نشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية تقريراً جديداً تحدّثت فيه عن مخاوف لدى الإسرائيليين من العودة إلى المستوطنات المحاذية للحدود مع لبنان وذلك خشية تجدد الحرب مع "حزب الله" وذلك رغم قرار وقف إطلاق النار الذي دخل حيّز التنفيذ يوم 27 تشرين الثاني الماضي.
ويقول التقرير الذي ترجمهُ "لبنان24" إن علامات الحرب كانت في كل مكان عند الحدود بين لبنان وإسرائيل، ويضيف: "في إحدى المناطق الخالية من الأشجار، كانت قذائف المدفعية الفارغة والمخلفات التي تركها الجنود الإسرائيليون منتشرة على الأرض. كانت الأشجار المحروقة من جراء الحرائق التي أشعلتها المناوشات بين الجانبين منحنية بزوايا غريبة. كذلك، فإن الطريق الذي دمرته الدبابات والمعدات العسكرية الثقيلة مليء بالحفر الكبيرة وآثار الأقدام. مع هذا، توجد سواتر خرسانية عند النقاط التي شق فيها الجيش طرقاً مؤقتة إلى لبنان. أما منطقة التنزه على جانب الطريق فهي عبارة عن كومة من الطين، وهي بقايا منطقة تجمع للمركبات العسكرية".
ويقول كاتب التقرير إنه عاين مستوطنة المنارة القريبة جداً من الحدود مع لبنان، مشيراً إلى أنه من الممكن نظرياً لأي مقاتل من "حزب الله" أن يسمع طفلاً إسرائيلياً في المستوطنة خلال بكائه في سريره، ويضيف: "السبب الوحيد الذي جعلني لا أشعر بأنني أجازف بحياتي هو أنَّ الجنود الإسرائيليين ما زالوا موجودين على الجانب اللبناني. بموجب شروط إتفاق وقف إطلاق النار الحالي، فإنّ إسرائيل لديها 60 يوماً لسحب قواتها من البلاد. حالياً، زالت القرى اللبنانية القريبة من الحدود غير مأهولة، وفي كثير من الحالات، تحولت إلى أنقاض، وقد حذرت قوات الجيش الإسرائيليّ السكان اللبنانيين من أنهم لا يستطيعون العودة بعد".
وأضاف: "في المقابل، فإن الإسرائيليين بإمكانهم العودة إلى منازلهم من دون التعرض لتهديد هجوم وشيك من طائرات حزب الله من دون طيار أو الصواريخ أو نيران الصواريخ المضادة للدروع أو حتى التسلُّل. لكن مع كل هذا، فإن معظم الإسرائيليين الذين يعيشون هنا لم يعودوا".
وفي السياق، يقول شاني أتسمون من مستوطنة كريات شمونة: "هناك الكثير من الأشياء التي لا يعرفها الناس. في أي لحظة يمكن لحزب الله الدخول إلى إسرائيل بالمظلات الشرعية كما فعلت حماس في 7 تشرين الأول 2023. ربما هناك أنفاق، ومقاتلو الحزب ما زالوا على السياج. لا أريد المخاطرة بحياتي. يمكن أن يأتي الخطر من أي مكان، لبنان أو سوريا. إنه أمرٌ مخيف".
ووفقاً للتقرير، فإنه على النقيض من جنوب لبنان حيث اكتظت الطرق بالسكان العائدين بمجرد الإعلان عن وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني الماضي، فإن المستوطنات الإسرائيلية التي هجرها سكانها بسبب الحرب، ما زالت مُدن أشباح، وقال: "هُناك، لا تُوجد مدارس مفتوحة فيما البنوك مغلقة في أغلبها بينما العيادات الصحية مُعطلة ولا يوجد أمكنة لشراء الطعام. كذلك، ما زالت الحكومة تدفع تكاليف إجلاء النازحين من مناطقهم وقد أوضحت العديد من الأسر التي لديها أطفال بالغعل أنها لن تعود إلى مناطقها قبل نهاية العام الدراسي بعد 6 أشهر على أقل تقدير".
واعتبر التقرير أن "سقوط نظام الأسد هذا الشهر في سوريا لا يزيد إلا من حالة عدم اليقين"، وأضاف: "ففي حين نفذ الجيش الإسرائيلي حملة قصف مكثفة لإضعاف القدرات الهجومية لأي جيش سوري في المستقبل، فإن الإضطرابات في سوريا وسقوط دمشق في أيدي جماعات متشددة تذكرنا بأن التهديدات لمنطقة الحدود في شمال إسرائيل ليست بعيدة أبداً".
وفي السياق، تقول ريفيتال جاباي، الممرضة التي تم إجلاؤها من كريات شمونة: "ما زلنا لا نشعر بالأمن.. لقد عدت إلى المنزل يوم الجمعة لمدة 5 دقائق لشراء شيء ما وسمعت نيران المدفعية التابعة للجيش. نحن نعلم أن حزب الله على الجانب الآخر للسياج يراقبنا. سوف نحظى بسنتين أخريين من الهدوء ثم في مرحلة ما سوف تندلع حرق وسوف نعود إلى العصر الحجري".
ويوضح التقرير أن الضرر الأكثر ديمومة في شمال إسرائيل كان نفسياً مع عواقب أكثر خطورة على المدى الطويل على مستقبل الجليل من الخسائر المادية التي خلفتها الحرب، وأردف: "إنَّ ما يثير صدمة السكان أكثر من أي شيء آخر هو الخوف من أن ما حدث في جنوب إسرائيل في السابع من تشرين الأول يمكن أن يحدث هنا أيضا، إن لم يكن في المستقبل القريب فبعد سنوات من الآن، عندما يدفع أطفالهم الثمن".
وتابع: "السؤال الحاسم الذي يواجه إسرائيل الآن هو ما إذا كان من الممكن تهدئة المخاوف الأمنية التي تشغل بال سكان المنطقة. وإذا لم يحدث هذا فإن الجليل الشمالي سوف يكافح من أجل الاحتفاظ بسكانه، ناهيك عن اجتذاب الوافدين الجدد، وقد تنزلق المنطقة إلى دوامة هبوط مع رحيل الأسر، وفشل الشركات، وانهيار أسعار العقارات.