قالها جبران خليل جبران يوماً "لا يموت الانسان دفعة واحدة وإنما يموت بطريقة الأجزاء، كلما رحل صديق مات جزء، وكلما غادرنا حبيب مات جزء"؛ فكيف يكون الحال ونحن نرى وطننا يدمّر وأهلنا يهجرون ويقتلون ونحن في الغربة لا حول ولا قوة؟!"، جملة تلخّص لسان حال اللبنانيين المغتربين في ظلّ ما يمّر به لبنان والعدوان الإسرائيلي المتواصل على مختلف المناطق اللبنانية.
لبنان المغترب لم يسلم من الحرب: الطعنة في القلب
التصعيد الكبير والعدوان الهمجي على لبنان فرض واقعاً جديداً على اللبنانيين المغتربين أيضاً، فالحياة قبل التصعيد الكبير ليست كما بعده. وتقول نسرين يمّين من مكان إقامتها في السعودية، انها كمن يعيش الحرب في غربته. وتروي لـ"لبنان 24"، أنها "تجالس التلفاز طوال اليوم، تتابع بدقة وقلق المستجدات خاصّة أن أهلها يسكنون في قضاء بعبدا، أي على مقربة من الضاحية الجنوبية لبيروت حيث لا يزال العدو يقصف ويغير بصواريخه على الأبنية والشوارع في محيط سكن عائلتها".
وتؤكد يمّين أن على تواصل دائم مع شقيقتها وأهلها "حتى آخر الليل"، مشيرة الى أنهم بحثوا في خيار الانتقال الى مكان سكن آخر مع بدء التصعيد غير أن أسعار الإيجارات فاقت المستطاع، فقرروا البقاء في منزلهم التي لا تزال تعدّ "آمنة".
نسرين التي انتقلت منذ حوالى العامين الى المملكة، تعبّر عن حزنها الشديد واستيائها لما آلت اليه الأمور في لبنان. وتقول: "صحيح أنني أعيش في بلد آمن، لا حرب هنا، لا أصوات انفجارات أو جدار صوت، لكنني في قلق دائم، لا أنام جيداً، لا أتوقف عن مشاهدة النشرات الإخبارية ومتابعة التقارير والأخبار العاجلة"، مضيفة: "الغربة موحشة والآن باتت مرهقة وصعبة. أي أمان أنعم به وأهلي تحت القصف وقرب الخطر؟ أي حياة أنعم بها والقلق والخوف مرافق دائم لنا؟ الغصة كبيرة".
ما قالته نسرين كرره شربل، ابن الثلاثين عاماً والذي غادر لبنان قبل اندلاع الثورة في الـ2019. في حديثه لـ"لبنان 24"، يشير الى ان اهله يسكنون منطقة وادي شحرور في قضاء بعبدا. ويقول شربل: "لا تريد أسرتي مغادرة كنفها، فهم يخافون من أن يقطنها سواهم في حال هجرتها، على غرار سواهم من سكان المنطقة".
ويكمل: "يعيشون في قلق دائم وانا أيضاً؛ لا يسعني سوى الحديث معهم كلما أمكن ذلك وتقديم الدعم المادي على قدر ما استطيع".
بسخاء وحب.. المغتبرون يمدّون يد المساعدة
مثلما شكّل المغتربون رافعة لأهلهم خلال الأزمة الاقتصادية، هم اليوم يدعمون وطنهم الجريح ويهبّون لنجدة الصامدين في قراهم والنازحين من الجنوب والبقاع. وتقول يمّين: "لا شيء بيدنا سوى ارسال المال والدعاء لهم في الوقت الراهن".
اللبنانيون في الاغتراب لم يخيبوا الآمال، فالتبرعات والمساعدات تصل الى لبنان بسخاء. وتكشف مصادر "لبنان 24"، أن المساعدات من تبرعات مالية هذه المرة بمعظمها تصل الى حملات المبادرات الأهلية والجمعيات لتأمين حاجيات الأسر النازحة.
وتشير المصادر الى الدور الفاعل للمؤثرين اللبنانيين في هذه المرحلة، موضحة أن "مشاهير السوشال ميديا استطاعوا بناء جسر مع المغتربين لمساعدة النازحين والصامدين في قراهم، فهم عبر منشوراتهم على حساباتهم، تمكنوا من نيل ثقة اللبنانيين المغتربين للحصول على مساندتهم ودعمهم المادي لتأمين حاجيات اللبنانيين النازحين، كما تأمين وجبات غذائية لهم".
وتتابع المصادر: "المغترب والمقيم على قلب واحد، هذا ما تبيّنه الأزمات والشدائد"، مضيفة: "رسائل عدة تصل من المغتربين والسؤال واحد: كيف يمكننا المساعدة". وتعتبر انه "بالرغم من السوداوية الحالية، ما نراه من تكافل وتكامل اجتماعي ووحدة، يمنح قوة وأمل".
وتختم حديثها بالقول: "المساعدات تصل الى لبنان من الدول العربية الشقيقة ومن كل صوب ولا يسعنا سوى شكر كل من يمدّ لنا يد العون في هذه الأوقات الحرجة، عسى أن يتوقف اطلاق النار ويعود أهلنا النازحين الى منازلهم سالمين".