يبحث اليوم الرئيس المكلف نواف سلام في تشكيلته الحكومية المتصلة بالحقائب وتوزيعها مع رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، وسط ترجيح أوساط سياسية بارزة بأن الحكومة ستبصر النور قبل يوم الخميس موعد زيارة وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان إلى بيروت. فالأيام الماضية والتي أعقبت الاستشارات النيابية غير الملزمة وزيارة الرئيس المكلف عين التينة وبعبدا، شهدت زخما من الاتصالات بين الرئيس سلام والكتل السياسية الممثلة في البرلمان وليس فقط حزب الله وحركة أمل، فكل الأحزاب السياسية تتعطش للمشاركة في الحكومة المرتقبة، فضلا عن قوى التغيير.
صب الاهتمام في الساعات الماضية على لقاءي الرئيس المكلف مع رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد والمعاون السياسي لرئيس مجلس النواب النائب علي حسن خليل، واللذين خلصا إلى أجواء ايجابية، عبرت عنها مصادر مقربة من الثنائي، حيث أصبح شبه مؤكد ان الحزب والحركة سيشاركان في الحكومة، وأن المقاعد الوزارية الخمسة التي هي من حصة الطائفة الشيعية ستعود إليهما جريا على العادة، بمافيها وزارة المال التي يتردد أن حاكم المصرف المركزي بالإنابة وسيم منصوري سوف يتولاها وهو الذي يحظى بدفع من قبل الرئيس بري والمجتمع الدولي نظرا للدور الذي لعبه منذ نهاية ولاية الحاكم السابق رياض سلامة، في إدارة الملف المالي لمصرف لبنان، في حين أن جهات سياسية تشير إلى أن اسم النائب السابق ياسين جابر مطروح أيضًا نظرا لعلاقته الجيدة مع الولايات المتحدة. أما في ما خص الأسماء الأخرى، فتشير مصادر الثنائي إلى أن الرئيس المكلف سيتسلمها فور تحديده الحقائب التي ستسند إليهما، وعلى قاعدة الوزير المناسب في المكان المناسب، علما أن المعلومات تشير اهتمام الحزب بوزارة الاشغال ربطا بورشة إعادة الإعمار المرتقبة، وبوزارة الصحة التي من المرجح أن تكون من حصته بدلا عن وزارة الأشغال نظرا إلى مبدأ المداورة الذي سيعتمده الرئيس المكلف.
المهم وفق أوساط سياسية أن حزب الله استشعر خطورة بقائه خارج الحكومة، ولذلك أبدى اهتماما بالمشاركة والتعاون مع الرئيس سلام على المستوى الوزاري، مع إشارة الأوساط في الوقت نفسه إلى أن حزب الله قد يدخل فعلا لا قولا هذه المرة على خط مكافحة الفساد وبناء المؤسسات والإصلاح الاقتصادي، فلم يعد هناك ما يخسره ولم يعد هناك أي ضرورة تستدعي منه تغطية الفاسدين في مقابل تغطية سلاحه في البيانات الوزارية وفي أوراق التفاهمات، هذا فضلا عن أن الحزب مرتاح لمطالعة الرئيس سلام التي قدمها خلال اجتماعه بالنائب رعد وتمسكه باتفاق الطائف حيث ناقشا في دور المقاومة ربطا بما ورد في اتفاق الطائف، وفي تطبيق القرار الدولي 1701.
وامس أعلن نائب رئيس المجلس السياسي لـ"حزب الله محمود قماطي أننا مستعدون للتعاون مع الجميع والانفتاح وبناء الدولة، والانطلاق في عملية الإعمار والإيواء والترميم وبناء المؤسسات وفصل السلطات والمداورة، لنبني الوطن مع كل شركائنا فيه.
ويبدي الرئيس المكلف اهتماما كبيرا في تأليف حكومة من غير الحزبيين ومن 24 وزيرا أكفاء ومن أصحاب الاختصاص، كما أنه يؤكد أنه لن يقصي أو يستبعد أحدا، وسوف يعمل، بحسب مصادر مطلعة، على توزيع المقاعد العشرة المسيحية على القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر والمرده والطاشناق والكتائب واللقاء التشاوري النيابي المستقل، لأن تسمية وزيري الخارجية والدفاع ستؤول إلى الرئيس عون، علما أن أوساطا مسيحية أشارت إلى أن حزب القوات يريد أن تكون وزارتا الخارجية والطاقة من حصته، لا سيما وأن كتلة الجمهورية القوية هي الأكبر مسيحيا.
وفيما التوزير السني والدرزي لن يكون معقدا، وسيكون توزيع الحقائب متماهيا مع التمثيل النيابي، فإن الترقب سيكون سيد الموقف لمرحلة ما بعد التأليف وسط اهتمام الرئيس عون بمعالجة كل الملفات الأمنية والعسكرية وتثبيت الحدود جنوبا وترسيم الحدود مع سوريا، واهتمام الرئيس سلام باتمام التعيينات الإدارية والاصلاحات الاقتصادية والقضائية المنشودة والتحضير للانتخابات البلدية.