سيناريوهات كثيرة بدأت تحكم العلاقة بين الأطراف في سوريا، وترسم تالياً المسار السياسي للمرحلة المقبلة وكيفية تطور المشهد بعد الحدث المفاجىء والسريع الذي سيطر على الساحة والجغرافيا السورية من أقاصي إدلب حتى الجنوب.
احد السيناريوهات المطروحة هو أن تنجح قوى المعارضة في تشكيل حكومة جديّة تكون قادرة على ادارة شؤون الدولة، وبغضّ النظر عن مدى نجاحاتها الانمائية في الحكم، الا انها ستشكّل نقلة نوعية ومخاضاً قد يطول ويؤدي الى انتقال سوريا من ضفّة الى اخرى.
هذا السيناريو يستوجب أن يبقى طرف واحد فقط متصدّراً للمشهد، أي احمد الشرع (الجولاني) مع المعارضة التي جاءت من الشمال، وتحديداً من إدلب، الذين سيمسكون زمام السيطرة وليس مجموعات المعارضة الاخرى التي أتت من شمال الرقة أو جنوب درعا.
ثمة هواجس تنقلها مصادر سياسية مطّلعة تتحدّث عن سيناريو خطير يتمحور حول الاقتتال الداخلي بين الأطراف الطائفية، وحينها سيرتفع احتمال انقسام سوريا وتقسيمها الى أقاليم درزية وكردية وسنية وعلوية، وهذا الامر وارد جداً بل ومطروح كسيناريو محتمل، غير أن مصادر أخرى ترى أن هذا السيناريو ضعيف جداً إذ إنّ ثمة إجماع إقليمي ودولي على عدم حصول إشكالات ومعارك طائفية بين القوى المتناحرة.
اما السيناريو الثالث فيتمثل في وقوع خلافات كبرى بين قوى المعارضة واشتباكات تدوم طويلاً بين الاطراف المتقاتلة ما من شأنه أن يؤدي الى فوضى شاملة وطويلة الأمد وعدم قدرة "الثورة" على إنتاج سلطة جديدة وبالتالي الذهاب نحو إرباكات امنية وسياسية في الداخل السوري.
وتعلّق مصادر عسكرية مطّلعة على السيناريو الثاني بالقول بأنّه "من الغباء استبعاد هذا السيناريو تماماً من المشهد الراهن، ذلك لأن ما كان يجمع الفصائل المتناحرة هو هدف اسقاط النظام السوري، وبالتالي فإنّها بعد تحقيق هدفها قد تعود الى مربع الخلافات السابقة بغية تحقيق مكتسبات.
وتضيف المصادر أنه من الخطأ حصر المرحلة المقبلة بالفصائل المسلحة التي سيطرت على سوريا، بحسب توصيفه، لافتاً الى أن لاعبين رئيسيين في حلبة الصراع لا يمكن تجاوزهم، إذ ان القواعد الروسية لا تزال في سوريا، اضافة الى الطموح التركي الاساسي الذي يتركز حول الاستيلاء على الشمال السوري، بالاضافة الى ايران التي تسعى لإعادة ترتيب أوراقها في الداخل السوري والولايات المتحدة الاميركية التي من المستحيل أن تستغني عن مكتسباتها بعد سقوط النظام، واسرائيل التي لم تتأخر عن توسيع عملياتها العسكرية في سوريا بهدف الاستيلاء على أراضٍ جديدة لضمّها والاحتفاظ بالجولان.
وتختم المصادر بأنه من المفيد ان ننظر الى سوريا في المرحلة المقبلة في عين المنطقة، فالتحولات الجديدة التي طرأت تشكّل قلقاً كبيراً على دول المنطقة سيما مع عودة سيطرة " الحركات الاسلامية" والتي فشلت تاريخياً في ادارة الدولة نظراً للخلافات الكبيرة بينها والانشقاقات التي حصلت في صفوفها بسبب غياب الايدولوجية الدينية من خطابات بعض القادة.