لم تأت استضافة العاصمة الفرنسية للمؤتمر الدولي لدعم شعب لبنان وسيادته اليوم إلا تأكيدا على استعادة فرنسا دورها المعهود تجاه لبنان واللبنانيين للوقوف إلى جانبهم. لم ترغب فرنسا في أن تبتعد عن هذا الدور أو التقاعس فيه ،ولذلك جهزت العدة من أجل مؤتمر بعنوان واضح، البارز فيه هو إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عدم التنازل عن دعم البلد على كل المستويات.
قد يرسم كثيرون توقعات كبيرة بشأن خلاصات هذا المؤتمر، غير أن الموضوع أبعد من ذلك، لأن الرسالة من انعقاده هو اظهار الرغبة الفرنسية في متابعة القضية اللبنانية والدخول على خط أي حل أو العمل على إنتاج هذا الحل من خلال وساطة معينة وبغطاء دولي .
ثمة إقرار واضح بأن الدولة الفرنسية تسعى إلى وضع خارطة طريق للملف اللبناني من النواحي السياسية والمؤسساتية والأمنية ، وليس مستبعدا أن يعكس المؤتمر هذا الأمر .
لن تكون النتيجة إلا لمصلحة لبنان، هذا ما تؤكد عليه مصادر سياسية مطلعة ل" لبنان ٢٤" ، مشددة على أن فرنسا لن تتردد في استعادة زمام المبادرة وستنجح في ذلك ، لأن التاريخ شاهد على كيفية احتضانها القضية اللبنانية سواء في مؤتمرات الحوار أو في مؤتمرات الدعم الاقتصادي، وتفيد أن الرئيس ماكرون لم يتوان عن الحضور شخصيا لعرض نوع من الاتفاق لإخراج لبنان من أزمته في أعقاب انفجار مرفأ بيروت، ثم أرسل موفدين من وزراء وشخصيات رفعوا الصوت عند ملاحظتهم أي خلل وانتقدوا ولم يوفروا أية كلمة في هذا المجال، مشيرة إلى أنه في الملف الرئاسي كلف الوزير جان ايف لودريان بمتابعة ملف الرئاسة اللبنانية، كما كلف عددا من الوزراء لزيارة بيروت وتأكيد الموقف من عدم التصعيد.
اما المقررات الصادرة عن المؤتمر سواء لناحية الدعم أو المساعدات أو المواقف في السياسة ، فستتم متابعتها، كما ترى هذه المصادر، وتؤكد ان الشق السياسي يعني لبنان لاسيما إذا تضمن أي مسعى لوقف اطلاق النار ، على أن وزارة الخارجية الفرنسية أكدت في وقت سابق أن هذا المؤتمر يدعم التوصل إلى حل ديبلوماسي يسمح بعودة النازحين وفقا لقرار ١٧٠١ ، كما دعم الجيش اللبناني بوصفه" أحد ضامني الأستقرار الداخلي "، وانتخاب رئيس في البلاد ، معتبرة أن هذه النقاط هي في صلب المؤتمر ولذلك قد يأتي أي بيان ختامي أو ورقة أو خلاصة متضمنة لهذه الأمور، اما لبنان الذي يتمثل برئيس الحكومة نجيب ميقاتي مع وفد وزاري فسيجدد التأكيد على أولوية وقف إطلاق النار وسيعرض آثار العدوان الإسرائيلي ضد البلاد .
واستنادا إلى هذه المصادر أيضا، فإن ما بعد المؤتمر ، تنطلق حركة ديبلوماسية مكثفة تقودها فرنسا المكلفة بالملف اللبناني من أجل التوصل الى حل لما يجري في لبنان، وليس مستبعدا أن يكون الرئيس الفرنسي هو من يتولى شخصيا هذه الأتصالات على أرفع المستويات، وفي كل الأحوال قد تتظهر الصورة بشكل دقيق في المؤتمر .
حملة جديدة تحمل الدعم والتأييد للبنان وشعبه تحط رحالها في فرنسا التي سارعت إلى هذه الخطوة بهدف الأنقاذ ، لعلها تنجح في ذلك في ظل غياب أية مبادرات جدية لحفظ البلد.