Advertisement

لبنان

"حزب الله" ينجح في اختبار التشييع.. مشهد مهيب يكرّس الحضور!

حسين خليفة - Houssein Khalifa

|
Lebanon 24
24-02-2025 | 06:00
A-
A+
Doc-P-1324794-638759890000666349.jpg
Doc-P-1324794-638759890000666349.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
لم يخيّب "حزب الله" التوقعات، فكان مشهد تشييع أمينيه العامين السابقين السيدين حسن نصر الله وهاشم صفي الدين مهيبًا، في الشكل والمضمون، تمامًا كما رسم له منذ اليوم الأول، بحضور كانت الصورة خير معبّر عنه، مع أصوات الناس التي صدحت في كلّ مكان، وبعضهم افترشوا الشوارع المحيطة بالمدينة الرياضية منذ ليلة السبت، وربما قبل ذلك، بانتظار الموعد المحدّد بعد ظهر الأسد.
Advertisement
 
صحيح أنّ عوامل عدّة تضافرت لتصنع هذا المشهد "المهيب"، بينها "البروباغندا" التي سبقت التشييع، والتي لعب فيها بعض خصوم "حزب الله" دورًا محفّزًا لجماهيره وأنصاره للنزول، مهما كانت الصعوبات والمعوّقات، وبينها "الاستنفار" الذي أعلنته قيادة الحزب، استعدادًا للحدث الكبير، والذي حوّلته إلى ما يشبه "الاستفتاء" على خيار المقاومة، في ضوء التطورات الأخيرة في المنطقة، وهو ما جسّده أساسًا الشعار الذي اختير للتشييع، "إنا على العهد".
 
لكن، قبل هذا وذاك، الأكيد أنّ العامل الأساسي الذي صنع "تاريخيّة" الحدث، إن صحّ التعبير، كان في اسم السيد حسن نصر الله، الذي لم يكن مجرّد أمين عام لـ"حزب الله"، على أهمية المنصب، ولم يكن فقط الشخص الذي تجاوز هذا الموقع، مع تمدّد نفوذه على المستوى الإقليمي، ولكنه كان استثنائيًا في كلّ شيء، وهو الذي بكاه محبّوه، بل عشّاقه، في لحظة الحقيقة، التي لم يصدّقوها، أو ربما لم يستوعبوها على مدى الأشهر الخمسة الماضية.
 
"رمزيّة" السيد نصر الله
 
هي "رمزية" السيد حسن نصر الله إذًا، التي صنعت الحدث التاريخي والاستثنائي، الذي لم يكن أحد قبل أشهر قليلة يتوقّعه، أو يضعه ضمن الحسابات، حتى بعد عملية "طوفان الأقصى"، مع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وما ترتّب عليها من عدوان على لبنان بفعل فتح "حزب الله" لجبهة الإسناد، وحتى بعد بدء سلسلة الاغتيالات لكبار قادة "حزب الله"، بل حتى بعد الخطاب الشهير للسيد نصر الله، الذي وعد فيه الشهداء الذين سبقوه باللقاء "القريب".
 
لعلّه "سرّ" الرجل الذي جعل جمهوره يعتقد أنّه "محصَّن"، حتى أنّه لم يصدّق أنه استشهد في تلك الضربة "المجنونة" يوم السابع والعشرين من أيلول الماضي، ولم يتردّد في "تكذيب" قيادة الحزب حين أصدرت بيانًا رسميًا نعته فيه، وظلّ متلهّفًا بانتظار "مفاجأة العودة"، بل قد لا يكون مبالَغاً به القول، إنّ كثيرين ممّن ذهبوا إلى التشييع، كانوا لا يزالوا يتأمّلون بهذه المفاجأة، فإذا بهم يستوعبون أخيرًا الحقيقة التي رفضوا تصديقها طيلة هذا الوقت.
 
ولا شكّ أنّ هذه "الرمزية" شكّلت الرسالة الأولى، وربما الأهمّ، لحدث التشييع الاستثنائي والتاريخي، فالنجاح الذي تحقّق ليس بالضرورة نجاحًا لـ"حزب الله" بحدّ ذاته، بقدر ما هو نجاح للسيد حسن نصر الله، الذي أكمل في استشهاده مسيرة حياته الحافلة مع الناس ومن أجل الناس، هو الذي لطالما شعر الناس انه منهم، ولذلك كان الحضور الشعبيّ طاغيًا، بخلاف الحضور الرسميّ، الذي دخلت على خطّه بعض التعقيدات، وربما الهواجس.
 
استفتاء.. وتثبيت حضور
 
وانطلاقًا من هذا النجاح التنظيميّ، إن صحّ التعبير، يسجّل لـ"حزب الله" النجاح في توجيه أكثر من رسالة، لأكثر من طرف في الداخل والخارج، أولها أنّ السيد نصر الله، بوصفه القائد التاريخي والاستثنائي للحزب، لا يمكن أن يُمحى أثره بسهولة، فهو كان الحاضر الغائب في جنازته، وشعار "لبّيك يا نصر الله" الذي صدحت به الحناجر، لم يكن الطاغي فحسب، بل يُعتقَد أنّه سيبقى قيد التداول لفترة قادمة، قد تكون طويلة، وفق مبدأ "إنّا على العهد".
 
وخلف رسالة الوفاء للقائد التاريخيّ، التي عبّر عنها الناس، في لحظة عاطفيّة صادقة ومن القلب، تبرز رسالة صمود، نجح "حزب الله" في تكريسها من خلال التشييع الذي يمكن وصفه بـ"التاريخي"، في الشكل، والحجم، كما في المضمون، خصوصًا أنّ التشييع حصل على وقع تحدّيات كبرى، خصوصًا في ظلّ التشويش الإسرائيلي، الذي ترجم أساسًا بتحليف الطيران على علو منخفض فوق بيروت، فضلاً عن الغارات المتسلسلة على مناطق عدّة.
 
وفي نجاح "حزب الله" أيضًا في التشييع، تثبيتٌ للحضور الشعبي والجماهيري، وبالتالي للحيثية التي حاول كثيرون نزعها عنه في الآونة الأخيرة، فحتى لو صحّ أنّ الحشود الكبيرة نزلت حبًا بالسيد نصر الله ووفاءً له، وأنّ بعض من نزلوا قد لا يكونون من المؤيدين بالمطلق لـ"حزب الله"، إلا أنّهم أكدوا في مكانٍ ما على وقوفهم إلى جانب خيار المقاومة في مواجهة العدو الإسرائيلي، وهنا قد يكون بيت القصيد في نقاشات المقبل من الأيام.
 
لعلّ "مشهديّة" التشييع كانت ما يحتاجه "حزب الله" تحديدًا في هذه المرحلة، "مشهدية" أراد فيها أن يوجّه الرسائل للصديق قبل العدو، وللداخل قبل الخارج، وهي رسائل تتداخل ما بين البقاء على العهد الذي أسّس له الشهيد السيد حسن نصر الله، والصمود على المبادئ والثوابت التي لطالما طبعت الحزب، ومواجهة التحديات الكبرى التي تفرضها المرحلة الحالية، وكلّ ذلك مع تثبيت الحضور والحيثية، التي تبقى قاعدة الانطلاق...
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك

حسين خليفة - Houssein Khalifa