كتبت ابتسام شديد في "الديار":
من "اليونيفيل" الى الجيش فالإعلام كرت سبحة الاعتداءات "الاسرائيلية"، التي لم تعد تقتصر على التدمير الهمجي للمناطق السكنية والمباني التراثية والمستشفيات، فانتقلت الى بنك أهداف جديد. وما جريمة حاصبيا التي ذهب ضحيتها ثلاثة شهداء زملاء وهم في فراشهم بعد منتصف الليل، إلا دليلا على حجم الجرائم المرتكبة من قبل العدو، الذي لا يميز بين مقاوم ومدني او اعلامي ومسعف وعسكري.
صحيح ان الإعتداء الأخير على طواقم الإعلام ليس الأول، فهناك شهادة المراسلة فرح عمر والمصور ربيع المعماري والصحافي في قناة "رويترز" عصام العبدالله وآخرون، إلا ان الاستهداف الإعلامي الاخير بالشكل كان الأقسى، وان كان الهدف المشترك بالطبع هو التعتيم على المجازر والجرائم "الاسرائيلية" المتمادية.
الى جانب الإعلام يأتي استهداف الطواقم الطبية وفرق الإسعاف، وما تحدث عنه وزير الصحة فراس الأبيض عن ضربات مؤلمة للمسعفين، يفوق الوصف وغير معهود في الحروب، لعدم القدرة على سحب العناصر الصحية المستهدفة... لكن استهداف الجيش اللبناني له رمزيته واهدافه، خصوصا ان الجيش عمليا خارج سياق المعركة، ودوره يشبه الى حد كبير دور القوات الدولية جنوب الليطاني بالمراقبة والمتابعة الميدانية، وقد سلطت عملية استهداف الرائد محمد فرحات وعنصرين في الجيش اللبناني في بلدة ياطرأثناء تنفيذ عملية إجلاء جرحى، الضوء على دور الجيش، فمن الواضح ان الجيش كما "اليونيفيل" هما عائقان اساسيان من منطلق دورهما في مراقبة انتهاكات جيش العدو "الإسرائيلي"على أرض الجنوب، من هنا تم ضرب مراكز "اليونيفيل" وأبراج مراقبة الجيش.
استهداف ياطر بالطبع ليس الضربة الأولى التي يتلقاها الجيش ولن تكون الأخيرة، اذ سقط للمؤسسة العسكرية من بداية الحرب ٢٥ شهيدا، وتم استهداف آليات عسكرية... فاستهداف الجيش كما الطواقم الطبية والفرق. الإعلامية مقصود من قبل العدو الإسرائيلي، فالجيش هو حامي الوطن وبه تناط مهام النزاعات الداخلية وحفظ الأمن الداخلي، حيث تقع على عاتق الجيش مسؤوليات في الداخل مع تضخم أعباء النزوح الى المناطق الآمنة نسبيا، فيما ينزعج العدو من الإعلام. الذي يتولى نقل الوقائع وما يرتكبهمن مجازر وتدمير ممنهج.
من هنا، يجمع أكثر من مصدر على ان استهداف الجيش مسألة مدروسة ومخطط لها، لأنه العمود الفقري في أي حل في المستقبل، فيما المطلوب اليوم هز الثقة به وتقويض دوره لأنه يشكل دائما نقطة تواصل بين الأطراف المتنازعة، وعليه يمكن ملاحظة تراكم الاعتداءات على مواقع الجيش، التي يتبين دائما انها مقصودة على الرغم من الإعتذارات "الإسرائيلية" الخببثة عقب كل الاعتداء على مراكز عسكرية.
المفارقة في كل ما تقدم ان استهداف الجيش يحصل في وقت تطالب الدول المؤثرة في الملف اللبناني بتطبيق القرار 1701 ووقف الحرب، تمهيدا لنشر الجيش وتعزيز وجوده جنوب الليطاني، مما يطرح تساؤلات عميقة حول التناقضات "الاسرائيلية"، والمزاعم بالحاجة لنشر الجيش على الحدود في المستقبل، طالما الإعتداء جار من دون تردد، وقد ثبت انه ليس حادثا بالصدفة بل حدثا متعمدا، إلا إذا كان الاستهداف يعكس الرغبة "الاسرائيلية" بإقامة منطقة عازلة محروقة لا مكان فيها للجيش او "اليونيفيل".