من الواضح أن رئيس "التيار الوطني الحرّ" جبران باسيل اتّخذ قراراً حاسماً بالإنفصال عن "حزب الله" وفكّ التحالف معه، وهذا الأمر يفتح الباب أمام العديد من التساؤلات المُرتبطة بمرحلة ما بعد خروج باسيل من كنف "الحزب" ومرحلة ما بعد استفادة باسيل نفسه من نفوذ "حزب الله" في الداخل اللبناني للحصول على مكاسب سلطوية في المؤسسات الدستورية اللبنانية.
وتقول مصادر سياسية مطّلعة إن باسيل قرّر فسخ تحالفه مع "حزب الله" والبحث عن تحالفات جديدة وبشكل تدريجي على اعتبار أن "الحزب" قد هُزِم في الحرب، وهذه القناعة موجودة لدى باسيل شخصياً وليس فقط لدى المحيطين به، إذ إنّه بات يرى أن "الحزب" قد انتهى وفقد حضوره ودوره في المرحلة المقبلة، وعليه فهو يفضّل التمايز عنه الى حدّ الاختلاف الذي قد يتظهّر في الاسابيع المقبلة.
ووفق المصادر فإنّ باسيل يعتبر من وجهة نظره أنّ خلافه مع "حزب الله" من شأنه أن يحقّق له أمرين؛
الأول يتركّز حول استرضاء الاميركيين للوصول الى رفع العقوبات عنه ليفرض بعد ذلك التعامل معه كشخصية سياسية غير منبوذة غربياً واميركياً، وهذا أمر أساسي بالنسبة لباسيل الطامح دوماً الى رئاسة الجمهورية اللبنانية.
الهدف الثاني لباسيل هو الكسب الشعبي، حيث إن الخلاف مع "الحزب" في هذه اللحظة الحساسة، بحسب المصادر، يقدّم له خدمة كبيرة لتعزيز نفوذه واستعادة شعبيته في الشارع المسيحي وقطع الطريق على "القوات اللبنانية" للتفرّد بمهاجمة "الحزب" وتزعّم المعارضة، وهذا الامر، كما يراه باسيل، من شأنه أن يحدث توازناً في عملية الاستقطاب الشعبي سيّما وأن "الحزب" لا يبدو قادراً اليوم على تقديم أي امتيازات له.
لكن هل تنجح رهانات باسيل كلها سواء لجهة رفع العقوبات الاميركية عنه واعتباره شخصية قريبة يمكن التعامل معها أو لجهة لملمة واقعه الشعبي المسيحي، إذ يبقى السؤال حول إمكانية تقبّل المجتمع المسيحي لباسيل من جديد بعد كل ما وصفه البعض "بالاندماج" في المرحلة الفائتة خلال فترة تحالفه مع "حزب الله".
اما السؤال الثالث والأساس الذي يطرح نفسه فيتمحور حول مدى نجاح رهان باسيل على هزيمة "حزب الله"، وماذا لو تمكّن "الحزب" من تحقيق انتصار رغم كل التوقعات، إذ ترى المصادر أنه حينها سيكون الانتصار بعد الحرب هزيمة لباسيل وسيحمل معه تبعات سلبية جداً على حضوره في أي معادلة سياسية جديدة.