كتب جان فغالي في" نداء الوطن": مقاربة وزيرة الشؤون الاجتماعية، حنين السيِّد، لملف النازحين السوريين، والإسناد الذي قدَّمه نائب رئيس الحكومة الدكتور طارق متري لمقاربتها، تحمِل خطأيْن جوهريين، في الشكل والتوقيت والمضمون.
في الشكل والتوقيت، لا يحق لأي وزير أن يعطي موقفاً من قضية على هذه الدرجة من الدقة والحساسية والخطورة، قبل أن يصدر البيان الوزاري، وتنال الحكومة الثقة على أساسه، وما قبل ذلك لا يعدو الموقف كونه رأياً لا يُلزِم إلا قائله.
في المضمون، حتى بعد أن تنال الحكومة الثقة، فالقرار لا يتخذه الوزير منفرداً، خصوصاً إذا كان يتعلَّق بقضية استراتيجية كقضية عودة النازحين السوريين. القرار يُتّخذ في مجلس الوزراء، ولأنه على هذه الدرجة من الأهمية، فإنه يتخذ بأكثرية الثلثين لا بالنصف زائداً واحداً.
هذه الحقائق يُفترض بنائب رئيس مجلس الوزراء أن يعرفها، وهو الضليع بالدبلوماسية والعلاقات الدولية، وقد ظهر ذلك في الكتب التي ألّفها، فكيف وقع في هذه "السقطة"؟
وما ينطبق على نائب الرئيس، ينطبق على الوزيرة السيِّد الآتية من بيئة أكاديمية ودبلوماسية مشهودة لها.
بعد هذين الخطأين، والذي لا يُستبعَد أن يتكررا، حبذا لو أن رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة يعمِّمان على الوزراء الامتناع عن الإدلاء بمواقف لبنان في غنى عن التورط بتداعياتها ومضاعفاتها، ومسألة الإفراط في الكلام والتصريحات لا تقتصر على الثنائي السيِّد ومتري، بل تشمل معظم الوزراء الذين يتحدثون في كل شيء حتى قبل أن يتسلموا وزاراتهم!
إن ملف النازحين السوريين شائك وخلافي، ولا يجوز التفرد في اتخاذ المواقف منه، لاعتبارات شعبوية، هناك دستور، وهناك قوانين مرعية الإجراء، فلماذا لا تتم مراجعتها والعودة إليها قبل التسرع في اتخاذ أي موقف؟ ولننتظر ما سيرِد في البيان الوزاري عن هذه القضية ليُبنى على الشيء مقتضاه.
وهناك، في العلاقات اللبنانية-السورية، ما هو أبعد من قضية النازحين السوريين في لبنان. على سبيل المثال لا الحصر، ماذا عن المعاهدة اللبنانية-السورية التي انعقدت في زمن الوصاية السورية على لبنان والتي كانت تشمل كل شيء؟ ماذا عن المجلس الأعلى اللبناني-السوري؟
إن الاتفاقات الموقعة بين لبنان وسوريا، سقط الجانب السوري الذي وقَّعها، وهو نظام الأسد، الأب والابن، فكيف تستمر هذه الاتفاقات فيما الطرف الثاني لم يعد موجوداً؟
العلاقات اللبنانية-السورية شائكة إلى درجة لا يصح التعاطي معها بسذاجة وشعبوية كمثل إطلاق مواقف على غرار "طوعية" الثنائي "السيِّد-متري".