نشر موقع "الجزيرة نت" تقريراً جديداً تحدث فيه عن تغير خطاب حزب الله تجاه سوريا الجديدة وذلك إبان إسقاط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد.
ويقول التقرير إنه بعد الأحداث المتسارعة والمفاجئة في سوريا، بدأ "حزب الله" في إطلاق تصريحات على لسان أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، وفي بيانات رسمية، تشير إلى تغير في موقفه السياسي تجاه التطورات في سوريا.
ويتابع: "لم يكد الحبر الموقَّع به اتفاق وقف إطلاق النار مع الاحتلال الإسرائيلي في لبنان يجف إلا وأطلقت مجموعة من فصائل الثورة السورية عملية "ردع العدوان" في 27 تشرين الثاني الماضي، وسرعان ما سيطر الثوار على مدينة حلب ثم حماة، واقتربوا من مدينة حمص الواقعة قرب خطوط إمداد حزب الله بالسلاح القادم من إيران والعراق إلى لبنان مروراً بالأراضي السورية".
بحسب التقرير، فقد رأى حزب الله فيما يحدث محاولة لخنقه بعد الضربات الثقيلة التي تلقاها خلال الحرب مع جيش الاحتلال، ولذا سارع الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم في 5 كانون الأول الجاري للتصريح بأن "حزب الله سيقف إلى جانب سوريا في إحباط أهداف العدوان"، ووسم الثوار بأنهم "مجموعات تكفيرية تستخدمها أميركا وإسرائيل أدوات لهما منذ عام 2011″، موضحاً أن هدف العملية هو "نقل سوريا من المربع المقاوم إلى موقع آخر معادٍ يخدم العدو الإسرائيلي"، حسب تعبيره.
وأكمل: "لكن قطار الثوار دهس دفاعات جيش الأسد، وتهاوت قواته بسرعة وسط اندهاش الجميع، الثوار وبشار الأسد وحزب الله وموسكو وطهران وتل أبيب وأنقرة وإلى آخر القائمة، ففرَّ بشار الأسد إلى موسكو، ولم يجد حزب الله ما يقف بجواره، فقد تبخَّر جيش النظام، وخلع جنوده ثيابهم العسكرية وفرّوا".
وأردف: "هنا تغيرت الحسابات، ولم يعد من الحكمة ولا السياسة السير عكس اتجاه الريح أو مصادمة الأمواج الهادرة، فألقى نعيم قاسم خطابا جديدا في 15 كانون الأول الجاري، قدَّم خلاله خطابا يُمكن وصفه بالحذر، قائلا: نحن لا يمكننا الحكم على هذه القوى الجديدة إلا عندما تستقر، وتتخذ مواقف واضحة وينتظم وضع النظام في سوريا".
وقال: "تضمن خطاب قاسم في ثناياه إشارات إلى مصالح حزب الله في سوريا، والدوافع التي حرَّكته للوقوف بجوار نظام الأسد، في إشارة إلى استعداد الحزب للتعاون مع مَن يكفل له تلك المصالح في النظام الجديد الذي يتشكَّل. كذلك، أشار قاسم إلى أن حزب الله دعم نظام الأسد لأنه وقف في الموقع المعادي لإسرائيل، وأسهم في تعزيز قدرات المقاومة عبر نقل الأسلحة من الأراضي السورية إلى لبنان وفلسطين".
وفتح قاسم نافذة للتعاون المستقبلي قائلا: "نتمنى أن يكون الخيار للنظام الجديد وللشعب السوري هو التعاون بين الشعبين وبين الحكومتين في لبنان وسوريا على قدر المساواة وتبادل الإمكانات… نتمنى أن تعتبر الجهة الحاكمة الجديدة إسرائيل عدوا وألا تُطبِّع معها"، وشدَّد على أن هذه هي العناوين التي ستؤثر على طبيعة العلاقة بين الحزب وسوريا، ثم أكَّد مجددا احترام "حق الشعب السوري في اختيار قيادته وحكمه ودستوره ومستقبله".
وهنا، يقول التقرير إنه "لا يمكن فصل تغير موقف حزب الله من التطورات في سوريا عن تداعيات غياب أمينه العام الكاريزمي السيد حسن نصر الله عن المشهد، فقد أدى اغتياله إلى تغييب القائد الأبرز لما بات يُعرف بمحور المقاومة في العالم العربي، والذي امتلك قدرة على تأجيج مشاعر الجماهير، وحشد آلاف المقاتلين من لبنان والمنطقة للقتال بجوار النظام السوري".
وأكمل: "أما اليوم، يبدو الأمين العام الجديد نعيم قاسم معنياً بتجنب خوض صراعات جديدة منهكة تستنفد ما تبقى من مقدّرات الحزب، والحفاظ على ما أمكن من حضوره في الساحة اللبنانية في مواجهة ضغوط داخلية من الفرقاء اللبنانين تدفع باتجاه نزع سلاحه وتحويله إلى حزب سياسي وحركة اجتماعية فقط".
وقال: "يوما بعد يوم يتأكد أن حجم الفوارق بين إمكانيات وتأثير حسن نصر الله ونعيم قاسم ستؤثر على وزن وثقل وتأثير حزب الله في المشهدين المحلي والإقليمي، ويتوازى ذلك مع الضربات التي تلقاها الحزب أمنياً وعسكرياً في الأشهر الأخيرة إثر استهداف جيش الاحتلال لصفوفه القيادية وبناه المجتمعية والعسكرية".
وتابع: "وفق ما سبق، فإن نزع عباءة الخطاب الذي يتحدث عن التكفيريين لصالح خطاب سياسي يتناول المصالح المشتركة يُمثِّل تطوراً في خطاب حزب الله تجاه الملف السوري، ويرمي الكرة في ملعب النظام الجديد، الذي قامت سرديته على العداء لحزب الله لمساندته نظام بشار الأسد طوال سنوات".