تساءلت صحيفة "كلكلست" الإسرائيلية عن السبب الذي يمنع "حزب الله" في لبنان من إطلاق آلاف الصواريخ يومياً على إسرائيل، موضحة أن الحزب كان لديه عشرات الاف الصواريخ، ورغم تدمير جزء كبير منها، إلا أنه لا يزال يمتلك أعداداً تمكنه من توجيه وابل منها على إسرائيل.
وتقول "كلكلست" إن التقديرات تشير إلى امتلاك حزب الله نحو 150 ألف صاروخ وقذيفة، وهو ما جعله في وقت ما ينجح في ردع إسرائيل.
وذكرت الصحيفة أن الحكومات الإسرائيلية أهملت لسنوات عديدة الحماية العامة في جميع أنحاء المنطقة الشمالية، زاعمة أنه "لم يتبق لدى حزب الله سوى ربع ترسانته الصاروخية، وهو الأمر الذي يطرح سؤالين: "لماذا لم يطلق حزب الله آلاف الصواريخ دفعة واحدة كما كنا نخشى دائماً وهل هو قادر على القيام بذلك؟".
وأوضحت أن معظم القوة الصاريخية لدى حزب الله تعتمد على الصواريخ متوسطة المدى من عائلة غراد التي يصل مداها إلى 40 كيلومتراً، مع صواريخ مثل فجر 5 الإيرانية الصنع، وM302 السورية التي يصل مداها 100 كلم، وذلك إلى جانب أكثر من ألف صاروخ باليستي مثل فاتح 110، وينضم إلى عائلة الصواريخ الدقيقة التي يمكن أن تصل لكل ركن في إسرائيل، فيما تكتمل الصورة بصواريخ قصيرة المدى على شاكلة "بركان وفلق".
إخفاء منصات الإطلاق
وتقول الصحيفة، إن بعض منصات إطلاق الصواريخ كانت مخبأة في قواعد تحت الأرض أو في مخابئ منتشرة في جميع أنحاء المنطقة، لكن الغالبية العظمى منها كانت محمولة على مركبات متحركة يمكن إخفاؤها بسهولة ونقلها من قرية إلى أخرى عند الحاجة حتى يصعب على الجيش الإسرائيلي تعقبها أو معرفة مكانها.
استراتيجية صواريخ حزب الله
وأشارت إلى أن استراتيجية استخدام نيران "حزب الله" قامت على 4 سيناريوهات، في الأول يعمل الحزب على هدف الإرهاق من خلال إطلاق الصواريخ على مستوطنات الخط الشمالي وما خلفه للتخويف والمضايقة، والثاني "الهجوم" باستخدام قوات الرضوان بعملية كبيرة خطط لها الحزب على المستوطنات والقواعد في الشمال تحت غطاء الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى.
وبحسب الصحيفة، فإن السيناريو الثالث هو "الوضع الدفاعي" للرد على الغزو الإسرائيلي للبنان، وفي هذا السيناريو سيتم إطلاق كميات كبيرة من الصواريخ. أما السيناريو الرابع فيحدث بحال غزو إيران من خلال تحالف دولي، وآنذاك يصب حزب الله كل ما لديه على إسرائيل بأكملها.
مع هذا، فقد تساءلت الصحيفة: "ما هو وضع التشكيل المدفعي في الوقت الراهن؟ العدو يطلق النار بطريقة محدودة وغريبة ولا يكاد يستخدم إمكاناته".
وأشارت كلكلست إلى أن حزب الله في الأساس كان يستعد لمعركة طويلة جداً، ينقل من خلالها المزيد من الصواريخ من مستودعات الأسلحة إلى منصات إطلاقها "بعيدة المنال" الغير معروف مكانها ومثبتة على أسطول ضخم من الشاحنات الصغيرة التي لن يتمكن الجيش الإسرائيلي من إيقافها.
مع هذا، تقول الصحيفة إن ضباط الاستخبارات في الجيش الإسرائيلي تمكنوا من معرفة موقع مستودعات الذخيرة الأمامية في جنوب لبنان، ولذلك تم استهدافها عن طريق إسقاط القنابل عليها، فيما استمرت مطاردة منصات الصواريخ طوال الوقت، حيث تم تدمير 140 منصة إطلاق فقط الأسبوع الماضي.
لماذا لا يرد حزب الله؟
وتشير التقديرات إلى أنه لا يزال هناك 30 ألف صاروخ، وأن الفئة الأكثر تضرراً في الصواريخ هي المتوسطة المدى، والتي تعتبر ضرورية للغاية لأي مخطط عملياتي، ولكنها قالت أيضاً إن "30 ألف صاروخ ليست مزحة"، لأن حماس بدأت مخططها في الهجوم على إسرائيل يوم 7 تشرين الأول العام الماضي بعدد أقل من الصواريخ، وتساءلت: "لماذا لا يرد حزب الله على نيران إسرائيل؟".
وذكر التقرير أن استراتيجية حزب الله الآن تركز على الحفاظ على توتر قتالي منخفض، مضيفاً أن التركيز ليس على إلحاق أكبر قدر من الضرر بالمدن ومعسكرات الجيش، بل على إخافة إسرائيل عن طريق إطلاق 20 صاروخاً من 10 منصات إطلاق على مستوطنات مختلفة.
الحفاظ على صورة النضال
كذلك، تقول الصحيفة إنه "إذا قرر قادة حزب الله زيادة تركيز الجهود، فسيأتي ذلك على شكل وابل من عشرات الصواريخ من منصة أو اثنتين على مدينة معينة، لتعطيل الروتين وإثارة الغضب بين السكان"، موضحة أن "حزب الله يلعب على الوقت، فهو لا يحتاج إلى التغلب على القوات الإسرائيلية أو صدها، فهو يحتاج إلى الحفاظ على صورة النضال"، على حد تعبيرها.
وتابعت الصحيفة: "رأينا لماذا لا يوجد لدى حزب الله أي سبب لتوجيه ضربة نارية ضخمة إلى أراضينا، ولكن دعونا نتساءل: إذا استيقظ المسلحون صباح الغد وقرروا إطلاق ألفي صاروخ، فهل يمكنهم ذلك؟"، وأجابت بأنه على الورق نعم يستطيع التنظيم فعل ذلك، فهناك ذخيرة وقاذفات، ولا يوجد نقص في المسلحين، ولكن الضرر البشري على المستوى اللوجيستي سيتطلب الكثير من الارتجال لتجميع كل شيء وتحديد موعد إطلاق الصواريخ، لأن الاستخبارات الإسرائيلية لديها "حواس حادة للغاية" وستكون قادرة على كشف تلك الاستعدادات، وسيتمكن سلاح الجو من استهدافها.
واختتمت الصحيفة تحليلها قائلة: "خلاصة القول، لم يطلق حزب الله قذائف ضخمة لأنه لم يعتبر ذلك ضرورياً، وعندما دخل الجيش الإسرائيلي إلى لبنان، كان المستوى اللوجستي قد تضرر بالفعل بطريقة لم تسمح بمثل هذا القبيل. حزب الله يكتفي الآن بإطلاق قذائف محدودة الحجم لأنها تخدم استراتيجية بقائه من دون إنفاق الكثير من صواريخه المتبقية". (24)