أكد وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال القاضي محمد وسام المرتضى أن "انتخاب العماد جوزاف عون رئيسًا للجمهورية بالتوافق، يُنبِئ بتألّق لبنان من جديد وطناً للصمود والحرف والثقافة والفنون والإبداع "، وأمل في أن "يكون العهد الجديد فرصةً لتثبيت التوافق وإطلاق عجلة الإنقاذ والتنمية" شاكرًا "معالي المدير العام للمنظمة العربية للثقافة والتربية والعلوم ( الألكسو) الدكتور محمد ولد أعمر ولادارة الثقافة على ما قدّموه من دعم لفعاليات طرابلس عاصمة للثقافة العربية للعام 2024 التي نجحت وزارة الثقافة في احيائها رغم الظروف العصيبة التي مرّ بها لبنان".
كلام المرتضى جاء خلال إلقائه كلمة وزارة الثقافة اللبنانية في العاصمة المغربية الرباط، في مؤتمر الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في العالم العربي، بدعوة من وزير الثقافة في المملكة المغربية محمد مهدي بنسعيد والمدير العام للمنظمة العربية للثقافة والتربية والعلوم "الألكسو" الدكتور محمد ولد أعمر. وقال:"أشكر منظمة الألكسو على هذا المؤتمر الهام الذي يعقد بعنوان:الصناعات الثقافية والإبداعية وتحديات التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي، وعلى اعداد خطة لتطوير هذه الصناعات في وقت تشهد فيه منطقتنا والعالم تحوّلات غير مسبوقة بفعل التطوّر التكنولوجي السريع".
وأشار الى أنه "في العام 2024، صمد لبنان صمودا اسطوريا وقاوم عدوانا إسرائيليا غاشما، استهدف الحجر والبشر كما استهدف البنية الثقافية والهوية الوطنية، بما في ذلك التأثير السلبي لاستخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في الاستهداف والتدمير ونشر الأخبار المضللة، للتلاعب بالرأي العام، وطمس الحقيقة"، معتبرا أن "هذه التحديات شكّلت اختبارا صعبًا لكيفية استخدام التكنولوجيا في الأزمات، ولدور المؤسسات الثقافية في الحفاظ على روح الوطن وتماسك مجتمعه وطرحت أمامنا أسئلة كثيرة عن دور الصناعات الثقافية في ظل الأزمات وعن مدى استجابتها لمقتضيات التحول الرقمي الذي تمليه الحضارة المعاصرة".
وعن الصناعات الثقافية، أعلن انها " أثبتت صمودها في لبنان وقدرتها على التعبير عن الواقع ونقل معاناة الشعب من خلال الفنون، الأدب، والإعلام الرقمي وهنا يتجلّى دور التكنولوجيا ليس فقط كأداة للتواصل، بل كوسيلة لخلق سرديات جديدة تحافظ على التراث وتعزز الوعي الثقافي في ظل الحروب والأزمات، وتضع أسسَ بناءِ الغدِ الأفضل". وقال:"أما في خصوص تحديات التحول الرقمي فيبرز في هذا السياق تحد رئيسي أمام الصناعات الثقافية، وهو كيفية تحقيق التوازن بين الحفاظ على الهوية الثقافية والانفتاح على التكنولوجيا الحديثة. الثورة الرقمية والذكاء الاصطناعي يتطلّبان إعادة صياغةٍ لآليات الإنتاج الثقافي، بما يضمن استمرارية الإبداع مع تبني معايير أخلاقية واضحة لاستخدام التكنولوجيا، وهو ما أكدته وثائق اليونسكو ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية. (OCDE)"
أضاف:" انطلاقا من هذه الأسئلة، وفي ظل التجارب الصعبة التي مر بها لبنان، أطلقت وزارة الثقافة استراتيجية التحول الرقمي الثقافي، وهي تعمل بالتعاون مع شركاء محليين ودوليين، على وضع خطة وطنية تهدف إلى دعم المحتوى الثقافي الرقمي من خلال إنشاء منصات رقمية تروج للإبداع اللبناني، وتعزز الوصول إلى الإنتاج الثقافي محليا ودوليا، كما تتطلع إلى تعزيز مهارات العاملين في القطاع الثقافي عبر برامج تدريبية موجهة لاستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول وإبداعي، ثم إلى تشجيع الابتكار في الصناعات الثقافية عبر احتضان مشاريع ثقافية ناشئة تعتمد على التكنولوجيا الحديثة وتحفّز أخيرا التعاون الإقليمي والدولي من أجل تبادل الخبرات وتطوير سياسات ثقافية رقمية متكاملة".
ختم مشيرا إلى أن "دور منظمة الألكسو في هذا المجال بالغ الأهمية، فالمطلوب اليوم هو بناء شراكات قوية بين الدول العربية لتطوير سياسات مشتركة تحافظ على التنوع الثقافي وتواجه تحديات التكنولوجيا الحديثة، بما في ذلك الاستخدام غير الأخلاقي للذكاء الاصطناعي" وأننا " أمام فرصة تاريخية لإعادة رسم المشهد الثقافي في عالمنا العربي عبر استثمار التكنولوجيا بشكل مسؤول وإبداعي. فلنجعل من التحول الرقمي وسيلة لتمكين الثقافة وليس تهديدا لها، ولنعمل معا من أجل مستقبل أكثر إشراقا يعزز هويتنا ويحفظ تراثنا"، سائلًا "ان يوفّقنا الله جميعاً كأمّة عربية لأن نأخذ على الدوام في الحسبان بأنه لا خلاص لشعوبنا او نجاة، قبل لجم الأطماع الصهيونية وشفاء الجرح النازف في فلسطين السليبة الحبيبة".
وأجرى المرتضى سلسلة لقاءات مع نظرائه الوزراء، من بينها لقاء مع وزير الثقافة المغربي واتفق معه على "تفعيل التعاون والتبادل الثقافي بين لبنان والمغرب".