كتبت دوللي بشعلاني في "الديار":
تبرز أهمية الترسيم البرّي للحدود
الدولية للبنان جنوباً وشرقاً وشمالاً، على ما تقول مصادر سياسية مطّلعة، ليتمكّن الجيش من السيطرة على حدود
لبنان النهائية وتلافي الإشتباكات
العسكرية، والتوتّرات الأمنية الناتجة عن الحدود المفتوحة أو غير المرسّمة، وإنهاء الخلافات على هذه النقطة أو
المنطقة أو تلك.
وما أعلنه المبعوث الرئاسي الأميركي لشؤون الشرق الأوسط ستيف ديتكوف أخيراً عن أنّ إسرائيل لن تنسحب من النقاط الخمس، ولن تدخل في أي تسوية أو بتّ للنقاط الـ 13 المتنازع عليها في الأصل، ما لم تسر الأمور بحسب ما ترسمه واشنطن، يؤكّد على أنّ إدارة الرئيس دونالد ترامب تضع شروطاً على
لبنان قبل أن "تسمح" له ببدء البحث بترسيم أو تثبيت الحدود البريّة بين
لبنان وإسرائيل، وباستئناف عملية التنقيب واستخراج النفط والغاز من البلوكات البحرية
اللبنانية. كما بإعادة إعمار الجنوب والضاحية والبقاع، والسماح بالتالي لأهالي
البلدات الحدودية الأمامية بالعودة اليها لممارسة حياتهم اليومية.
وتُهدّد
لبنان كذلك بعدم تقديم المساعدات
العسكرية للجيش بالوتيرة السابقة نفسها، ما لم تتخذ الحكومة
اللبنانية سلسلة إجراءات تفرضها عليها تحت عنوان عريض "القيام بعملية سياسية جديدة".
وهذا ما يؤكّد، بحسب المصادر، بأنّ إدارة ترامب تريد أولاً، كما حليفتها في
المنطقة، أن يكون
لبنان من المطبّعين مع إسرائيل، ومن بين دول
المنطقة التي قد توافق على الإنضمام الى "اتفاقيات إبراهيم".
وإذ لم يُعلن
لبنان موقفه الرسمي من هذا الأمر، صرّح وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجّي أنّ "التطبيع غير مطروح، وأنّ المفاوضات السياسية المباشرة مع "إسرائيل" مرفوضة نهائياً".
وعلى هذا الأساس تتصرّف حكومة الرئيس نوّاف سلام، فهي ترفض التطبيع مع العدو، كما المفاوضات السياسية والتي يقودها مدنيون، وليس عسكريين وتقنيين، وتقوم بتنفيذ المطلوب منها في القرار 1701.
وتُطالب الولايات المتحدة بالتالي بالضغط على "اسرائيل" لتطبيق ما ينصّ عليه القرار المذكور في ما يتعلّق بانسحابها من جميع الأراضي
اللبنانية المحتلّة.
أمّا مسألة انسحاب إسرائيل من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والقسم الشمالي من بلدة الغجر ومن بلدة النخيلة التي لا تزال محتلّة منذ العام 2000، فتودّ واشنطن، على ما تلفت المصادر، أن يبقى بتّ مصيرها تحت إدارة الأمم المتحدة.
وتدعو إدارة ترامب
لبنان الى ضبط حدود خريطته الجغرافية عبر تأليف لجنة لترسيم الحدود البريّة مع إسرائيل وسوريا، على أن تقوم بالمهمة نفسها مع قبرص لحسم ملف ترسيم الحدود البحرية معها، تقول أوساط ديبلوماسية مطلعة لجريدة "الديار"، بأنّ اللجنة هي مقبرة القرارات، لهذا من الأفضل التوافق على تشكيل "هيئة عليا للترسيم البرّي".
والفارق بين اللجنة والهيئة، هو أنّ الهيئة تصدر بقانون بدلاً من قرار وتحتاج الى موافقة مجلس النوّاب، وتُخصّص لها ميزانية خاصّة لإنجاز مهمّتها، في حين أنّ أي وزير في الحكومة يُمكنه تشكيل لجنة كيف ما كان.
من هنا تأتي أهمية البحث في تشكيل هيئة عليا، على ما سبق للأوساط أن اقترحت مرات عدّة، لكي يتمكّن
لبنان من استعادة حقوقه البرّية خلال عملية التفاوض على الترسيم البرّي مع إسرائيل والبرّي والبحري مع سورية والبحري مع قبرص.