نشر موقع "العربي الجديد" تقريراً جديداً تحدث عن الأزمة الصحية في لبنان، قائلاً إنها "تختبر الحكومة الجديدة وسط مأزق التمويل الدولي".
ويقول التقرير إن "الحكومة برئاسة نواف سلام، تواجه اختباراً صعباً بشأن اتخاذ خطوات عملية ومستدامة للتعامل مع القطاع الصحي المتدهور، لا سيما مع تقلّص التمويل الدولي المخصص للبنان وتغيّر أولويات الجهات المانحة، فيما تتزايد المخاوف من تراجع القدرة على الاستجابة لاحتياجات هذا القطاع".
وفي الوقت الذي يحاول فيه السكان التأقلم مع واقع معيشي يزداد صعوبة، تبدو المساعدات الخارجية غير قادرة على مواكبة حجم الأزمة، ما ينذر بتداعيات أكثر خطورة على الفئات الأكثر ضعفاً في المجتمع. فبعد سنوات من التدهور الاقتصادي والانهيار المالي، جاءت الحرب الإسرائيلية الأخيرة لتزيد معاناة اللبنانيين، مخلّفة دماراً واسعاً في البنية التحتية ومفاقمة الضغوط على القطاعات الحيوية، لا سيما النظام الصحي الذي كان يترنح تحت وطأة الأزمات المتراكمة، وفق التقرير.
وفي ظل هذه الظروف، أصبح الحصول على الخدمات الطبية تحدياً متزايداً، مع ارتفاع أسعار الأدوية والعلاجات بشكل يفوق القدرة الشرائية لأغلب المواطنين، في وقت فقدت فيه المستشفيات والمراكز الصحية جزءًا كبيرًا من قدرتها التشغيلية بسبب تدمير المرافق ونقص الموارد، كما يقول تقرير "العربي الجديد".
ومع تشكيل الحكومة الجديدة، تبرز تحديات لتوفير استجابة فعالة لتلبية احتياجات المواطنين. وفي هذا السياق، أكدت مديرة الشؤون الإنسانية في منظمة "أطباء بلا حدود"، كاميلا فينا، في حديث خاص لـ"العربي الجديد"، أن تدمير المرافق والبنية التحتية الصحية خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة فاقم الأزمة، إذ تضررت عدة مستشفيات وعيادات، مما حدّ القدرة على توفير الرعاية الصحية وزاد الاعتماد على المساعدات الطبية الخارجية. ونتيجة لذلك، لجأ عدد متزايد من الناس إلى الخدمات الطبية المجانية التي تقدمها "أطباء بلا حدود".
ولفتت إلى أن الانهيار الاقتصادي، أثر بشدة على قدرة السكان في الحصول على الرعاية الصحية، إذ أدى انخفاض قيمة الليرة اللبنانية، إلى جانب خصخصة النظام الصحي، إلى ارتفاع تكاليف الخدمات الطبية بشكل كبير. وأضافت: "قبل التعديل التدريجي لسعر صرف الليرة، ارتفعت كلفة الأدوية والاستشارات الصحية والعلاج في المستشفيات، مما حال دون حصول العديد من الأشخاص على الرعاية الأساسية".
وأكدت فينا أن الأزمة الاقتصادية في لبنان أدت إلى ارتفاع ملحوظ في الطلب على الخدمات الصحية المجانية. ووفقًا للبنك الدولي، فإن أكثر من 44% من سكان لبنان كانوا يعيشون تحت خط الفقر حتى مايو/أيار 2024، مما أثّر على قدرتهم في الحصول على الرعاية الصحية.
أما اليوم، ومع حجم الدمار الهائل في جنوب لبنان وفقدان السكان لمصادر رزقهم جراء أشهر الحرب والقصف الإسرائيلي، بات عدد متزايد من الناس يعتمد على المساعدات للحصول على الإغاثة الأساسية.
وأوضحت فينا، أن تدمير المنازل ومصادر العيش والبنى التحتية أدى إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية، مما جعل الكثيرين غير قادرين على تحمّل تكاليف الرعاية الصحية، حتى أولئك الذين كانوا يحصلون عليها في السابق من القطاع الخاص.
وبشأن قرارات الإدارة الأميركية برئاسة دونالد ترامب إغلاق الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) وحجب المساعدات الخارجية بشكل عام، قالت فينا إن "أطباء بلا حدود" لا تقبل التمويل من حكومة الولايات المتحدة أو أي حكومة أخرى، وبالتالي لن تتأثر برامجها بشكل مباشر بمثل هذا القرار، ومع ذلك، أعربت عن قلقها من تأثير القرار على المنظمات الطبية الأخرى التي تعتمد على التمويل الأميركي، مشددة على أن "إيقاف المساعدات الخارجية يعطل الخدمات الصحية الضرورية في جميع أنحاء العالم".
ورأت أنه لا يزال من المبكر تقييم أثر هذا القرار على قدرة الفرق الطبية على الوصول إلى بعض المناطق، مشيرة إلى أن ذلك يقع خارج نطاق اختصاص المنظمة. لكنها أكدت أن "أطباء بلا حدود"، بحكم عملها في مناطق الأزمات حيث تنشط الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، تدرك التبعات المدمرة لوقف المساعدات الإنسانية والصحية، إذ يؤدي إيقاف التمويل المفاجئ إلى إغلاق خدمات حيوية، ما يخلّف كارثة إنسانية يتحمل تبعاتها الملايين من الأشخاص الأكثر حاجة.
وأشارت فينا إلى أن الانخفاض الأوسع في الدعم الدولي للبنان قد يؤثر على القدرة الإجمالية للاستجابة الإنسانية، مما يصعّب على المنظمات معالجة الاحتياجات الطبية والإنسانية المتزايدة في البلاد خلال مرحلة التعافي بعد الحرب.
وأكدت أنه رغم عودة بعض اللاجئين السوريين إلى سورية، لا يزال عدد كبير منهم في لبنان، إضافة إلى تدفق وافدين جدد من سورية، حيث دخل نحو 87 ألف شخص إلى لبنان في ديسمبر/كانون الأول 2024 وحده. وأوضحت أن هذه الأرقام تعكس الحاجة المستمرة إلى المساعدات الإنسانية، لا سيما في مجالات الرعاية الصحية والخدمات الأساسية. (العربي الجديد)