Advertisement

لبنان

لا إنتصارات في الحرب

اندريه قصاص Andre Kassas

|
Lebanon 24
02-12-2024 | 02:00
A-
A+
Doc-P-1286710-638687251974749763.jpg
Doc-P-1286710-638687251974749763.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
في اللحظة التي أُعلن فيها بدء سريان مفعول وقف إطلاق النار على لبنان ومنه حضرتني "سالفة" سمعتها من أكثر من عراقي عندما زرت بغداد في العام الذي تلا وقف الحرب العراقية – الإيرانية. وتقول "السالفة" أنه يوجد في كل بيت عراقي سيف وبندقية و"خازوق". فالسيف يرمز إلى القادسية الأولى، والبندقية هي رمز للقادسية الثانية. أمّا "الخازوق" فهو سيكون من نصيب كل من يفكّر في أن يجرّ العراقيين إلى قادسية ثالثة.
Advertisement
وإذا سألنا معظم اللبنانيين اليوم عمّا إذا كانوا يفضّلون الحرب أم العيش بسلام لأتت أجوبتهم الصادقة والعفوية بتكرار مقولة "لعنة الله على الحرب"، من دون أن ننسى أن شعارات الانتصار قد رفعت منذ اللحظة الأولى لوقف النار تحت شعار "انتصار لو شو ما صار". ولكن المنطق السليم يقول بأن لا منتصرين في الحرب. فما خلفته حرب الستين يومًا من كوارث وما نتج عنها من شهداء ودمار وتهجير لا يمكن وضعه إلا في خانة الخسارة الجماعية. وهذه الخسائر الفادحة ستبدأ بالظهور تباعًا بعد أن يبرد الجرح، وبعد زوال المظاهر الاحتفالية بانتهاء الحرب وتسجيل مواقف بطولية لجهة منع العدو الإسرائيلي من تحقيق أهدافه الاستراتيجية التي حدّدها رئيس حكومة الحرب في إسرائيل بنيامين نتنياهو عندما تحدّث عن "شرق أوسط جديد". ولعل أصدق من تحدّث عن تكلفة النصر هم الرحابنة في مسرحية بترا، عندما غنّت "يا ملك النصر وقف الساعة اللي جاية لو تعرف شو كلّف النصر…! اشياء انقالت واشيا ما نقالت وبعدا وراء الدمع مخباية".
إلاّ أن مجرد إلقاء نظرة ولو خاطفة على البنود الثلاثة عشر الواردة في اتفاق وقف إطلاق النار لرأينا كنتيجة عملية أنه كان في الإمكان تلافي هذه الحرب وتجنيب لبنان كل هذه الخسائر، التي لا يمكنه تحمّلها وحده. ففي هذا الاتفاق يُلاحظ في بنديه الأول والثاني إلزام كل من "حزب الله" وإسرائيل بعدم تنفيذ أي عمل هجومي، سواء أكان من لبنان أو من إسرائيل. أمّا ما ورد في البند الثالث لجهة اعتراف كل من لبنان وإسرائيل بأهمية القرار 1701، الذي لو طّبق من قِبل طرفي الصراع منذ اليوم الأول لإعلانه على أثر حرب تموز في العام 2006 لما كانت هذه الحرب بوجهيها الاسنادي والهجومي قد أدّت إلى ما أدّت إليه.
 ويبقى ما جاء في البند الرابع لجهة "حق كل من إسرائيل أو لبنان في ممارسة حقهما الأصيل في الدفاع عن النفس"، مدعاة قلق دائم باعتبار أن إسرائيل لن تعدم من الحجج لكي تدّعي أنها تدافع عن نفسها من أي مصدر قد يشكّل خطرًا على أمنها الشمالي. وهذا ما هو حاصل عندما يقدم الجيش الإسرائيلي على إطلاق النار في اتجاه بلدات عيتا الشعب والخيام وكفركلا وغيرها من القرى والبلدات بحجة الاشتباه بحركة استفزازية كما يدّعي. وهذه الشبهات قد تكون من بين ذرائع كثيرة ستلجأ إليها إسرائيل في المستقبل للتملص من التزاماتها.
وما جاء في البند الخامس لجهة أن "تكون قوات الأمن والجيش اللبناني الرسميان هي الجهات المسلحة الوحيدة المسموح لها بحمل السلاح أو تشغيل القوات في جنوب لبنان" هو ما نصّ عليه القرار 1701، وما تضمنته وثيقة الوفاق الوطني، على أن تشرف الحكومة اللبنانية على بيع الأسلحة أو توريدها أو إنتاجها أو المواد ذات الصلة بالأسلحة في لبنان، فضلًا عن تفكيك جميع المنشآت غير المصرح بها المعنية بإنتاج الأسلحة والمواد ذات الصلة بالأسلحة، وسيتم تفكيك جميع البُنى التحتية والمواقع العسكرية، ومصادرة جميع الأسلحة غير المصرح بها التي لا تتوافق مع هذه الالتزامات.
فهذه البنود التي وافق عليها لبنان الرسمي بعدما أخذ الرئيس نبيه بري موافقة "حزب الله" هي لمصلحة معنوية للدولة اللبنانية في الدرجة الأولى، خصوصًا أن البندين الخامس والسادس تشمل مفاعيلهما كل الأراضي اللبنانية وليس فقط منطقة جنوب الليطاني، مع أن الخاسر الأكبر من حيث حجم الدمار غير المسبوق هو لبنان، الذي يعاني أزمة اقتصادية تحتاج إلى كل دقيقة ضاعت في لحظات التخّلي، وإلى كل جهد لإعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل أن "تطير" أموال المودعين، وقبل 17 تشرين الأول من العام 2019، وقبل أن تنهار مؤسسات الدولة، الواحدة تلو الأخرى.
فالبندان الخامس والسادس من هذا الاتفاق هما تطبيق عملي وغير مباشر للقرار 1559، وتطبيق لوثيقة الوفاق الوطني.
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك
Author

اندريه قصاص Andre Kassas