كان لزاماً على الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم في خطابه يوم الأربعاء، أن يتطرّق إلى الخرق الإسرائيلي لمنطقة البترون حيث نفذت قوة كومندوز خاصة عملية خطفٍ للمواطن عماد أمهز.
إن تمَّ التركيز فيما قاله قاسم، فإنه لم يؤكد أو يحسم رواية العدو الإسرائيلي بشأن انتماء أمهز إلى "حزب الله" من عدمه، لكنّ مصادر مقرَّبة من "حزب الله" قالت لـ"لبنان24" إن "الحزب لا يتعاطى مع الأسرى على أساس انتماءاتهم بل على أساس أنهم لبنانيّون ويتوجّب إستعادتهم مهم كلَّف الثمن".
الأمر الأكثر بروزاً أيضاً هو أنَّ قاسم لم يسرُد في تفاصيل الكلام عن غارة البترون، كما أنهُ لم يتطرّق سوى إلى مضمونٍ واحد وهو أنَّه على الجيش كشف حقيقة ما حصل، فيما تساءل عن دور قوات "اليونيفيل" بشأن الرقابة على الحدود البحريّة.
ضُمنياً، فإنّ كلام قاسم يعني بشكلٍ غير مباشر أنّ الحزب لا يريدُ الخوض في تفاصيل كثيرة عن الحرب البحرية التي يمكن أن يخوضها ضد العدو الإسرائيليّ، فـ"أمين عام الحزب" لم يُطلق أيّ وعدٍ باتجاه الردّ على إنزال البترون. الأمرُ هذا تُفسره مصادر معنية بالشأن العسكريّ على أنه يُمثل أمرين أساسيين: الأول وهو أنَّ "حزب الله" لا يريدُ حالياً الدخول في الحرب البحرية لاعتباراتٍ عديدة منها أنّ أي معركة من هذا القبيل سيعني ضرباً لمنصات الغاز الإسرائيلية بالدرجة الأولى، ما يفتح الباب أمام إمكانية استهداف إسرائيل للمرافق الحيوية داخل لبنان.
السيناريو هذا "ليس مستبعداً" من حسابات المعركة كما تقول المصادر، لكنّهُ في الوقت نفسه يفتحُ الباب أمام أمرٍ مهم وهو أنّ أي خطوة يمكن أن يخوضها "حزب الله" باتجاه خوض الحرب البحرية، سيعني تماماً تنفيذ عمليات هجومية وسط إستنفار إسرائيلي كبير.. فهل هذا الأمر حصل؟
أول خطوة في هذه الإطار تمثلت يوم في إعلان "حزب الله" شنّ هجوم بالمُسيرات الإنقضاضية على قاعدة حيفا البحرية التابعة لسلاح البحرية في الجيش الإسرائيلي، والتي تضمّ إسطولاً من الزوارق الصاروخية والغواصات.
الإستهداف هذا هو الأوّل من نوعه على صعيد الحرب البحرية، فالقاعدة المذكورة تتعرض لأول ضربة لها منذ بدء الحرب، كما أن الرسائل من وراء هذا الإستهداف تعني بشكل أو بآخر "إسداء الرد" على إنزال البترون من جهة وتكريس معادلة الحرب البحرية بشكل تصاعدي وصولاً إلى إطلاق هجمات أكبر.
في المقابل، ترى المصادر أن إسرائيل تحاول من خلال "إنزال البترون" تنفيذ عملية الإستدراج التي أرادتها لفتح جبهة بحرية ضدّ "حزب الله" أقله من خلال دفعه لتنفيذ هجماتٍ قد تواجه كمائن قاتلة، ذلك أنّ البحر مكشوف بينما لدى إسرائيل تقنيات جديدة تسمح باكتشاف التسلل تحت المياه. إلا أنّ الحزب، وعبر هجوم قاعدة حيفا البحرية، التفّ على العدو الإسرائيلي بضرب قواعد عسكرية ذات طابعٍ بحري، بينما لم يرد على استهداف منصات بحرية غير عسكرية، وهنا المفارقة الأكبر على صعيد المعركة.
إزاء كل ذلك، فإنّ ما يتبين هو أن "حزب الله" يضع حسابات دقيقة لحربه البحرية ضدّ إسرائيل كي لا يقع المحظور في الوقت الراهن، علماً أن دخول منظومات الصواريخ البحرية إلى واجهة الحرب ليس مستبعداً في وقتٍ قريب وقد يحصل في أي وقت، لكن التوقيت مجهول المعالم..