كتبت رلى ابراهيم في" الاخبار":
ليس معروفاً سرّ «غرام» سمير جعجع بالسيناريوهات الاستباقية التي يرفع فيها السقف السياسي عالياً، فيشهر الفيتوات ويرسم الخطوط الحمر، قبل أن يتبنّى عكس ما يدعو إليه.
فـ«الحكيم» استبعد التصويت لرئيس الجمهورية جوزف عون، لكنّ أعضاء كتلة «الجمهورية القوية» بصموا بالعشرة واعتبروا انتخابه انتصاراً. ثم عمد إلى ترشيح أحد النائبين فؤاد مخزومي وأشرف ريفي لرئاسة الحكومة، لتعود كتلته إياها وتبصم على تسمية نواف سلام رئيساً مكلّفاً. وليكمل القصة، أطل في مقابلة تلفزيونية قبل أسبوعين، ليقول إن «القوات» لن تشارك في حكومة يُعيّن فيها ياسين جابر وزيراً للمالية.
وزايد نوابه في التهديد بعدم المشاركة في الحكومة وحجب الثقة عنها إذا حصل ذلك، فتشكّلت الحكومة بياسين جابر نفسه، ومعه أربعة وزراء للثنائي أمل وحزب الله. وهو، على الأرجح، ما أربك جعجع أمس. فلدى سؤاله عن مشاركة القوات في الحكومة في ظل تعيين جابر وزيراً للمالية، اتهم القناة التلفزيونية التي يعمل فيها صاحب السؤال بأنها تسعى لتأجيج المشكلات!
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد. فبعدما نقل عنه أن «القوات» ستعيد الكهرباء 24 ساعة خلال ستة أشهر إن هي تولت حقيبة الطاقة، قال جعجع في المقابلة نفسها إنه لا يريد هذه الحقيبة، لأن العمل فيها يحتاج إلى ثلاث سنوات وأن الحكومة تحضّر للانتخابات. ليعود ويقبل بأن تُحسب حقيبة الطاقة من حصته الوزارية.
أمس، شهدت معراب حدثاً خاصاً قد يكون الأول من نوعه، إذ استقبل جعجع «وزراءه الأربعة» للتعرف إليهم، كما قال النائب غسان حاصباني، و«كي يتعرف الوزراء بعضهم إلى بعض»، ما مثّل ذروة التناقض بين سقف ما تطالب به معراب وما تقبل به في النهاية.
فبعد أقل من أسبوع على تأكيد النائب فادي كرم أن «القوات» لم تسمّ الوزيرين كمال شحادة وجو صدّي (اللذين أكدا بعد تعيينهما أن سلام سمّاهما ووافقت «القوات» عليهما)، احتفل «القواتيون» بـ«حصدهم» أربعة وزراء في الحكومة، من بينهم صدّي وشحادة نفسيهما!
وتوّج جعجع الاحتفالات بـ«اللقاء التعارفي» بحضور النواب ستريدا جعجع وغسان حاصباني ورازي الحاج، والأخيران سيتوليان التنسيق بين الوزراء وجعجع.
وبعيداً عن اللقاء التعارفي، ثمة تحديات جدّية أمام القوات اليوم، ولهذا ربما بدأت تخرج أصوات «قواتية» تشير إلى أن عاماً ونصف عام غير كافييْن لتحقيق إنجازات.