ذكرت صحيفة "The Atlantic" الأميركية أن "محور المقاومة الإيراني كان يمر بعام رهيب بالفعل، ولكن خسارة الرئيس السوري السابق بشار الأسد ربما وجهت الضربة القاضية. فكانت سوريا بمثابة أرض التنظيم وإثبات المفهوم للمحور، وكان الأسد مدينًا بعرشه لجيوشه، التي ساعدته في الحرب الأهلية التي بدأت في عام 2011. وعلى عكس أعضاء آخرين في المحور، لم يكن الأسد إسلاميًا، وكان لديه أيضًا خلافات حقيقية مع حماس والحوثيين اليمنيين. ولكن بخلاف إيران نفسها، كانت سوريا الدولة العضو الوحيدة في الأمم المتحدة التي تعتبر جزءًا من المحور، وكانت أراضيها بالغة الأهمية. وكانت إيران تمرر الإمدادات عبر سوريا إلى حزب الله في لبنان المجاور، واستخدمتها لتجميع جيوشها المتعددة الجنسيات، ومعظمها شيعية، من المسلحين من أفغانستان وباكستان والعراق وأماكن أخرى".
وبحسب الصحيفة، "تعرضت دول المحور لضغوط من قبل، ولكن لم يكن الأمر كذلك قط. ولكن مع رحيل الأسد، تواجه إيران معضلة، فلماذا أنفقت عشرات المليارات من الدولارات وآلاف الأرواح على نظام انهار مثل بيت من ورق؟ لقد ألقى المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي خطاباً يوم الأربعاء الماضي، أصر فيه على أن المحور ما زال حياً وبخير، واعتبر سقوط الأسد "مؤامرة أميركية صهيونية"، وقال إن طهران كانت لتنقذ نظامه لو استطاعت، وهو اعتراف مهم بقدرات نظامه الضعيفة. ودعا خامنئي أنصاره إلى "عدم السقوط في السلبية"، وتعهد بأن "المقاومة" سوف تطرد الولايات المتحدة من المنطقة و"تستأصل الصهيونية، بفضل الله".ولكن تبجح خامنئي لا يخدع أحداً، فقد سبق لإسرائيل أن ضربت المحور، وأكمل الإسلاميون السنة المدعومون من تركيا في سوريا المهمة. وبالكاد يستطيع خامنئي الرد على الهجمات الإسرائيلية المتكررة على غزة ولبنان وسوريا، وحتى إيران نفسها. إذاً، لقد فشلت سياسته".
ورأت الصحيفة أن "نهاية المحور هي أخبار جيدة. فلم تجلب الفصائل المسلحة المدعومة من إيران سوى البؤس إلى المنطقة، كما وقوضت سيادة العديد من الدول العربية وكثفت الكراهية الدينية والطائفية. وكان حكام إيران يزعمون ذات يوم أنهم يقدمون نموذجاً إسلامياً قابلاً للتصدير قادر على منافسة الرأسمالية والشيوعية،ولكنهم بعد ذلك ذهبوا وحكموا بلادهم كأوليغارشية فاسدة وقمعية، مما أدى إلى كذب مثل هذه الادعاءات. وكل ما تبقى لتوحيد أعضاء المحور هو السعي إلى تدمير إسرائيل. ونتيجة لهذا، وبدلاً من بناء حياة أفضل لناخبيهم، حول أعضاء المحور بلدانهم إلى مواقع إيرانية في صراع خفي مع الولايات المتحدة وإسرائيل".
وبحسب الصحيفة، "في الآونة الأخيرة، كان القادة الإيرانيون يتباهون بأنهم يسيطرون على أربع عواصم عربية، دمشق وبيروت وصنعاء وبغداد. وفي الأسبوع الماضي، خسر المحور دمشق، كما أن الدول الأخرى تنزلق من قبضة طهران. ففي بيروت، خسر حزب الله العديد من قادته الميدانيين في حربه مع إسرائيل. وفي بغداد، تتمتع حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بدعم العديد من الفصائل المدعومة من إيران، لكنها لا تبدو مقيدة بشكل مفرط بالمصالح الإيرانية. وتظل الدويلة التي يقودها الحوثيون في اليمن معادية لإسرائيل ومعادية للسامية بشكل عميق، وتستمر في تهديد الشحن الدولي في البحر الأحمر، لكنها كانت دائمًا حركة محلية ذات علاقات أكثر مرونة مع طهران من الأعضاء الآخرين في المحور.وأخيرا، تشير التقارير الأخيرة إلى أن حماس وافقت على التنازل عن الإدارة المستقبلية في غزة إلى لجنة تضم حماس ومنافستها فتح، وهي إشارة إلى أن حماس أيضا أصبحت في موقف دفاعي، بعد مرور ما يزيد قليلا على عام منذ هجومها القاتل على إسرائيل الذي أشعل فتيل الصراع الأخير".
وتابعت الصحيفة، "لكن العاصمة الأكثر أهمية التي ستتأثر بسقوط المحور هي طهران. وكان من المفترض أن تبقي سياسة خامنئي الإقليمية الولايات المتحدة وإسرائيل في وضع حرج، لكن يبدو أنها فعلت العكس. ولجعل الأمور أسوأ، سيعود دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في الشهر المقبل، ومن المرجح أن يحمل معه سياسته المتمثلة في "الضغط الأقصى" على إيران. لقد أدى حكم خامنئي الذي دام 35 عامًا لإيران إلى إفقار وعزل بلاده في حين جعلها أكثر قمعًا سياسيًا. كما تم تهميش فصيله المتشدد سياسيًا في الوقت الحالي، حيث أوضح كل من الرئيس ورئيس البرلمان المحافظ أن أولويات إيران يجب أن تكون التنمية الاقتصادية وعقد صفقة مع الغرب. ويعتقد البعض أن سقوط المحور قد يقنع إيران بالتوجه نحو امتلاك القنبلة النووية. ولكن صناع القرار في طهران يدركون أن هذا من المرجح أن يؤدي إلى رد فعل عنيف من جانب الولايات المتحدة وإسرائيل، وربما يفضلون المخاطرة الدبلوماسية بالتوصل إلى اتفاق مع الإدارة الأميركية الجديدة".
ورأت الصحيفة أن "ما من أحد سيفتقد محور المقاومة، ولكن تاريخ الشرق الأوسط أثبت أن زوال الفاعل السيئ لا يكفي لإنتاج فاعل أفضل، وسوف يترك المحور فراغا يمكن لقوى أخرى غير جيدة أن تملأه. وما تحتاج إليه البلدان المتضررة لتجنب هذه النتيجة هو مزيج من الاستثمار الأجنبي المباشر والإرادة للتوسط في خلافاتها الداخلية. والاثنان مرتبطان: فالنزاعات أسهل كثيرا في الحل عندما يكون لدى كافة الأطراف احتمال معقول للازدهار. وهناك شهية عامة لهذه الأجندة. ففي عام 2019، انتفض الشعبان في العراق ولبنان في حركات بمطلبين رئيسيين: إنهاء نظام تقاسم السلطة الطائفي الذي مكن فصائل المحور في هذه البلدان، وبناء خدمات عامة فعالة. وكانت أبرز رموز الحركتين أعلام بلديهما. وكانت هذه انتفاضات مناهضة للمحور، حيث سعى العراقيون واللبنانيون إلى إعطاء الأولوية لبلدانهم على خطط المحور لإحداث الفوضى الثورية في المنطقة".
وختمت الصحيفة، "لنفترض أن المنطقة أصبحت بعد انهيار المحور دولة قومية مستقرة متماسكة تسعى إلى التنمية الاقتصادية بدلاً من الحرب، فإن الأحلام الديمقراطية التي غذت الربيع العربي في عام 2011 ستظل بعيدة المنال، ولكن المشروع الثوري الإيراني للمنطقة سيصل أخيراً إلى نهايته الحاسمة".