أقامت حركة "أمل" بمشاركة الاف المواطنين مراسم تشييع شهدائها الذين دُفنوا كوديعة في مدينة صور خلال العدوان الإسرائيلي وهم : أسعد رسلان، بسام الموسوي، جوزف البدوي، حسن عيسى، حسن جشي، حسن كيكي، حسين شور، حسين رميتي، حسين مسلماني، حمزة فياض، زين العابدين خليل، سليمان مرعي، عبد الله الموسوي، عصام بلحص، علي نجدي، عماد بلحص، قاسم جعفر، محمد نزال ومهدي عبد الرضا، وذلك بحضور نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب، عضو هيئة الرئاسة النائب قبلان قبلان، النواب: أيوب حميّد، علي خريس، عناية عز الدين وأشرف بيضون، الوزير السابق محمد داوود، مفتي صور وجبل عامل القاضي الشيخ حسن عبد الله، رئيس المكتب السياسي في حركة "أمل" جميل حايك، رجال دين من الطائفتين المسيحية والاسلامية، وفود من الأقاليم الحركية وفاعليات وحشد غفير من أهالي صور والقرى المجاورة.
ومع وصول جثامين الشهداء الى ساحة القسم، بدأت مراسم التشييع على وقع عزف الفرقة الموسيقية لكشافة الرسالة الاسلامية، وبعد قراءة آيات من القرآن الكريم والنشيدين الوطني ونشيد حركة أمل، وتعريف من المسؤول الإعلامي لإقليم جبل عامل علوان شرف الدين، كانت كلمة للشيخ الخطيب جاء فيها:
"من ساحة القسم في مدينة الامام السيد موسى الصدر، مدينة صور، مدينة صور العصية على الغزاة والمعتدين. من مدينة صور التي فضلت الاستشهاد الف مرة ومرة ، على ان تفتح ابوابها للغزاة والطامعين. من مدينة صور المحتضِنة للتاريخ المرصّع بالعزة والكبرياء والشهامة ..من مدينة صور باب الكرامة والرجولة والعنفوان.. من مدينة صور التحدي للتاريخ والجغرافيا.. من مدينة صور صانعة مجد لبنان في منعطفات تاريخه الحديث وتحولات المصير في السياسة والاجتماع والقرار، بعملاقيها الكبيرين الامامين السيد عبد الحسين شرف الدين، وبالاخص في الوقت الراهن الامام موسى الصدر الذي عبّد للبنان الطريق ليكون الرقم الذي يصعب تجاوزه، وان يكون حل ازمات المنطقة على حسابه، بما سطره ابناء الامام السيد موسى الصدر في لبنان وابناء صور عروس جبل عامل، مدينة وريفا وجبلا من بطولات في وجه العدوان، دفاعا عن كرامتها التي اريد لها ان تُداس، دفعت ثمنها غاليا من وجودها البشري والعمراني، شهداء وخرابا للبنية الاجتماعية والاقتصادية".
أضاف:" لقد اريد الانتقام من صور لإخضاع لبنان لشروط العدو، فاختارت صور حين خُيّر لبنان بين السلة والذلة، بين الاستسلام وبين الصمود، بين عزة لبنان وبين ذلته، اختارت عزة لبنان وان تدفع ثمن ذلك من حسابها، اذ كان هذا الخيار الحسيني هو الارضية الصلبة التي استند اليها المفاوض اللبناني الوطني دولة الرئيس نبيه بري، فأثقل الصمود الصوري كفة الميزان التي أفشلت نتائج العدوان الاسرائيلي في الميدان وفي الاهداف السياسية لصالح لبنان.. فلكم ولكل اهلنا وقرانا ومدننا الشريفة في الجنوب والبقاع والضاحية وكل لبنان يدين لكم لصبركم وتضحياتكم ولشهدائكم وجرحاكم".
وتابع: "اليوم اتينا اليكم لنقوم بواجبنا بالوقوف الى جانبكم ومشاركتم تكريم شهدائكم الابرار، فمصابكم مصابنا والكلام وحده ليس كافيا. فعلى الدولة ان تقوم بواجبها في تعويض الخسائر والقيام بإعمار ما تهدم في كل المدن والقرى، وبالاخص في صور لرمزيتها وخصوصيتها ودورها في تقوية دور المفاوض في افشال اهداف العدوان على لبنان. وكذلك نشر الجيش اللبناني في الجنوب واخراج قوات الاحتلال منه ووقف الاعتداءات المستمرة من قبل العدو".
واردف: "إننا أيها الأخوة والأخوات، نطمح إلى دولة قوية عادلة تحمي حدودها وتحمي أهلها..دولة تغنينا عن دفع الأثمان الباهظة كلما خطر لعدو أن يعتدي على كرامتنا..دولة توفر علينا الدماء الطاهرة الأبية من مثل هؤلاء الذين نودعهم اليوم..ليس لنا مشروع خاص في هذا البلد..ما نريده فقط أن نكون شركاء أعزاء في هذا الوطن، في دولة المواطنة التي نريدها كما أرادها الإمام الصدر، وطنا نهائيا لجميع أبنائه ،لا فضل فيها لأحد على آخر إلا بما يقدمه من تضحيات في سبيل هذا الوطن والحمد لله قدمنا الكثير الكثير ".
وقال الشيخ الخطيب: "تحية لمدينة صور واهل صور لموقفها التاريخي، تحية لشهدائها ولكل الشهداء الذين سيذكرهم التاريخ بكل الفخر والاعتزاز.. تحية لاهل الشهداء الذين ندين لتضحياتهم وصبرهم، هؤلاء الكرام والاعزاء الذين اختاروا خط اهل البيت قدوة، وزينب نموذجا يقتدون بها في الصبر على المصائب والنوائب، فلم تكسرهم ولم تحط من عزائمهم، وانما زادتهم قوة وصلابة في الدفاع عن الشرف والكرامة.. ومع ان الثمن كان مفجعا ولكنهم سطروا ملحمة اسطورية. فالعدو لم يفلح في تحقيق أهدافه".
اضاف: " لقد دفع الامام الحسين دمه وابناءه شهداء للحق والكرامة، وزينب رفعت بيديها الجسد الشريف لأخيها الامام الحسين، وهي امرأة وحيدة اسيرة تخاطب ربها: اللهم تقبل منا هذا القربان، بينما كان العدو ينتظر مع نتائج المعركة ان يراها ذليلة ومكسورة ومهزومة تستجدي منه العطف والرحمة، فوجد العكس واحسسته انه هو المهزوم، وانها هي المنتصرة وهو الواقع، حيث افشلت شهادة الامام اهداف العدو، وهو القضاء على الحق والدين وهذا هو المعيار في كلامها ليزيد : فكد كيدك، واسع سعيك، وناصب جُهدَك، فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا، ولا يرحض عنك عارها، وهل رأيك الا فند، وأيَّامك الا عدد، وجمعك الا بدد، يوم ينادي المنادي ألا لعنة الله على الظالمين. الرحمة للشهداء والشفاء العاجل للجرحى والمصابين، ولأهلهم عظيم الصبر والاجر.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".
حميد
ثم كانت كلمة حركة "أمل" ألقاها النائب حميّد حيّا فيها الشهداء "الذين ارتقوا وفاءً لخط ونهج قائدهم وللقسم العظيم في هذه المدينة العظيمة، التي شكلت انطلاقة الخط الكربلائي والحسيني وخط التغيير في هذا الوطن لمواجهة الظلم والقهر، هذا الوطن النهائي لكل أبنائه الذي أعلنه الإمام موسى الصدر والذي يسير على نهجه حامل الأمانة الرئيس نبيه بري، هذا الوطن الذي يدفع الأهل والأبناء والمضحين الدماء الطاهرة في مواجهة الأطماع الإسرائيلية، وليكون لبنان وطن العزة والكرامة".
وقال:" إن التضحيات مهما غلت وتسامت فإنها تبقى قليلة أمام التاريخ لهذه الأرض المباركة، وأنتم اليوم في حضوركم ومشاركتكم إنما تثبتون هذا النهج الذي أعلنه الإمام الصدر أن كونوا فدائيي هذه الأرض إذا حاول العدو تدنيسها، ولذلك كان هؤلاء الأبطال استشهاديين مقاومين وكان الدفاع المدني الرسالي و كشافة الرسالة الاسلامية الجنود وخط الخط الملتزمين في إغاثة الملهوف ومساعدة كل جريح وبلسمة الجراح"، مؤكداً أن "المضحين في هذه المسيرة يثبتون أنهم حراس هذه الأرض المباركة دائماً".
وأضاف: " هناك تحولات تجري على مستوى المنطقة، لذلك كانت دائماً الدعوات الى تلاقي اللبنانيين ووحدتهم الداخلية والحرص على التلاقي حتى مع من قد نختلف معهم في المواقف وقضايا الوطن، لأننا أحوج ما نكون الى وحدة داخلية وإلا فعلى الوطن السلام، لأن الأطماع الدولية وسيناريوهات رسم المنطقة بأكملها لن تترك وطناً واحداً".
وختم حميد: "دماؤكم الطاهرة التي روت أرض الجنوب كانت دفاعاً عن الإنسان وكرامته والقضية المقدسة فلسطين والقدس الشريف، وإن كان المسار طويلاً ولكنه يُعبّد بالدماء والأجساد الطاهرة، وهكذا تعلمنا من مدرسة الإمام الصدر أن نكون أوفياء للمبادئ وللقسم العظيم، وليبقى لبنان ويُحفظ بحدوده وتاريخه وأرضه وإرثه".
بعدها انطلقت مواكب التشييع باتجاه مسقط رأس الشهداء، تقدّمها سيارات الاسعاف التابعة لجمعية الرسالة للإسعاف الإسلامية (الدفاع المدني)، حيث سيوارى الشهداء في ثرى بلداتهم.