واحدة من اهم الاسس التي بنى عليها "حزب الله" معركته التي بدأت في الثامن من تشرين الاول الماضي كانت عدم الذهاب الى حرب شاملة مع اسرائيل في ظل وجود ادارة الرئيس الاميركي جو بايدن في البيت الابيض. وجد "حزب الله" نفسه منخرطا في معركة لم يحدد هو توقيتها، لكنه قرر عدم الذهاب بعيدا فيها، وبدأ يتحمل مستويات متزايدة من الاستنزاف كي لا يعطي رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو فرصة الحرب الشاملة.
لم يكن الحزب يريد ان يعطي نتنياهو فرصة جر الولايات المتحدة الاميركية الى الحرب في المنطقة، لذلك كان "الصبر الاستراتيجي" هو الخيار الذي دفع ثمنه غاليا ولم يستطع تجنب الحرب التي اندلعت بعد اغتيال الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله. بالرغم من ذلك حافظ "حزب الله" على مستوى معين من التصعيد ولم يخرج عن اي ضوابط فعلية.
قد تكون قدرات "حزب الله" العسكرية مسّت بشكل فعلي خلال الضربة الاولى وهذا ما قد يؤدي الى الحد من تأثيره في مسار التصعيد العسكري، الامر الذي يشمل الصواريخ الدقيقة والمدمرة، لكن الحزب قد يكون يسير ضمن الاستراتيجية الايرانية الكبرى التي لا تزال تستوعب الضربات الايرانية حتى انتخاب رئيس جديد في الولايات المتحدة الاميركية.
في الايام الماضية، رفعت اسرائيل مستوى تصعيدها مجددا، وبدأت باستهداف المدنيين بشكل يشبه الايام الاولى وبزخم كبير، اذ ان نتنياهو يسعى الى الاستفادة من الايام المتبقية قبل انتخاب رئيس جديد في الولايات المتحدة الاميركية والسيناريوهات المتوقعة بعد ذلك، وممارسة ضغوط كبرى تدفع الحزب الى التنازل سياسيا قبل نهاية الحرب، خصوصا ان الميدان لم يكن ابدا كما تريد اسرائيل.
لكن ماذا لو حصلت الانتخابات الاميركية ووصلت كاميلا هاريس الى البيت الابيض، وقرر "حزب الله" البدء بمستوى جديد من التصعيد على اعتبار ان التصعيد يومها لن يؤدي الى جر واشنطن الى معركة كبرى؟ ترى مصادر مطلعة ان الضغط سيصبح على نتنياهو الذي لن يكون قادرا على تحمل الانتقادات الداخلية التي بدأت تظهر وان بشكل محدود بعد خسائر الجيش الاسرائيلي في لبنان.
كل ما يحكى اليوم عن تسويات لا يزال في اطار المناورات الاعلامية على اعتبار ان الحديث الفعلي لا يزال يحتاج الى وقت اولا لمعرفة كيفية تطور الميدان وثانيا لتظهر الانتخابات الاميركية نتائجها وعندها سيدرك كل طرف ماذا يمكنه ان يحقق سياسيا وميدانيا..