كتبت سابين عويس في" النهار": لم تعد دائرة استهدافات الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان تقتصر على مواقع "حزب الله" وأماكن وجوده في الأحياء والبلدات والقرى الآهلة بسكانها أو تلك التي خلت منهم، بل توسعت لتطاول القوة الدولية العاملة هناك "اليونيفيل"، إذ بلغ القصف المقر العام لهذه القوة في الناقورة، ما استدعى منها إصدار بيان يحذر القوات الإسرائيلية من هذه الاعتداءات.
بحسب البيان، تسبب التصعيد الأخير على طول الخط الأزرق "بتدمير واسع للمدن والقرى، فيما تستمر الصواريخ في الانطلاق نحو إسرائيل بما في ذلك المناطق المدنية، وقد شهدنا توغلات من إسرائيل إلى لبنان في الناقورة وغيرها، واشتبك جنود الجيش الإسرائيلي مع عناصر من حزب الله على الأرض في لبنان".
وذكر البيان أن "المقر العام تعرض للقصف في شكل متكرر، إضافة إلى المواقع المجاورة، كما أصيب جنديان من حفظة السلام، فضلاً عن إطلاق نار على موقع لليونيفيل حيث كان الجنود يحتمون".
وذكّر"الجيش الإسرائيلي وجميع الأطراف الفاعلة بالتزاماتهم ضمان سلامة موظفي اليونيفيل وممتلكاتها واحترام حرمة مبانيها في كل الأوقات، ذلك أن هذه القوة موجودة لدعم العودة إلى الاستقرار بموجب ولاية مجلس الأمن، وأي هجوم متعمّد عليها يشكل انتهاكاً خطيراً للقانون الإنساني الدولي والقرار 1701".
يتضح من البيان أن القوة الدولية باتت تستشعر عملاً هجومياً متعمداً وليس بالخطأ، وهو ما يدفع إلى السؤال: هل هذا الاستهداف يرمي إلى "تهشيلها" أو التمهيد لإعادة النظر في دورها ومهماتها، انطلاقاً من رغبة إسرائيلية لم تعد خافية على أحد في إسقاط القرار الدولي؟
لم تكتف قيادة "اليونيفيل" بإصدار هذا البيان التحذيري، بل توجهت بشكواها إلى الأمم المتحدة عبر كتاب تبلغت وزارة الخارجية والمغتربين والسرايا الحكومية نسخة منه، لتحريك القنوات السياسية والديبلوماسية بغية الضغط على إسرائيل لوقف انتهاكاتها المستمرة. لكن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لم يكتف في اتصالاته بحصر الموضوع بالقوة الدولية، بل كثّف تحركه في اتجاه فرنسا التي طلبت انعقاد مجلس الأمن، للمساعدة من أجل الضغط لوقف النار ووقف العدوان الإسرائيلي.
والواقع أن البيان التحذيري لـ"اليونيفيل" ليس الأول، فالقيادة كانت أصدرت أكثر من بيان تحذر فيه من مغبة توسع الاعتداءات، التي وصفها المتحدث باسم "اليونيفيل" أندريا تينيتي بأنها الأعنف منذ عام ٢٠٠٦، كاشفاً أن مهمة القوة الدولية باتت أصعب اليوم.
وكانت هذه القوة تلقت أخيراً تحذيراً إسرائيلياً بضرورة إخلاء مواقعها القريبة من مارون الراس، تلافياً لأي استهدافات يمكن أن تطالها. وما يحصل مع القوة الدولية ينسحب تماماً على ما حصل مع قوة الجيش اللبناني التي كانت موجودة على الحدود، واضطرت إلى الانسحاب خشية أن تقع ضحية الاشتباكات المتبادلة، ولا سيما أن أي استهداف ولو غير متعمد للجيش سينقل المواجهة إلى بعد آخر، في ظل مخاوف من أن تستغل إسرائيل الأمر لإلحاقه بالحزب ودق إسفين نزاع داخلي.
وفي رأي أوساط عسكرية متابعة أن هذه الاستهدافات ترمي إلى إبعاد الجيش و"اليونيفيل" عن مناطق النزاع الحدودية، على نحو يترك للجيش الإسرائيلي حرية الحركة في مواجهة الحزب، ولا سيما في العمليات البرية.