يعيش الشعب اللبناني مآسي حروب وصراعات من كل الألوان والأشكال، ويبدو أنّ مرضاً جديداً بدأ يظهر في أوساط العمّال يُعرف بالـ”burn-out”، أي حرق حياتهم والمراحل والأيام بهدف إنجاز الأعمال الموكلة إليهم. ويترافق “مرض العصر" هذا، مع الشعور بالإكتئاب والقلق والهستيريا، وعليهم التنبّه لعوارضه وعدم الإستخفاف بها، خصوصاً أنّه يُصيب نحو 3 ملايين عامل بحسب ما أفادت دراسة أجرتها “Technologia”.
وكشف تقرير لـ "غالوب" حالة العمل العالمية للعام 2023، وجاء لبنان في المرتبتين الثانية والثالثة كأكثر بلد يكابد فيه الموظفون توترا يوميا وعصبية في مجال عملهم.
تشير المعالجة النفسية ماريا ماجدالينا شلح لـ"لبنان24" الى أنه "يعرف الاحتراق او الانهاك الوظيفي، على انه نوع من القلق الذي يتعلق بالعمل، فهو حالة من الاجهاد البدني والنفسي، تتضمن الإحساس بالتراجع في الإنتاجية وضياع الهوية الشخصية".
وتضيف: "لا يمكن تشخيص "الضغط" من خلال الفحص الطبي. ويظن الخبراء ان الحالات المرضية الأخرى مثل: التوتر والاكتئاب هي المسؤولة عن الاعياء، بسبب عوامل محددة تتمثل بالصفات الشخصية والحياة العائلية، ويكون لها تأثير في استهداف الافراد المعرضين للإصابة بالتعب الوظيفي. والذي يمكن ان يؤثر على الصحة البدنية والنفسية للفرد".
أبرز عوارضه
عن عوارض الـ"”Burn- out الظاهرة والتي تستدعي التدخّل السريع للحدّ من نتائجه السلبية، تقول شلح: "ان العارض الاوّل الذي يظهر نتيجة الإرهاق هو الغضب وسرعة الإنفعال، ومن العوارض التي تظهر بوضوح وتكون ناتجة من التعب والإجهاد في العمل، هي العجز عن النوم بشكل سليم، والإصابة بالأرق".
وأفادت بأن ضحايا الـ burn-out قد يرغبون في تغيير مجال عملهم، علماً أنّهم يعشقون مهنتهم، وعندما ينعزل الموظف عن محيطه وعن زملائه ولا يريد الإختلاط معهم، هذا يعني أنّه مصاب بإجهاد العمل".
التعامل مع الاحتراق الوظيفي
يرتبط الإنهاك الوظيفي عادةً بأشياء لا تملك السيطرة عليها في مكان العمل. غير أن هناك طرقا للتحكم في طريقة تأقلمك مع الضغط النفسي.
وتقول المعالجة النفسية ان"الخطوة الأولى للتعافي من الاحتراق هي الاعتراف به، ومحاولة التعرف على كيفية نشأة التوتر المُسبب له، والمواقف والأفكار والأحداث التي تسهم في تفاقمه، ثم القبول بطلب الدعم من الأشخاص المقربين، وإشراكهم في النقاش حول النتائج، وأخذ الوقت الكافي للراحة من آثار الإرهاق".
ويتضمن التعافي من الإرهاق، التوصل إلى الحلول التي من شأنها أن تعيد الأمور إلى نصابها، عن طريق تعلم مواجهة المشاكل بسرعة أكبر، ووضع الحدود، والعيش وفقا للقيم الشخصية، ورفض ما لا يمكن القيام به.
أخيرًا، ان إحداث توازن بين الحياة العملية والشخصية عامل أساسي، وفي حال شعر الموظف بالإنهاك والتعب،عليه التوجه فورًا الى اختصاصي في علم النفس وطلب المساعدة.