على الرغم من استمرار العدوان الإسرائيلي على لبنان وخرق وقف اطلاق النار وتبدّل الأحوال الجوية، ومع انخفاض نسبة اللبنانيين الذين اتخذوا قرار النزوح إلى سوريا، يحاول عدد كبير من السوريين استغلال التسهيلات القائمة والدخول إلى سوريا عبر أي معبر كان، مستفيدين من الإجراءات شبه البسيطة التي أعطت الحكومة السورية أوامر بوجوب اعتمادها.
مشهدية الأعداد الكبيرة من النازحين إلى سوريا والتي بلغت أكثر من 600 ألف شخص (65% منهم سوريون) لا يعني أن الأوضاع في سوريا هي في أفضل أحوالها، لا بل على العكس من ذلك تمامًا، إذ إنّ حرب لبنان ارتدت وبشكل مباشر على سوريا، التي كانت أصلا تعاني على المستويين السياسي والاقتصادي، فيما ضاعفت الضربات الإسرائيلية للبنان والخناق الإقتصادي من الأزمة السورية، إذ شُلَّت حركة التجارة بينها وبين بيروت بشكل شبه كامل، عقب الضربات الإسرائيلية المتتالية للمعابر الأساسية التي تربط بين البلدين.
يقولُ مصدر أمنيّ لـ"لبنان24" إنَّ اللبنانيين بدأوا فعليا في العودة إلى لبنان، إذ ما بين الحرب الإقتصادية الصعبة التي واجهوها في سوريا، وتحمل تبعات الحرب داخل بلدهم وبين أهلهم، كان القرار الثاني أهون عليهم من النزوح إلى سوريا، على الرغم من الاستقبال الذي أظهره المجتمع السوري، الذي أصلاً تعاني بنيته التحتية من تبعات كبيرة جرّاء الحرب الطاحنة التي عاشتها البلاد هناك.
يؤكّد المصدر أن غياب الدعم الدولي اللازم من قبل الجهات المعنية سرّع في مكان ما من وتيرة العودة إلى لبنان. وحسب المصدر، فإن العودة لا تقتصر فقط على اللبنانيين، لا بل تشمل أيضا السوريين الذي لم يروا أن هناك إمكانية للإنطلاق من الصفر في بلادهم، علمًا أنّ العائدين توزعوا ما بين المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية، والتي تعاني من حصار اقتصادي قاتل، أو اتجه إلى المناطق التي تسيطر عليها المجموعات المسلحة الأخرى التي استولت على الاملاك والبيوت، ولم تعترف بحق الملكية للسوريين الذين فرّوا وتركوا بيوتهم واملاكهم خلال الحرب، وهذا ما فتح الباب للمنظمات والجمعيات التي كان لها الدور الكبير في عملية الاستجابة للنزوح.
ويرى المصدر نقلاً عن نازحين عادوا إلى لبنان، أن خيار العودة إلى بيروت هو أفضل من الناحية الاقتصادية، إذ إن السوق الموازي في سوريا لا يزال هو الحاكم، سواء على صعيد المحروقات، أو العملة الصعبة، وبدلات الإيجار، وصولاً إلى الاحتياجات اليومية.
ويؤكّد المصدر أنّ اللبنانيين في شكل عام والسوريين في شكلٍ خاص قد وقعوا ضحية خيارين، فإمَّا مواجهة الأمن والاقتصاد في سوريا، أو مواجهة آلة الحرب في لبنان، التي يرونها في الوقت الحالي الخيار الأكثر صوابية.
ومن هنا، رأى المصدر الامني، أن موجة النزوح الكبيرة التي شهدها لبنان من ك السوريين لا تعني أنّها بداية حل أزمة الوجود السوري في لبنان، حيث أشار إلى أنّه بمجرد توقيع اتفاقية وقف إطلاق النار، فإن أكثر من 75% من السوريين الذين دخلوا إلى سوريا سيعودون إلى لبنان، وذلك كله يبقى متوقفًا على قرار السماح بالعودة التي ستفرضه الحكومة السورية على الحدود، خصوصاً أنَّ المعابر غير الشرعية قد تمّ تدميرها بشكل شبه كامل من قبل إسرائيل.