مفارقات عديدة أمكن تسجيلها بالشكل والمضمون والتوقيت على هامش زيارة كبير مستشاري المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية علي لاريجاني لبيروت واللقاءات المختلفة التي عقدها.
وكتبت يابين عويس في "النهار": في التوقيت، حرص المسؤول الإيراني على المجيء إلى بيروت، تزامناً مع الإعلان عن مسوّدة المقترح الأميركي لوقف النار التي حملتها السفيرة الأميركية ليزا جونسون إلى رئيس المجلس نبيه بري، متضمنة التعديلات أو الملاحظات الجديدة المقترحة على الورقة. وجاءت زيارة لاريجاني لتثبيت الوجود الإيراني ودوره في أي تسوية مرتقبة للحرب في لبنان. وهي تجدد تأكيد ما سبق أن قاله الزائران الإيرانيان اللذان سبقا لاريجاني إلى بيروت، وزير الخارجية عباس عراقجي ورئيس مجلس الشورى محمد باقر قاليباف، ومفاده أن طهران هي من تتولى قيادة "حزب الله" اليوم بعدما فقد قيادته. وهذا يترجم حرص الجمهورية الإسلامية على أن تكون الكلمة لها في الرد اللبناني على المقترح.
وبحسب ما تسرب عن مضمون اللقاءات، لا يزال الموقف الإيراني على حاله لجهة إبقاء الكلمة للميدان في انتظار ما سيتبلور من المسار الذي ستسلكه الإدارة الأميركية الجديدة حيال إيران.
وهذا يقود إلى المضمون الذي وزع لاريجاني توجيهاته في ما يخصه على الشخصيات التي التقاها، والتي يفترض أن تكون محور الرسائل المعتمدة في الإطلالات الإعلامية والتحركات الديبلوماسية والسياسية.
وإذا كان الكلام الإيراني في السرايا اقتصر على تثبيت الوجود، فالموقف أُبلغ إلى رئيس المجلس الذي يتولى قيادة المفاوضات مع الجانب الأميركي. وفي هذا السياق، علم أن بري لم يتسلم ورقة مكتوبة من جونسون، بل مقترحاً من خمس أوراق و13 بنداً، وقد تحادثت مع بري في شأن الملاحظات والتعديلات شفوياً وليس خطياً لتلافي تسريب الورقة، وإبقاء المحادثات في شأنها سرية. وفعلت الأمر نفسه عند ميقاتي حيث أبلغته بنتائج محادثاتها مع بري من دون أن تسلمه مقترحاً رسمياً، وهي تنتظر أن تتبلغ من بري جواب الحزب يوم الإثنين المقبل ليصار على أساسه إلى تحديد الخطوات المقبلة.
ورغم النفحة التفاؤلية التي حرص بري على بثها، تستبعد مصادر مواكبة للمفاوضات أن تؤدي إلى اتفاق قريب على وقف النار في ظل تمسك إسرائيل بشروطها حيال حرية تحركها في لبنان، وهي النقطة الخلافية الأبرز في المقترح، بقطع النظر عن بند إنشاء لجنة مشتركة للولايات المتحدة الأميركية، إلى جانب ضابط في "اليونيفيل" ليتولى الدور الأكبر في المراقبة والإشراف على تطبيق القرار الدولي 1701.