نشر موقع "arabnews" تقريراً جديداً قال فيه إن العنف الذي تشهده سوريا مؤخراً يُفيد إسرائيل وإيران.
ويقول التقرير الذي ترجمهُ "لبنان24" إنَّ الاشتباكات الدامية في سوريا تذكر بأن الانتقال من حكم بشار الأسد قد لا يكون سلمياً كما تأمل الكثيرون في البداية، وأضاف: "لقد أفادت التقارير بمقتل مئات الأشخاص في المنطقة الساحلية
السورية خلال الأيام الماضية، عندما تصاعدت الاشتباكات بين
مجموعات موالية للأسد والحكومة الجديدة وجنحت نحو عنف طائفي".
وتابع: "تشير التقارير إلى أن سلسلة من الهجمات المُخطط لها على مواقع أمنية حكومية أشعلت فتيل الاضطرابات، وقد شنّها ضباط موالون للأسد من الطائفة العلوية التي ينتمي إليها، والذين رفضوا تسليم سلاحهم آملين في بدء تمرد".
وتابع: "حينها، استدعت قوات الأمن تعزيزات، لكن من بين المقاتلين
الذين قدموا لنجدتهم متطرفون طائفيون، فقام هؤلاء باستهداف المدنيين العلويين إلى جانب المتمردين. وفعلياً، لا يزال العدد الدقيق للقتلى محل خلاف، حيث يزعم المرصد السوري لحقوق الإنسان أن عددهم يصل إلى ألف قتيل، معظمهم من المدنيين".
وأردف: "لقد أصاب العنف غير المتوقع الحكومةَ الجديدة، وكذلك عامة السوريين، بالصدمة. في خطابٍ ألقاه يوم الأحد الماضي، أشاد رئيس الجمهورية
العربية السورية أحمد الشرع بقواته الأمنية، مندداً في الوقت نفسه بالمقاتلين الموالين للأسد
الذين سعوا إلى جرّ سوريا إلى حرب أهلية بهدف تقسيمها. كذلك، وعد الشرع بمحاسبة من ألحقوا الأذى بالمدنيين، مع وعده بإجراء تحقيق. لكن لا شك أن هذه ضربةٌ للنظام الجديد، إذ تُشكّل تحدياً لوعود الشرع بأنه ستكون مختلف طوائف سوريا في مأمن".
وقال: "حالياً، فإنّ تطورات الأمور محليًا غير واضحة، كما العنف الدولي يُفاقم المشاكل. منذ الإطاحة بالأسد في كانون الأول، سعى الشرع إلى استمالة الحكومات الأجنبية، بما في ذلك الحكومات الغربية، آملاً في جذب استثمارات أجنبية ضرورية وتخفيف العقوبات لتخفيف العبء عن الاقتصاد السوري المتعثر. ومع ذلك، في نهاية الأسبوع نفسه الذي بدا فيه أن هذه الجهود تُحرز تقدماً، وحثّت فيه مجلة الإيكونوميست الدول الغربية على رفع العقوبات عن سوريا، اندلعت هذه الهجمات. ومع إدانة وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو للإرهابيين المتطرفين لقتلهم المدنيين، ربما أصبحت المعركة الشاقة أصلًا لدفع واشنطن إلى تخفيف العقوبات أكثر صعوبة".
وتابع: "في المقابل، أكّدت معظم دول جوار سوريا، ولا سيما تركيا والعديد من دول الخليج، دعمها للحكومة الجديدة وقواتها الأمنية في معركتها ضد فلول
نظام الأسد، لكن قوتين إقليميتين أخريين ستستفيدان أكثر من غيرهما من هذه الأحداث إسرائيل وإيران".
وقال: "منذ سقوط الأسد في كانون الأول 2024، سعت الحكومة الإسرائيلية إلى تعزيز نفوذها في جنوب سوريا. وعقب فرار الأسد، احتلت إسرائيل المنطقة المنزوعة السلاح المتاخمة لمرتفعات الجولان المحتلة التي احتلتها عام 1967، مما جعل جيشها على بُعد 25 كيلومتراً فقط من دمشق".
وأردف: "مبرر إسرائيل لفعل ذلك ذو شقين. أولاً، ضمان أمنها. هنا، يعتبر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الشرع وحكومته التي تهيمن عليها هيئة تحرير الشام بمثابة المتطرفين الذي قد يشكلون تهديداً مباشراً لإسرائيل أو يمنحون آخرين مثل حماس فرصة القيام بذلك. وانطلاقًا من هذا، دعا نتنياهو في شباط إلى نزع سلاح جنوب سوريا بالكامل... من قوات النظام الجديد".
وأكمل: "أما مبرر إسرائيل الثاني فهو حماية الدروز في سوريا، وخاصةً المتمركزين حول مدينة السويداء جنوب شرق البلاد. لم يُظهر الدروز السوريون يوماً حباً كبيراً لإسرائيل، وكانوا تاريخياً مقاتلين مخلصين في حروب سوريا ضدها. لكن الدروز الإسرائيليين، على النقيض من ذلك، مندمجون تماماً في المجتمع والجيش الإسرائيليين، وقد ضغط
الكثير منهم على الحكومة الإسرائيلية لضمان سلامة إخوانهم السوريين في الدين. لذلك، صرّح نتنياهو في شباط قائلاً لن نتسامح مع أي تهديد للدروز في جنوب سوريا.. وسواءٌ أكان هذا قلقاً حقيقياً من نتنياهو أم ذريعةً لتبرير التدخل في سوريا، فإنه يُفاقم مشاكل الشرع بعد أحداث العنف على الساحل. فبالنسبة لإسرائيل، يُناسب قتل المدنيين العلويين روايتها القائلة بأن هيئة تحرير الشام وحلفاءها متطرفون انتقاميون سيستهدفون جميع الأقليات غير السنية في سوريا، وأن الدروز قد يكونون التالين".
وقال: "بالفعل، بعد القتال الذي دار نهاية الأسبوع، صرّح نتنياهو ووزير دفاعه إسرائيل كاتس لدمشق في بيان مشترك بأنه إذا آذى النظام الدروز، فسوف نؤذيه. وعملياً، فقد وُضعت خطط للدفاع عن جرمانا، وهي ضاحية ذات أغلبية درزية في العاصمة
السورية. في الوقت نفسه، فقد جادل البعض، مثل الباحث التركي علي باكير، بأن إسرائيل تريد أن ترى سوريا دولة فاشلة، مجزأة على أسس عرقية ودينية، مما يجعلها أقل تهديداً لإسرائيل وأسهل للتأثير والسيطرة. وعليه، إذا وُجدت مثل هذه الأجندة، فإن العنف الطائفي، كما شهدناه نهاية هذا الأسبوع، سيُعززها".
كذلك، رأى التقرير أن "المستفيد الآخر من العنف هو إيران"، وأضاف: "منذ سقوط الأسد، جُمّد حلفاؤه السابقون في طهران من سوريا. ورغم المليارات التي استثمروها في دعم الديكتاتور السابق، والتكلفة الباهظة للأرواح، خسرت إيران جميع قواعدها واستثماراتها وطريقها البري الذي يربط حلفاءها في العراق ولبنان. أما حكومة الشرع الجديدة، فقد كانت متساهلة، على أقل تقدير، حيث أدرجت إيران على أنها الدولة الوحيدة، إلى جانب إسرائيل، التي لم تُمنح تأشيرات دخول".
وتابع: "لكن يُعتقد أن إيران تحتفظ بعلاقات مع النظام الأسدي السابق في سوريا. لم يكن هناك دليل واضح على أن طهران هي من دبرت القتال الأسبوع الماضي، مع أن تركيا صرحت بأنها تعتقد أن عناصر أجنبية لم تُسمَّ مسؤولة جزئياً عن ذلك، في حين سارعت وزارة الخارجية الإيرانية إلى نفي أي تورط لها، مُصرِّحةً يوم الاثنين أن أي قتل أو عمل ضد المدنيين مُدان وغير مُبرَّر. مع ذلك، وكما هو الحال مع إسرائيل، لإيران مصلحة في التطورات".
وأكمل: "من جهة، ترغب إيران وعناصر الحرس الثوري الإسلامي في ضمان أمن العلويين في سوريا ما بعد الأسد. وإذا ما اختارت إيران وعناصر الحرس الثوري الإسلامي اتباع هذا الأسلوب، فقد تُشكّل المذبحة الطائفية التي وقعت نهاية الأسبوع الماضي أداة تجنيد قيّمة للعلويين الخائفين".
وختم: "رغم خلافاتهما، فإن إسرائيل وإيران قد تستفيدان من عدم الاستقرار والقتال الطائفي في سوريا وأي فشل للشرع في الإشراف على انتقال سلمي".