المستوطنات، مع استخدام المسيرات الانقضاضية، الامر الذي فاجأ العدو ايضاً، فلجأ الى توسيع غاراته واستهدافاته، للأبنية ومراكز الإيواء (في الوردانية) حيث سقط الشهداء من النازحين، وتعرضت أحياء الضاحية (المريجة والحارة والليلكي)، الى غارات جديدة بذريعة ان بعض الاحياء فيه مصانع للاسلحة!
ولئن كانت الدبلوماسية لم تسفر لتاريخه عن اي شيء يذكر، لدرجة ان الرئيس نبيه بري كان واضحاً لجهة نفيه حصول ايجابيات على هذا الصعيد، ولم يعرف ماذا دار في الاتصال الهاتفي بين الرئيس الاميركي جو بايدن، بمشاركة نائبة الرئيس المرشحة للرئاسة كامالا هاريس، والذي تطرق قبل ان يحصل (وفقاً للمصادر الاميركية والاسرائيلية) الى حدود الردّ الاسرائيلي (الفتاك) على قصف ايران، وما يجري لجهة وقف النار وصفقة تبادل الاسرى بين حماس واسرائيل، ولم يعرف ما اذا كان البحث تطرق الى وقف النار على الجبهة اللبنانية.
وحسب مصادر دبلوماسية، فإن اهداف الحرب الاسرائيلية لا تتعلق بعودة سكان المستعمرات الشمالية او ابعاد قوة الرضوان بضعة كيلومترات عن الحدود الجنوبية، بل تمتد الى توفير الارضية العسكرية والدبلوماسية «قطع رأس حزب لله» وتحويله الى حزب سياسي وفرض تسليمه سلاحه بالقوة تحت نار الحرب الاسرائيلية والضغط الداخلي.
وحسب المصادر فإنه يندرج المخطط تحت عنوان «القضاء على حزب لله»، وان الفرصة اليوم ثمينة بحسب المخططين للانقضاض على الحزب وتصفيته عسكريا بعدما تكفل العدو بتصفية قادته وتحديدا امينه العام السيد حسن نصرلله، وتقييد حركة مجاهديه، وتهجير بيئته الحاضنة، وتسوية الضاحية والبقاع والجنوب بالارض ومنع المهجرين من العودة قبل تنفيذ هذا المخطط.
وتقول المصادر اننا امام ايام صعبة جدا اصعب من العدوان الذي يشن علينا، معتبرة ان موافقة لبنان الرسمي ومن خلفه حزب لله على وقف اطلاق النار بمعزل عن انهاء العدوان على غزة.
ولا تسقط المصادر من حساباتها تحضير الارضية لاصطدام الجيش اللبناني مع حزب لله تحت عنوان سحب سلاح الحزب وتطبيق القرارت الدولية، وتقول المصادر الدبلوماسية ان ثلاثة دول اساسية في مجلس الامن (اميركا-فرنسا-بريطانية) ابدت تاييدا كاملا لمنح الجيش اللبناني الصلاحية الكاملة للسيطرة على لبنان واخضاعه للحكم العسكري مع تكفلها بتسليح الجيش وتمويله، وتخيير حزب لله بين تسليم سلاحه للجيش اللبناني بالقوة او اخضاع لبنان للوصاية الدولية والفصل السابع.
وفي خطوة تحمل دلالات متعددة تفقد الملحق العسكري الاميركي برفقة، المسؤولين في المطار، العمل في المطار للتحقق من سلامة الاجراءات.
واعتبر البيت الابيض، بعد اجتماع بايدن - نتنياهو ان الحل الدبلوماسي هو السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار والامن الدائمين عند الحدو بين اسرائيل ولبنان، مؤكداً لا نريد ان نرى لبنان يتحول الى غزة اخرى.
ورفضت الخارجية الاميركية ما يعتزم بنيامين نتنياهو الاقدام عليه، وقالت: ليس من المقبول ان تتحول الاوضاع في لبنان الى ما حدث في غزة.
واعتبرت الخارجية ان «تقييمنا هو ان العمليات الاسرائيلية في جنوب لبنان لا تزال ضمن اطار عملية برية محدودة.
وكتبت " الديار": لم يعد خافيا على أحد حجم الدعم والتنسيق المباشر بين الادارة الاميركية وحكومة العدو الاسرائيلي في ادارة الحرب الاجرامية على لبنان، تحت عنوان حزب الله وضرب بنيته العسكرية والتحتية.
وقد كشفت المواقف والتصريحات الرسمية الاميركية في اليومين الماضيين، لا سيما بيان الخارجية، هذا التورط الاميركي المباشر في تغطية العدوان الاسرائيلي المستمر ، في الوقت الذي بقيت الجهود الديبلوماسية التي تبذلها دول اوروبية وعربية، لا سيما فرنسا التي انضمت اليها منذ يومين بريطانيا، تدور في حلقة مفرغة، ما يؤشر الى ان هذه الحرب طويلة، اقلها الى ما بعد الانتخابات الاميركية.
ووفقا لمصدر سياسي لـ «الديار»، فان المواقف الاميركية الرسمية التي اعلنت مؤخرا، فان هناك رغبة واضحة لواشنطن لممارسة اقصى درجات الضغط لفرض امر واقع جديد على لبنان من خلال ضرب او تقليص قدرات ودور حزب الله ، وهذا الضغط يتقاطع مع اهداف العدو الاسرائيلي المعلنة وغير المعلنة.
واضاف المصدر ان الموقف الاميركي على لسان وزارة الخارجية والكلام على تخليص لبنان من قبضة حزب الله، جاء مترافقا مع تصريحات رئيس حكومة العدو الاخيرة وتحريضه اللبنانيين على الحزب. وان واشنطن تضغط من اجل احداث تغيير المعادلة السياسية في لبنان، من خلال العمل على تجريده من مصادر قوته وفرض رئيس جمهورية وحكومة على هذه القاعدة.
واشار المصدر الى المعلومات التي توافرت مؤخرا حول ضغوط اميركية مباشرة على لبنان والمسؤولين اللبنانيين، تندرج في اطار ابقاء الحصار البري على لبنان من خلال ابقاء اغلاق المعابر الشرعية البرية مع سوريا. وهناك ضغوط مشابهة لما سمي «ضبط ايقاع» عمل مرفأ بيروت ومطار رفيق الحريري ليقتصر على عمليات الاغاثة واستمرار تزود لبنان بحاجاته من غذاء ومواد ضرورية لاستمرار عمل المرافق، عدا حركة المسافرين المحدودة الى الخارج.
وذكرت “البناء” أن المندوب الخاص لوزير الخارجية الإيراني لشؤون الشرق الأوسط وغرب آسيا محمد رضا شيباني الموجود في لبنان لمتابعة التطورات الأخيرة على المستويات السياسية والدبلوماسية، سيقوم بدءاً من الغد بجولة على عددٍ من الدول العربية لا سيما مصر والأردن فيما الوزير عراقجي موجود في السعودية للغاية نفسها. كما أن “السفير السيد شيباني التقى عدداً من سفراء الدول الأوروبية وغير الأوروبية في لبنان وأبلغهم بأن من يعتقد أن العدو الإسرائيلي سيقضي على حزب الله وإنشاء نظام إقليميّ جديد على أنقاض حزب الله ولبنان فهو واهم، وأكد لهم بأن الحزب لا يزال قوياً وسينتصر بهذه الحرب”.
وفي سياق ذلك، استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري السفير شيباني في عين التينة حيث تناول اللقاء الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة جراء مواصلة “إسرائيل” لعدوانها على لبنان.
وعكست مصادر “البناء” ارتياحاً إيرانياً لجهة الموقف الرسمي اللبناني لا سيما الرئيس بري والرئيس ميقاتي، ومعوّلة على حنكة وحكمة الرئيس بري في إدارة ملف التفاوض. نافية كل ما يُشاع عن لقاء متوتر بين الوزير الإيراني عرقجي وبين الرئيس ميقاتي.
وكان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اجتمع مع لجنة الطوارئ الوزارية لبحث تدفق النازحين الى المناطق الآمنة، وتوفير فرص الاغاثة في مراكز الإيواء.
واشار رئيس الحكومة الى أن ازمة النزوح من المناطق التي تتعرض للعدوان الاسرائيلي تُشكّل عنصرَ ضغطٍ اضافياً وملفاً طارئا تجنّدت الحكومة لكل طاقاتها واجهزتها لمواجهته.
وقال: ان اللجنة الوزارية الخاصة بهذا الملف تعمل بشكل متواصل وفق آلية محددة تم الاتفاق عليها منعا للتجاوزات ولضمان ايصال المساعدات الى المحتاجين. هناك بالتأكيد تقصير في هذا الملف بالنظر الى حجم النزوح الكبير وتسارعه وارتفاع اعداد النازحين يومياً، لكننا ماضون في مواجهة هذا التحدي بمسؤولية وباذن لله سنتجاوز، بتعاضدنا ووحدتنا، هذه الازمة المريرة.
وفي حديث له امس، اكد الرئيس نبيه بري ان لا تقدم ايجابيا بشأن وقف الحرب الاسرائيلية على لبنان، غامزا من قناة الاميركيين الذين يقولون انهم مع وقف الحرب لكنهم لا يفعلون شيئا لتحقيق ذلك.
وقال انه يعول على جلسة مجلس الامن اليوم، وما اذا كان سيصدر عنها شيء بشأن لبنان.