كتب سمير قسطنطين في "النهار":
من وقت لآخر، تظهر على الساحة اللبنانية شعارات ترفض الأحزاب ويحمل أهل هذه الشعارات الأحزاب مسؤولية ما حدث في لبنان منذ الـ 1975. بطبيعة الأمر يخلق هذا الاتهام استفزازاً لدى الأحزاب التي لم تشارك في الحرب كتيار المستقبل، وتلك التي، وإن شاركت في الحرب، فهي تعتبر أن تاريخها في الحكم خال من الفساد كما تقول القوات اللبنانية، وذلك على سبيل المثال لا الحصر نادراً ما تسمع هذه الأصوات في البيئة الشيعية، وهي «مدوزنة» عند الدروز.
لنتفق في البداية على أن لا حياة سياسية تستقيم في أي بلد من دون الأحزاب.
العمل السياسي في الدول الديمقراطية مبني على الأحزاب. ألا يتنافس في الانتخابات الأميركية شخصان، واحد عن الحزب الجمهوري وآخر عن الحزب الديمقراطي؟. لذا فإن شيطنة الأحزاب والعمل السياسي الحزبي بالمطلق لا يتماشى مع ما تقوم عليه الأنظمة الديمقراطية.
أكثر من نصف اللبنانيين غير حزبيين. ألا يستحق هؤلاء أن يتمثلوا في الحكومة؟ لماذا يجب أن يكون كل الوزراء الدروز منتمين إلى الحزب التقدمي الإشتراكي والوزراء المسيحيون إلى التيار الوطني الحر أو القوات اللبنانية والوزراء الشيعة إلى حركة أمل أو حزب الله؟
خُذ مثلاً المسيحيين. المسيحيون جيش من المتعلمين والمثقفين في لبنان والمهجر. أليس من بينهم من يستحق أن يكون وزيراً، أو بالأحرى ألا يستحق لبنان واللبنانيون وزيرا مثل هؤلاء؟
أكثر من ذلك، الكل يعرف أن رئيس الجمهورية جوزاف عون ليس حزبياً، وأن رئيس الحكومة نواف سلام ليس حزبياً. فالإصرار على توزير الحزبيين فقط لا يشبه خياري النواب لرئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة.
إذا كان لا بد لرئيس الحكومة من أن يسمي حزبيين فقط، تصبح وحدة المعايير ضرورية إن لم تكن حتمية. لكن هذا بحد ذاته تراجع عن سقف آمال الناس.
الموضوع يتطلب تفكيراً بمصلحة لبنان العليا وليس بمصلحة الأحزاب فقط. إذا كان الوزير حزبياً، فلتختر الأحزاب الأكثر كفاءة، وإذا كان غير حزبي، فالكفاءات موجودة وبكثافة. لا شيطنة الأحزاب صحيحة، ولا احتكار الأحزاب للتمثيل الحكومي صحيح أيضاً.