فيما يلتئم «المؤتمر الدولي لدعم اللبنانيين والسيادة اللبنانية» بدعوة من فرنسا والأمم المتحدة ممثلة بأمينها العام أنطونيو غوتيريش، تتكاثر التساؤلات حول قدرة المؤتمرين الذين يمثلون سبعين بلداً و15 منظمة دولية، على إحداث اختراق لجهة لجم الحرب الدائرة بين إسرائيل و«حزب الله»، والدفع باتجاه وقف إطلاق النار لفتح الباب للدبلوماسية.
وكتب مراسل "الشرق الاوسط" في باريس ميشال أبو نجم: أهداف المؤتمر الذي دعا إليه الرئيس إيمانويل ماكرون وكثف اتصالاته على أعلى المستويات لتوفير سبل إنجاحه، أصبحت معروفة. وهي تتراوح بين توفير الدعم الإنساني للبنان الذي «يعاني من حالة من الهشاشة الاستثنائية» التي فاقمتها الحرب، وفق تعبير مصدر رفيع في الإليزيه، ودعم الجيش اللبناني «العنصر الرئيسي للاستقرار والمؤهل للعب الدور الأول» في المرحلة المقبلة لجهة تطبيق القرار الدولي رقم 1701، إضافة إلى الدفع باتجاه ضرورة التوصل إلى وقف لإطلاق النار، وتعبئة الأسرة الدولية لهذا الغرض.
وقال الإليزيه إن «أولوية المؤتمر الاستجاب
للنداء الذي أطلقته الأمم المتحدة» لمساعدة لبنان. وفي سياق دعم السيادة اللبنانية، تريد باريس أن يكون المؤتمر بمثابة عامل ضغط على الطبقة السياسية اللبنانية حتى تتحمل، أخيراً، مسؤولياتها وتعمل على ملء الشغور الرئاسي والذهاب، بعده، إلى ولادة حكومة كاملة الصلاحيات تعالج الأوضاع اللبنانية، وتقوم بالإصلاحات التي يحتاج إليها اللبنانيون، والتي تطلبها الأسرة الدولية منذ سنوات.
ووفق الإليزيه، فإن المرتجى من المؤتمر أن يسعى لتعبئة الأسرة الدولية للتعبير عن تضامنها مع لبنان، والتشديد على أهمية التوصل إلى حل سياسي (للحرب)، وتعزيز عناصر السيادة اللبنانية التي من شأنها توفير الاستقرار والمساعدة على التوصل لوقف لإطلاق النار «بأسرع وقت»، وتسهيل الحل السياسي على قاعدة القرار 1701.
ولم ينس القصر الرئاسي التذكير بأن ما يقوم به ماكرون وفرنسا يندرج في إطار «الالتزام التاريخي لفرنسا إزاء لبنان والتذكير بالمؤتمرات السابقة التي دعا إليها ماكرون منذ عام 2018 (مؤتمر سيدر) وما تلاه».
ولم يذهب الإليزيه إلى حد تبني ما جاء على لسان وزير الدفاع سيباستيان لوكورنو من أن لبنان «معرض للانهيار ونشوب حرب أهلية»، بل فضل التركيز على الحاجة «لوقف سريع لإطلاق النار من أجل حماية المدنيين ومساعدة النازحين». وقال المصدر الرئاسي إنه من الضروري «التوصل إلى تدابير عملية من أجل مساعدة النازحين، وإلى إجابات سياسية من أجل الخروج من هذه الأزمة».
كشف الإليزيه أن الرئيس ماكرون سيكون الأول الذي يعلن صباحاً في كلمته عن المساهمة الفرنسية. وتأمل باريس أن تكون المساهمات كافية لتغطية ما طلبته الأمم المتحدة، ولو بالحد الأدنى. بيد أن مصادر أخرى تحدثت عن مساهمات مالية أعلى بكثير. أما بالنسبة للجيش اللبناني الذي سيتحدث قائده العماد جوزف عون إلى المؤتمرين عن بعد، فإن المساعدات المطلوبة له تأتي من خلال تعزيز انتشاره جنوب الليطاني تطبيقاً للقرار 1701. وحاجات الجيش أصبحت معروفة من الجميع: الدعم المالي، والتجهيزات العسكرية والتأهيل، وتمكينه من الاستجابة لتطويع آلاف العناصر الإضافية وما يترتب على ذلك من أعباء.
وأخيراً جرت مشاورات في إطار ما يسمى «اللجنة التقنية العسكرية» حول الخطة التي طرحها قائد الجيش لتعزيز قدراته التسليحية والبشرية. وأشار الإليزيه، من جانب آخر، إلى اجتماع «عن بعد» دعا إليه الأسبوع الماضي وزير الدفاع لوكورنو نظراءه من الدول الأوروبية المساهمة في قوة «اليونيفيل»، وتأكيد استمرار حضورها في جنوب لبنان.
لن يتجاوز المؤتمر الذي يلتئم في مقر واسع تابع لوزارة الخارجية الساعات الأربع، حيث يبدأ بكلمة افتتاحية للرئيس ماكرون، تليها كلمة لغوتيريش، ثم كلمة رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، تنطلق بعدها الجلسة العامة التي تختتم في الساعة الثانية بعد الظهر. ويرافق ميقاتي وفد من خمسة وزراء. ويتولى وزير الخارجية جان نويل بارو عرض النتائج في مؤتمر صحافي. وحتى عصر اليوم، لم تكن الخارجية قد وفرت اللائحة النهائية للمؤتمر الذي يعقد على مستوى وزراء الخارجية. والأرجح أن يغيب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن. وقال الإليزيه إن السبب في ذلك يعود لتضارب في الأجندات.