بدأت سخونة المشهد السياسي تتصاعد مع العدّ العكسي لموعد الجلسة الانتخابية الرئاسية في 9 كانون الثاني المقبل. والبارز في هذا السياق أن سفراء “المجموعة الخماسية”، الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية ومصر وقطر، سيقومون بتحرك جديد بدءاً بزيارة لرئيس مجلس النواب نبيه بري غداً الخميس.
وأفادت مراسلة “النهار” في باريس رندة تقي الدين أمس أن افتتاح اعادة تأهيل كاتدرائية نوتر دام في باريس الذي حضره الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب كان مناسبة للتطرق بين الرئيسين الأميركي والفرنسي إلى الملف اللبناني لجهة تثبيت وقف اطلاق النار فيه والدفع إلى انتخاب رئيس. وواكب ترامب خلال زيارته مستشاره للشرق الاوسط مسعد بولس الذي أجرى محادثات مع المسؤولة عن ملف الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الرئاسة الفرنسية السفيرة آن كلير لوجاندر. اضافت أن بولس الذي كان أعرب عن تفضيله تأجيل انتخاب الرئيس في لبنان وافق في النهاية مع الرأي الفرنسي على ضرورة إنجاز الانتخاب في جلسة 9 كانون الثاني خصوصاً وأنه بعد زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون إلى السعودية خرج الجانب الفرنسي بانطباع أن السعودية لن تنخرط في مساعدة لبنان على صعيد مدّ الجيش بالمساعدات المالية والتجهيز قبل معرفة من سيكون رئيساً وكيف ستكون الحكومة المنوط بها تنفيذ الاصلاحات. ورأى الجانب الفرنسي أن هناك ضرورة للإسراع في الانتخاب نظراً لما يحدث من تغيير في المنطقة بعد سقوط نظام بشار الأسد وتراجع نفوذ “حزب الله”. وقام بولس بزيارة إلى دول الخليج فور انتهاء زيارته مع ترامب إلى باريس.
وترى مصادر فرنسية أن سقوط بشار الاسد سيضعف “حزب الله” إذ أن كل طرق اعادة تزويده بالسلاح قطعت عليه.
إلى ذلك، من المتوقع أن يتحاور ممثلو الدول الخمس المتابعة للملف الرئاسي مع الرئيس بري حول انتخاب الرئيس والأسماء المتداولة هي نفسها قائد الجيش العماد جوزف عون والوزير السابق زياد بارود والنائب نعمة فرام والمصرفي سمير عساف والوزير السابق ناصيف حتي. غير أن احداً لا يجزم من هو المرشح الذي بإمكانه أن يظهر قدرته لدى توليه الرئاسة للقيام بالإصلاحات المطلوبة. وترى المصادر الفرنسية أن الجيش اللبناني يحتاج الآن إلى بقاء العماد جوزف عون على رأسه فهو شخصية ذات كفاءة كبرى وتحظى بثقة المجتمع الدولي لقيادة الجيش، أما الأسماء الاخرى، فهي موضوع نقاش داخلي وباريس ترى ضرورة ملحة في انتخاب رئيس في موعد 9 كانون الثاني المقبل.
وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن الرئيس بري بات يردد الموقف بشأن إتمام الاستحقاق الرئاسي في جلسة التاسع من كانون الثاني المقبل أكثر من مرة ما يدلل على رغبة في عدم تجاوز الموعد المحدد للإنتخاب، وقالت إن الرئيس بري ربما يراكم على سلسلة معطيات أو نجاح مشاورات نيابية قبل هذه الجلسة مع العلم أن النقاشات بدأ يعمل على تزخيمها وهناك لقاءات تمت وأخرى قيد التحضير، على أن تتبلور النتيجة قريبا، مشيرة إلى أن التداول بالأسماء يستمر إلى المرحلة الأخيرة تمهيدا لطرح اسمين أو أكثر.
واعتبرت أن التواصل بين الكتل النيابية يحدد البوصلة بشأن التفاهم المنتظر أي نجاحه أو فشله، إلا أن البعض لم يحسم توجهه بعد تقاطعا أو تحالفا في انتظار بعض الأشارات.
وكان رئيس مجلس النواب قال: اننا سوف نشهد انتخاباً للرئيس في الجلسة المقبلة، نافياً اي نية للتأجيل، ومؤكداً انه على تفاهم مع اللجنة الخماسية (التي تضم السعودية ومصر وقطر والولايات المتحدة الاميركية وفرنسا).
واعتبر ان انتخابات الرئاسة تعزز مناعة لبنان، بعد ان ادى اتفاق وقف النار الى تحصين لبنان من الخضات.
واستبعد بري اي تأثيرات سلبية لما حدث في سوريا على لبنان، ورأى انه لغاية الآن: المستفيد الاول اسرائيل والمستفيد الثاني هو تركيا، مكتفياً بهذا القدر من التسميات..
وكتبت" الديار":بحسب المعلومات لا يزال بري يحاول ان يدفع بمرشح قريب منه، فيُقنع به حزب الله كما قوى المعارضة تجنبا لتكرار تجربة الرئيس ميشال عون الذي انتُخب خلافا لارادته. ولم يعد خافيا انه وضع على الطاولة اسماً، وان لديه اسمين آخرين يتجنب احراقهما، وسيضعهما على الطاولة في الوقت المناسب، بعد ان يتأكد بأن طريق الاسم الاول الى قصر بعبدا مقطوع تماما.
من جهته، لا يبدو رئيس "التيار التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل مرتاحا تماما لتطور الامور. فصحيح ان ترشيح خصمه اللدود سليمان فرنجية وصل الى نهايته، الا ان ترشيح خصمه الآخر العماد جوزيف عون لا يزال متصدرا الترشيحات. وليس خافيا ان باسيل يخشى ان دخول لبنان والمنطقة في "الزمن الاميركي" ،يرجح امكانية الضغط لفرض ترشيح عون في اللحظات الاخيرة ، خاصة وانه وفق آخر "البونتاجات" فان تأمين نحو 86 صوتا لانتخابه امر متاح في حال دخول اميركي- سعودي- قطري على الخط. ولا تستبعد المصادر ان يعود الرئيس بري للسير بترشيحه في حال استشعر هذا الكم من الضغوط. وبذلك تكون صفعة انتخاب عون اقوى على باسيل منها على حزب الله، الذي لم يخرج يوما لانتقاد عون بالشخصي كما فعل رئيس "الوطني الحر".
من جهتها، لا تزال قوى المعارضة تبحث عن وسيلة لترجمة ما تعتبره انتصارات حققها توجهها السياسي في المنطقة في ملف الرئاسة. وبحسب المعلومات فكل جهودها حتى الساعة لم تصل الى اي نتيجة، ويبدو انها هي الاخرى تعول على تدخل خارجي في اللحظات الاخيرة لحسم الملف بما يخدم ارادتها.
وتقول مصادرها:"قبل سقوط النظام وتوقيع حزب الله على قرار وقف النار، قدمنا مقاربتنا للتوافق والتي لا تقول بمرشح يكون على مسافة واحدة من هذا الفريق وذاك, إنما بمرشح يلتزم بالدستور وتطبيق القرارات الدولية واليوم ببنود اتفاق وقف اطلاق النار". وتضيف المصادر:"نحن لا نريد رئيسا نكسر فيه فريقا معينا انما رئيسا يبني دولة... نحن لا نسعى لغلبة فريق على آخر انما لغلبة مشروع الدولة".