عادت المواقف الداخلية المتناقضة الى التصاعد وكان ابرزها اعتبار الامين العام لحزب الله "أننا امام انتصار كبير يفوق انتصار 2006"، واعتبار رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع"أن حزب الله" ارتكب جريمة كبرى بحق كل اللبنانيين في العام الماضي، ولا سيما في حق أهالي الجنوب والضاحية والبقاع".
وكتبت" النهار": أدهش الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم الرأي العام اللبناني والعربي بخطابه الأول بعد إعلان اتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل الذي وافق عليه الحزب بحذافيره ، اذ شكل هذا الخطاب واقعياً ذروة المكابرة والإنكار من خلال اعلان قاسم "الانتصار" في الحرب الأخيرة مع إسرائيل واصفاً هذا "النصر" بأنه أكبر" من "الانتصار الإلهي" بعد حرب تموز 2006. وإذ جاء "خطاب المكابرة" هذا وسط تصاعد الضجة السياسية والإعلامية حيال التداعيات والآثار الثقيلة جداً لمعظم بنود اتفاق وقف النار على صورة "حزب الله" لجهة تضمنها موجبات حاسمة لإنهاء هيكليته المسلحة والتزام تنفيذ القرارت الدولية التي تنزع سلاحه ووضع حد حاسم لوجوده في جنوب الليطاني ناهيك عن إبقاء المجال مفتوحا امام إسرائيل في التحكم بمفاصل ميدانية ضمن مهلة ال 60 يوماً وبعدها، فإنّ إعلان الشيخ نعيم قاسم "النصر" بالتبريرات التي أوردها زاد الاقتناعات بأنّ الحزب ينبري إلى مزيد من الدعاية المكابرة والإنكارية لحجب الحجم الكبير للخسائر التي مني بها من جهة ولمحاولة صد المحاسبة السياسية والإعلامية والمعنوية التي تحمله كامل التبعات والمسؤوليات عن الكارثة التي ضربت لبنان عبر هذه الحرب.
وكتبت" الاخبار":غداة كل حرب يشنّها العدو الإسرائيلي، تخرج بعض القوى اللبنانية لتلوم الضحية لا الجلّاد، حتى تكاد تتماهى مع العدوّ في تبرير المجازر والاعتداءات. وهذه المرة، لا يبدو الأمر مختلفاً عمّا كان عليه غداة حرب تموز 2006، حين كشفت وثائق ويكيليكس ما كانت قوى 14 آذار تضمره للمقاومة وللبنان، بما في ذلك أداء قيادات تتحدث عن السيادة دور المخبر والواشي لدى الأميركيين. يومها، وبينما كان الناس يعودون الى منازلهم المدمرة، ولم يدفنوا شهداءهم، خرجت الأصوات نفسها لتُبشّر بهزيمة المقاومة وتطالب بنزع سلاحها. قبلها أدّى لقاء البريستول الدور نفسه، ممهّداً لصدور القرار 1559.
يبدو أن هذا اللقاء يشعل مرارةً في قلب رئيس حزب «القوات اللبنانية»، سمير جعجع، الذي يسعى عبثاً الى استعادة مشهد «البريستول» في معراب من دون أن ينجح مرتين في ذلك. فاختار يوم أمس أن يعقد اجتماعاً استثنائياً، بحضور تكتله النيابي وهيئته التنفيذية، ليسرد أمامهم خطة ما بعد انتهاء حرب تشرين 2024. واستراتيجية «الحكيم» تتضمن ما فشل العدوّ في تحقيقه ميدانياً، وما تراجع عن المطالبة به في الاتفاق. فطلب «الحكيم» وضع خطة لتفكيك بنية المقاومة العسكرية شمال الليطاني، ناصحاً حزب الله بإعادة سلاحه الى إيران، مكرراً لازمة أن الدفاع عن لبنان ليس بالأمر الصعب.
وكتبت" نداء الوطن": استرسل قاسم في "مخيلة النصر" ليقول "انتصارنا اليوم يفوق انتصار عام 2006". هذا التسويق الدعائي لتعويم الانتصار ناتج عن أمرين:
أولاً: عدم تقبل "الحزب" للهزيمة المدوية التي لحقت به عسكرياً. لقد خسر أمينه العام حسن نصرالله، رئيس المجلس التنفيذي هاشم صفي الدين، والقادة فؤاد شكر، علي كركي، محمد حيدر، نبيل قاووق، ووسام الطويل وجميع قادة وحدة الرضوان وآلاف العناصر بين قتيل وجريح.
ثانياً: سياسياً لم تهضم كوادر "الحزب" تجرع سم بنود اتفاق وقف إطلاق النار وورقة الضمانات الأميركية الإسرائيلية والتي تشبه نوعاً من وصاية أمنية على كل لبنان، تلتزم عبرها الولايات المتحدة بالتعاون مع إسرائيل كبح جماح أنشطة إيران المزعزعة في لبنان بما في ذلك منع نقل الأسلحة أو أي دعم من إيران.
إن كانت هذه الهزائم المتتالية، معطوفة على حرية التحرك الاسرائيلي وتوغل دباباته في الخيام وتقييد حق عودة الجنوبيين إلى 72 بلدة حدودية، وتقييد حركة "الحزب"، قد شكلت انتصاراً في عقل الشيخ قاسم، فيبدو أن "متلازمة الوهم" تضرب عميقاً إلى حد تحويل مفهوم الانتصار إلى حماقة بكل المعايير السياسية والنفسية.
وكان الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم قال "اننا أمام انتصار كبير يفوق الانتصار الذي حصل في تموز 2006 بسبب طول المدة وشراسة المعركة والتضحيات الكبيرة وكان هناك جحافل من الأعداء مع كل الدعم الأميركي والغربي ووقفنا سدّاً منيعاً وحققنا الإنجاز ومنعنا العدو من تدمير حزب الله ومنعناه من إنهاء المقاومة أو إضعافها وهزمناه لأنّه اضطر أن يبرّر وستبقى المقاومة مستمرة".
ووصف الاتفاق على وقف النار بأنّه "برنامج إجراءات تنفيذية لتطبيق القرار ١٧٠١، وهو يؤكد خروج الجيش الإسرائيلي" وتجاهل البنود الأخرى كافة ليقول إنّ "التنسيق بين المقاومة والجيش اللبناني سيكون عالي المستوى لتنفيذ إجراءات الاتفاق، وهو تمّ تحت سقف السيادة اللبنانية ووافقنا عليه ورؤوسنا مرفوعة بحقّنا في الدفاع".
وقال إنّ "الحرب الإسرائيلية كانت تهدف إلى إبادة حزب الله والإسرائيليون توقعوا تحقيق أهدافهم في وقت قصير، لكن صمود المقاومين الأسطوري أدخل اليأس إلى صفوفهم وأرعب جيشهم".
وأكّد "أننا سنعمل على صون الوحدة الوطنية وتعزيز قدرة لبنان الدفاعية وستكون المقاومة جاهزة لمنع العدو من استضعاف لبنان بالتعاون مع الجيش اللبناني وسيكون حضورنا في الحياة السياسية الاقتصادية فاعلاً ومؤثراً فالرهانات على إضغاف الحزب فشلت" وشدّد، على استكمال عقد المؤسسات الدستورية وعلى رأسها انتخاب رئيس للجمهورية بالموعد المحدد في 9 كانون الثاني".
"القوات اللبنانية"
وجدد رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع انتقاداته ل"حزب الله" معتبرانه "ارتكب جريمة كبيرة بحق اللبنانيين عمومًا، وبحق سكان البقاع والجنوب والضاحية الجنوبية خصوصًا. فقد كنّا بغنى عن مقتل أكثر من 4000 لبناني، وعن تهجير من تهجّر، وتدمير ما تدمّر. ورغم كل هذه الكوارث، لا يزال نواب حزب الله يتحدثون عن "انتصار" بمنطق عجيب غريب لا يمتّ إلى الواقع بصلة" . وشدد جعجع على أنّ "الحرب الأخيرة كانت خدمة لقضية أخرى على حساب لبنان. فمن كلّف حزب الله بإعلان حرب الإسناد؟ الغالبية الساحقة من اللبنانيين كانت ترفض هذه الحرب ولم تكن موافقة على جعل لبنان منصة لصراعات الآخرين". وقال "أنّنا بالأساس لا نعتبر أن سلاح حزب الله شرعي. والقرار الذي وافق عليه الحزب بنفسه لوقف إطلاق النار يشكّل أكبر دليل على عدم شرعية هذا السلاح"، مؤكّداً أن "لا وجود لمعادلة "جيش شعب مقاومة" بحسب الاتفاق الموقع لوقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل، بالنسختين العربية والإنكليزية" لافتاً إلى أنّ "حزب الله وافق على قرار وقف إطلاق النار وعليه أن يكون صادقًا مع نفسه ويفي بالتزاماته. يجب أن يتم تنفيذ القرار من خلال الجلوس مع قيادة الجيش اللبناني وبدء عملية تفكيك البنى التحتية العسكرية على الأراضي اللبنانية كافة، كما ينص الاتفاق". وقال: "ولّى زمن عدم تنفيذ الاتفاقات والتعهدات. الحكومة ومجلس النواب، كما حزب الله، يجب أن يقفوا أمام مسؤولياتهم ويعملوا على تنفيذ ما تم الاتفاق عليه بما يخدم مصلحة لبنان ويؤمن استقراره. ووفق الاتفاق، السلاح يجب أن يبقى في يد الجيش اللبناني والقوى الأمنية فقط". وتابع: "أوعا حدا يفكر إنو ممكن نرجع لمرحلة ما قبل 7 تشرين الأول 2023. مستحيل نعود إلى ما كنّا عليه سابقًا. وإذا ما بدكن دولة، قولو لنعرف حالنا شو بدنا نعمل. لبنان لا يمكن أن يبقى على هذا الحال من دون وضوح أو مسؤولية من الجميع".
الكتائب
وبدوره اعلن المكتب السياسي الكتائبي بعد اجتماعه برئاسة رئيس الحزب النائب سامي الجميل "ان اللبنانيين يجدون أنفسهم أمام تطبيق جدّي للقرار 1701 والذي كان يمكن تطبيقه بحذافيره من دون الاضطرار إلى دفع هذه الضريبة من الضحايا والدمار والانهيار التام للمؤسسات واستجرار وصاية جديدة على البلد بعد سلسلة من الحسابات الخاطئة والرهانات الكاذبة". واعلن" إن حزب الكتائب يؤكد أنه بعد كل ما حصل لا بد من العودة إلى أصول بناء الدول والأسس التي قام عليها لبنان وإلى دولة المؤسسات والمواطنة والحرية والسلام والازدهار ولهذه الغاية شروط واضحة ومحاذير لا يجب أن تتكرّر:
- لا عودة إلى وجود السلاح خارج إطار الجيش اللبناني.
- لا عودة إلى الاستئثار بقرار الحرب والسلم.
- لا عودة إلى دولة المزرعة ومنطق الاستقواء والفرض".
ورحب المكتب السياسي بدعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري عقد جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية "ولو أنها أتت متأخرة وبكلفة فادحة، على أمل أن تكون النيّات صافية والإرادة حاضرة لتثمر الجلسة رئيسًا على قدر المرحلة وأن تتم العملية الانتخابية تحت سقف الدستور من دون اجتهادات وأن ينسحب الأمر على تشكيل الحكومة لتكون مناسبة لترميم ما تهدم من مؤسسات وبنى تحتية".