من الواضح أنّ المعارك الحاصلة في جنوب لبنان وصلت إلى مرحلة من الجمود العسكري، إذ إن العدوّ الاسرائيلي حقّق في الأيام الأولى للحرب من خلال العمليات الجوية كل ما يمكن تحقيقه، وها هو اليوم بات يقوم باستهداف أهداف مدنية في إطار عملية إثبات حضوره في المعركة وأنّ الحرب لا تزال تهدّد عودة المدنيين الى الجنوب والبقاع.
من الواضح أيضاً أنّ المعركة البريّة في الجنوب قد وصلت الى حائط مسدود وفق التكتيكات الاسرائيلية الحالية، ما يعني أن ثمة احتمالين أمام اسرائيل؛ الاول هو إنهاء العملية البرية، ما من شأنه أن يُشكّل هزيمة كبرى تجعل اسرائيل عاجزة عن التفاوض بقوّة لأنّ التفاوض السياسي وما يستتبعه من مكتسبات لا يمكن الحصول عليها من دون دفع عسكري على مستوى الجغرافيا، أي أن تحقق اسرائيل إنجازاً في البرّ وتُحكم سيطرتها على القرى والمدن بواسطة القوات البرية.
أما الاحتمال الثاني فيترّكز حول توسيع العدوّ للعملية البرية والزج بعدد كبير من الآليات في عملية اجتياح كبرى عبر ممرات معروفة جغرافياً في لبنان، وهذا الحلّ قد يشكّل ذروة ما يتمنّاه "حزب الله" اليوم، لأنه سيقود الى الالتحام الذي لطالما أمل به امين عام الحزب الشيخ نعيم قاسم، وحينها سنكون امام اقتحام برّي واسع وإنجاز نسبي، أي أن اسرائيل قد تتوغّل في بعض القرى.
لكن هذا الدخول سيشكّل حالة من الاستنزاف التي لم تشهد اسرائيل لها مثيلاً من قبل، أي أننا قد نشهد تدمير عشرات الاليات والدبابات الاسرائيلية وقتل عشرات الجنود وجرح المئات، وهذا ليس تحليلاً عسكرياً وإنّما قياساً بالنسبة للانتكاسات التي تعرّضت لها اسرائيل في الايام الاولى للعملية البرية عند القشرة الحدودية.
هكذا يصبح الحديث عن تسوية متوقفا أمام هذين الاحتمالين، سواء في حال لم تعد اسرائيل ترغب باستمرار المعركة البرية وواصلت بالمقابل صواريخ المقاومة، بمعزل عن حجمها، دك الشمال والقواعد العسكرية في حيفا وتل أبيب، فإنّ اسرائيل ستتجه بطبيعة الحال الى عملية تسوية الا في حال اتخذت القرار بخوض الحرب مع إيران. وسواء اتجهت الى استكمال حربها البرية، فإنّ التسوية أيضاً ستشكّل بوابة الخروج من الجحيم.