Advertisement

لبنان

بري يحرّم "العراضات الاستفزازية"... تقويض للسلم الأهلي

اندريه قصاص Andre Kassas

|
Lebanon 24
30-01-2025 | 02:00
A-
A+
Doc-P-1313413-638738234761674468.png
Doc-P-1313413-638738234761674468.png photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
في هذا الوقت الضاغط على أعصاب اللبنانيين المتأرجحين بين استمرار العدو الإسرائيلي بالتحكّم بالبلدات والقرى التي لا تزال خاضعة لهيمنته، وبين العراقيل السياسية التي توضع على الرئيس المكلف تشكيل الحكومة نواف سلام، وبين العراضات الاستفزازية، التي اعتقد كثيرون بعد انتخاب العماد جوزاف عون رئيسًا للجمهورية أنها ولتّ إلى غير رجعة، صدر بيان عن رئيس الهيئة التنفيذية في حركة "أمل" مصطفى الفوعاني عُمّم على جميع عناصرها، وقضى بمنع المشاركة أو القيام بأي تحرك أو نشاط استفزازي يتعارض مع توجيهات قيادة الحركة القاضية باحترام خصوصية اللبنانيين بكافة طوائفهم ومناطقهم وخاصة "مسيرات الدراجات النارية". وأكدت الحركة أن مخالفة هذا التعميم تعرض المخالفين له لطائلة المساءلة التنظيمية وصولا الى الطرد من صفوف الحركة.
Advertisement

وما يميز هذا البيان هو التذكير بمقولات للإمام المغيب السيد موسى الصدر الذي اعتبر "أن الوحدة الداخلية أفضل وجوه الحرب مع العدو"، وللرئيس نبيه بري الذي يقول بأن "الوحدة الوطنية والعيش الواحد أساس بقاء لبنان."

ولكن ما جاء في هذا البيان في هذا التوقيت بالذات يحمل أكثر من معنىً وأكثر من عنوان رئيسي لا يسع المرء إلا أن يتوقف عنده مليًا ليكتشف ما يخبئه المستقبل من تطورات قد كشف جزءًا منها ما جاء في بيان حركة "أمل" من مضامين كثيرة، ومن أبرزها التالي:

أولًا، يعكس ما جاء في حرفية البيان والأهمّ ما فيه من معانٍ وطنية بدت واضحة في ما أُمكن قراءة ما بين السطور من تململ متصاعد لدى الرئيس بري شخصيًا من الحالة العامة، التي وصلت إليها الطائفة الشيعية بسبب "حرب الاسناد"، التي أدّت إلى أفسحت في المجال أمام العدو الإسرائيلي الذي أقدم على القتل الجماعي من دون رادع، وإلى تخريب القرى الحدودية، ومعظمها شيعية، عن بكرة أبيها، وهو مستمر حتى هذه اللحظة في استباحة السيادة اللبنانية عبر التفجيرات التي يقوم بها في البلدات والقرى، التي لا يزال يحتلها، أو عبر استهداف مناطق خارج جنوب الليطاني كالنبطية مثلًا، التي استهدفها بغارات موجعة.

ثانيًا، على رغم أن الرئيس بري، الذي شارك عبر حركة "أمل" في جزء من "حرب الاسناد"، فإنه لم يذهب بعيدًا في خياراته الوطنية كما فعل "حزب الله"، وتصرّف بالفعل وليس بالقول بأنه "الأخ الأكبر" ليس لـ "الحزب" فحسب، بل لجميع اللبنانيين، وذلك انطلاقًا من حرصه على الوحدة الوطنية، وهو الذي تخّلى في يوم من الأيام عن وزير شيعي من حصته لتأمين انطلاقة سليمة لإحدى حكومات الرئيس سعد الحريري.

ثالثًا، يمكن اعتبار هذا البيان بمثابة جرس انذار بما يُخشى أن يؤسس لمرحلة مفصلية في الحياة السياسية القائمة على توازنات دقيقة للغاية لا يمكن التلاعب فيها بطرق مختلفة، مرّة عبر "القمصان السود"، وطورًا عبر تخريب خيم ساحة الشهداء أيام "انتفاضة 17 تشرين الأول"، وأخيرًا "العراضات الاستفزازية" في مناطق تُعتبر سياسيًا على تناقض جوهري مع "حزب الله".
رابعًا، لقد أرد الرئيس بري من خلال هذا البيان توجيه رسائل مزدوجة إلى كل من "حزب الله"، الذي يتشارك معه "على الحلوة والمرّة"، وإلى شريكه الآخر في المواطنة على رغم الاختلاف بينه وبين هذا الشريك في أمور كثيرة.

بالنسبة إلى مضمون الرسالة الأولى التي وجهها الرئيس بري إلى "حزب الله"، والتي شاءها واضحة المعالم يمكن وضعها في خانة المطالبين بعودة "الحزب" إلى الداخل اللبناني بعد كل هذه المآسي، التي تعرّضت لها الطائفة الشيعية عن طريق رهن قرارها بالخارج. وما يقوله الرئيس بري لـ "أخيه الصغير" لا يمكن لغيره قوله، لأنه لا يسعى سوى إلى توحيد الجهود من أجل النهوض بالبلد، خصوصًا أن ما أظهره الآخرون، مسيحيين وسنّة ودروزًا، خلال فترة النزوح من التضامن العفوي والطبيعي، يثبت أن لا غنى للبنانيين عن بعضهم البعض، وإن باعدت بينهم ظروف خارجية ضاغطة.

أمّا الرسالة الثانية فقد أرادها الرئيس بري أن تصل إلى الآخرين المختلفين في نظرتهم إلى القضايا الوطنية مع نظرة "حزب الله" وحركة "أمل"، ليقول لهم بأن السلم الأهلي خط أحمر بالنسبة إليه، وأنه يرفض أي أمر قد يقوّض هذا الاستقرار حتى ولو جاء من القريب قبل البعيد.

وعليه، فإن الرئيس بري استطاع أن يتجاوز بعض الشكليات الظرفية لينتقل إلى جوهر العلاقات اللبنانية – اللبنانية من خلال رفضه كل شيء يمكن أن يعكّر صفو هذه العلاقات، على أمل إقناع "حزب الله" في مرحلة متقدمة بالسير نحو الأمام بعد أن يطوي صفحة من صفحات الماضي غير المشرق.  
 
المصدر: خاص لبنان24
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك
Author

اندريه قصاص Andre Kassas