نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية تقريراً جديداً قالت فيه إنه "في السنوات التي سبقت الحرب بين لبنان وإسرائيل، أصبح حزب الله المنظمة الوحيدة التي أنشأت نظاماً حقيقياً مُضاداً للطائرات مع أكثر من 100 بطارية ورادار إيرانية وروسية منتشرة على نطاق واسع".
ويقول التقرير الذي ترجمهُ "لبنان24" إنّ "إسرائيل تعرضت للإذلال مراراً وتكراراً وتوقفت طائراتها عن التحليق في لبنان قبل عامين من أحداث 7 تشرين الأول 2023، عندما تم في نفس الوقت إقامة جدار جوي في سوريا".
يُشير التقرير إلى أنه أن "كل علامات الأنظمة المضادة للطائرات في سوريا قد اختفت عن شاشات الكمبيوتر الخاصة بغرف التحكم بالقوات الجوية الإسرائيلية، فالسماء باتت مفتوحة ونظيفة، وبات للطيارين المقاتلين، إذا أرادوا، المناورة كما يحلو لهم".
يقول طيار مخضرم في الجيش الإسرائيلي إن "الطيارين الآخرين معتادون على ممارسة كل إجراءات التهرب من الصواريخ السورية المضادة للطائرات بشكل أعمى. في غضون يومين، دمرنا التهديد الرئيسي للقوات الجوية الإسرائيلية، وفجأة اختفى الواقع الخطير الذي استمرّ لعقود وكأن كل الصواريخ والقذائف الموجهة نحو إسرائيل لن تكون موجودة بعد الآن".
وتحدث التقرير عن تدمير أكثر من 100 بطارية صواريخ أرض – جو (SAM) في سوريا، مشيراً إلى أن الرئيس السوري السابق بشار الأسد استثمر الكثير من الأموال في شراء بطاريات مضادة للطائرات، ويضيف: "في بعض الأحيان، كانت سوريا تستبدل النظام المضاد للطائرات التي تتم مهاجمته بنظام جديد في غضون أسبوع، وبالتالي كان هذا النظام في مركز استخباراتنا باعتباره التهديد الرئيسي للقوات الجوية الإسرائيلية".
وأكمل: "في السنوات الأخيرة تضاعف هذا التهديد تقريباً، انفتحت شهية حزب الله في لبنان وقرّر أن يجعل نفسه التنظيم الأول في العالم الذي يُنشئ أيضاً نظاماً مضاداً للطائرات، بتقنيات تشغيل مختلفة قليلاً، ولكن بنفس البطاريات الكبيرة الروسية الصنع".
وأوضح التقرير أن عملية تدمير الجيش السوري استمرّت عدة أيام، لكن ترسانة الأسد المضادة للطائرات كان هي المحور وبشكل أساسي طائرات الميغ والسوخوي التي لا تعتبر أقلّ شأناً من طائرات الـ"F16"
و "أف 15" الإسرائيلية.
وذكر التقرير أنه ما زالت هناك بطاريات مضادة للطائرات نشطة ومتقدمة للغاية على الأراضي السوريّة مثل "S-300" لكنها كانت دائماً ولا تزال في أيدي روسيا في قواعد عسكرية.
ويقولُ تقرير "يديعوت" إن الجيش السوري نشر مجموعته المضادة للطائرات بحكمة عملياتية وذلك حول العاصمة السورية دمشق التي لا تبعد كثيراً عن مرتفعات الجولان وفي سوريا وعند الساحل السوري الذي يضم مدينتي اللاذقية وطرطوس إلى جانب مناطق أخرى.
وكشف التقرير أنه لم يكن لدى الجيش الإسرائيلي خُطة طوارئ لتدمير الجيش السوري ومنظومته المضادة للطائرات داخله، مشيراً إلى أنّ العملية الضخمة التي شملت نحو 400 هجوم في 72 ساعة، تم الإستعداد لها بسرعة خلال أيام قليلة، وأضاف: "لقد تمّ تدمير النظام التكنولوجي بأكمله للجيش السوري، والبطاريات المتنقلة والثابتة، من النوع الذي عانى منه سلاح الجو قليلاً في حرب يوم الغفران وأثناء تنفيذ الحرب على لبنان. كانت لدى سوريا أنظمة دفاع جوي يبلغ مدى تغطيتها الفعالة 20-40 كيلومتراً وحتى أبعد، مثل SA-17 أو SA-22، وقد أثبت بعضها فعاليته في ملاحقة وإسقاط صواريخ القوات الجوية الإسرائيلية".
وعن "حزب الله"، يقول التقرير إن إسرائيل خططت بعد عملية "طوفان الأقصى" يوم 7 تشرين الأول 2023 لضرب النظام المضاد للطائرات الذي أنشأه "حزب الله" في لبنان خلال سنوات التصعيد التي سبقت الحرب، وأضاف: "كانت الخلفية وراء ذلك متجذرة في حقيقة أنه في السنوات السابقة نادراً ما حلقت القوات الجوية في سماء لبنان، خوفاً من أن طائراتها - بما في ذلك الطائرات المأهولة - سوف يسقطها حزب الله. وتفاقم الوضع في الأعوام 2021-2023، عندما انخفض أيضاً عدد طلعات الاستكشاف البسيطة. من المؤسف أن تضطر إحدى أقوى القوات الجوية في العالم إلى استخدام المزيد من الأقمار الصناعية للتحقيق في مصنع صواريخ في البقاع أو لمراقبة كبار مسؤولي حزب الله في منطقة الضاحية الجنوبية لبيروت".
ويوضح التقرير أن "حزب الله أنشأ مجموعة مضادة للطائرات تضمّ أكثر من 100 بطارية من صواريخ أرض – جو كبيرة، بما في ذلك رادارات الكشف المتقدمة، بطريقة مبتكرة. كذلك، تم الإعتماد على المنظومة الكثيفة المضادة للطائرات في العالم السوري والمعرفة والأنظمة الإيرانية والروسية".
التقرير كشف أيضاً أنَّ أنظمة الدفاع الجوي التابعة لحزب الله كانت تغطي مساحات واسعة من الأجواء الإسرائيلية بما في ذلك وادي يرزعيل وحيفا وطبريا وقاعدة رمات ديفي الجوية، مشيراً إلى أن هذا الأمر يعني أن أي طائرة إسرائيلية، عسكرية أو مدنية، تحلق في الثلث الشمالي من المجال الجوي.
وأوضح تقرير "يديعوت" أن القوات الجوية لم تكن تعرف كيفية تقييم مستوى مهارة وحدات "حزب الله" المضادة للطائرات التي عادت في السنوات الأخيرة من دورة علمياتية استمرت عدة أسابيع في الجيش الإيراني، ويضيف: "في الواقع، لم يكن لدى حزب الله أي نية لشل سلاح الجو بشكل كامل عن العمل في لبنان. كان كافياً بالنسبة لحزب الله أن يحقق إنجازاً واحداً، على سبيل المثال، إسقاط طائرة إف 16".
وذكر التقرير أنه بعد أشهر من اندلاع القتال في لبنان، أسقط "حزب الله" طائرات مسيرة إسرائيلية بواسطة بطارية "SA-67" فيما حصل الجيش الإسرائيلي على الضوء الأخضر من المستوى السياسي لبدء الضرب في عمق لبنان.
ويلفت التقرير إلى أن الجيش الإسرائيلي جمع معلومات استخباراتية عميقة حول نظام "حزب الله" المضاد للطائرات، وأضاف: "ما تبين هو أن نظام الدفاع الجوي التابع لحزب الله كان يضم حوالى 3000 عنصر، وقد أصيب عدد كبير منهم بجروح بالغة في الحرب. وكما تبين، فإن معظم العناصر هم من خريجي الدورات المهنية في سوريا وإيران، وينقسمون إلى ثلاث وحدات جغرافية: وحدة الدفاع الجوي الجنوبية ووحدة بيروت ووحدة البقاع".
التقرير قال أيضاً إن "نظام حزب الله المضاد للطائرات بدأ بالتآكل تدريجياً شهراً بعد شهر بسبب الضربات الإسرائيلية بينما كانت الأرض مهيأة للطلقة الافتتاحية لعملية سهام الشمال في نهاية أيلول الماضي"، وأضاف: "بالنسبة لجدار الصوت، فإنه كان يتم تنفيذ بواسطة طائرات أدير، والرسالة من ورائه هو أنه على لبنان أن يعلم أن طائرات إسرائيل حرة في الأجواء لاستعادة الردع".