التعايش مع الخطر، هو حرفياً ما يقوم به كلّ سكان العاصمة بيروت وضواحيها! لأن العدوان والاجرام الإسرائيلي لا يتوقّف عند حدّ القصف والقتل المباشر والتهجير؛ فحتى من ظنّ أنه نجا من التهديد المباشر لمكان سكنه، عليه إعادة النظر بالأمر! إذ أن الصواريخ التي تهطل بشكل يومي على الضاحية الجنوبية لبيروت، تحتوي سموماً تنشر في المحيط أيضاً... آلة القتل الإسرائيلية تلحق بمناطق الجوار ضرراً ومن سلم من الشظايا الصاروخية سيعاني من تداعيات غبارها.. والكلفة الصحية ستظهر قريباً.
هواء "ملغوم" و"يورانيوم" قيد التحقيق!
ما قيل ليس للتهويل إنما للتحذير، فوفقاً لنقيب الكيميائيين في لبنان البروفسور جهاد عبود، الكميات الهائلة من القنابل التي تستهدف بها الضاحية الجنوبية لبيروت، بغض النظر عن كونها محرمة دولياً او غير محرمة، تشكّل غيمة سموم فوق العاصمة وضواحيها".
ويوضح عبود لـ"لبنان 24" أن "حالياً هناك صعوبة لقياس نسبة التلوث والسموم المنتشرة في الهواء جراء العدوان الاسرائيلي، لكن، بالخبرة، يمكن القول إن الهواء بقلب العاصمة بات ملوثاً تبعاً لكمية القذائف التي اُسقطت على الضاحية الجنوبية والأماكن المستهدفة التي من الممكن ان تكون مخازن وتحتوي على مواد خطرة ومسرطنة".
ويتابع النقيب: "هناك شكّ كبير ان إسرائيل استخدمت صواريخ تحتوي على اليورانيوم المُنضَّب depleted uranium في موقع اغتيال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله"، مضيفا: " على الحكومة والجهات المعنية التحرّك واجراء التحاليل للتأكد من الأمر ثم رفع شكوى الى مجلس الأمن الدولي في حال ثبت استخدام العدو لهذا النوع من القنابل".
نوع السموم وأثرها الصحي
بالرغم من أن معدن اليورانيوم ثقيل جدّاً والغبار الناجم عنه حين يتطاير في الهواء لحظة الانفجار يذهب مسافة لا تتخطى الـ2 كيلومتر، غير أنه يبقى الأكثر خطورة بين المواد الكيميائية الناتجة عن العدوان. وبحسب عبود، هذه المادة الثقيلة توقف الأعضاء الحيوية في الجسم عن العمل وتوقف الكلى عن العمل أيضا، كما تتسبب بأمراض سرطانية.
ويشير عبود الى انه "في حال تم استخدام الـ depleted uranium الممزوج باليورانيوم المشعّ، ولو بنسب قليلة، فالأمر قد يؤدي بعد فترة من الزمن الى تشوهات خلقية لدى الولادات. مثلما حصل في الفالوجة لدى استهداف الانفاق. أما القنابل العادية، فتعطي مواد كيميائية ثانوية والتي تسبب أيضاً بامراض سرطانية ومميتة".
وعن المواد الكيميائية الناتجة عن القصف الهمجي، فيقول إن "الفوسفور يتسبب باحمرار وحروق الجلد وحرق في العيون والوجه. وفي حال استنشاق هذه المادة وعبورها نحو الرئتين، فهناك احتمال بحصول تمزق بالرئتين وتليّف بهما".
هذا ويوضح ان "الفوسفور آني ومع الوقت ينحلّ، بينما المواد المشعة تبقى لـ400 عام، وفي حال تم استخدام هذا النوع من القنابل في المناطق الجبلية مثلاً ولدى تساقط الأمطار قد تصل هذه المواد للمياه الجوفية وهنا الخطورة لأن المياه التي سنستخدمها ونشربها قد تصبح ممزوجة بهذه المادة الثقيلة والخطيرة".
إجراءات احترازية.. الكمامات أولها
لأن العدوان الإسرائيلي والسموم الناتجة عنه تشكّل خطراً حقيقاً وتهديداً لحياة من يستنشق هذا النوع من المواد، يؤكّد عبود أنه من الضروري توعية سكان المناطق المجاورة للضاحية الجنوبية لبيروت والطلب منهم عدم الاقتراب من المناطق التي تتعرّض للعدوان، كما البقاء على مسافة تتجاوز كيلومترين منها.
كذلك، يشدّد عبود في حديثه لـ"لبنان 24" على أهمية وضع من يسكن في الأماكن المعرضة والمهددة بالقصف، كمامات خاصة لدى حصول العدوان لعدم استنشاق الغبار.
أيضاً، يشير الى أهمية تنظيف البيوت والمنازل في المناطق المجاورة بالمياه بعد العدوان لإزالة غبار القذائف وعدم تنشقه. كما ينبّه سكان جوار الضاحية الجنوبية لبيروت من نشر الثياب في الخارج، لانها ستلتقط المواد الكيميائية الموجودة في الارجاء من أثر القصف.
كذلك، يلفت عبود الى انه "على النازحين الذين يعودون لاحضار ثيابهم من منازلهم، غسل هذه الثياب قبل ارتدائها للتخلص من غبار الصواريخ".