Advertisement

لبنان

لعيد البشارة في تلاقي الصوم والصيام معنىّ آخر هذه السنة

اندريه قصاص Andre Kassas

|
Lebanon 24
25-03-2025 | 10:01
A-
A+
Doc-P-1338170-638784897274013985.jpg
Doc-P-1338170-638784897274013985.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
ما يُقال عن المعاني التوحيدية لعيد بشارة العذراء مريم ليس شعرًا، بل واقع معيوش في لبنان، أقّله مرّة واحدة في السنة. هو يوم كافٍ للتأسيس عليه لمستقبل أفضل يتوق إليه المخلصون، الذين خبروا في حياتهم الشخصية والعامة أهمية ما يجمع بين اللبنانيين، مسيحيين ومسلمين، من قيم إنسانية وقواسم وطنية مشتركة، وهم يعملون في تعاطيهم اليومي على أساس أن ما يجمع بين أبناء الواحد أكثر بكثير مما يفرّق بينهم. والأمثلة كثيرة على ما يقوم به هؤلاء المسؤولون لكي تأتي أفعالهم متطابقة مع ما يؤمنون به، وذلك من خلال عدم التمييز في ما يقدمون عليه من أعمال خير تشمل جميع الذين هم أقّل حظًّا من غيرهم، إلى أي طائفة أو مذهب انتموا، وهم موجودون في كل المناطق، التي تُعتبر محرومة من الخدمات الحكومية، وهي لا تزال تنتظر أن يطالها الانماء المناطقي المتوازن، وهو بند أساسي في اتفاق الطائف لم يُطّبق حتى الآن.
Advertisement
 فما توافق عليه اللبنانيون يوم قرروا مجتمعين، وبملء إرادتهم وبوعي وجداني جماعي، أن يكرّسوا عيد البشارة في 25 آذار من كل سنة يومًا وطنيًا، يختصر بمعانيه الروحانية مسيرة عمرها في الزمن الحديث مئة وخمس سنوات، هي مسيرة التعايش بين المسيحيين والمسلمين، على رغم الخلافات الموسمية، التي تنشب بين اللبنانيين من حين إلى آخر، بفعل تأثيرات وعوامل خارجية.
فلبنان هو البلد الوحيد في العالم الذي يعيّد فيه أبناؤه، مسيحيين ومسلمين، هذا العيد – الرمز، الذي له ابعاد وطنية تتخطّى برقّيها أي اعتبارات أخرى. فقدر اللبنانيين أن يعيشوا معًا. ليس لهم بلد آخر يلجأون إليه، وإن هاجروه مضطّرين ومكرهين، يعيشونه حيث هم بكل جوارحهم وأحاسيسهم ووجدانهم. 
في هذا العيد يتلاقى جميع اللبنانيين على صِلات تميزّهم عن غيرهم من شعوب الأرض، سواء أكانوا مسلمين أم مسيحيين. ففي الغرب المسيحي قلما يسمع المسيحي آذان المؤذّن، صبحًا وظهرًا ومساء، تدعو إلى الصلاة والفلاح. وكذلك الأمر بالنسبة إلى المسلم في البلاد المسلمة، التي ليس فيها اختلاط أو عيش مشترك، فهو لا يسمع، كما يسمع المسلم اللبناني، أصوات أجراس الكنائس. 
مَن مِن اللبنانيين المسيحيين لا يحفظ سورة الفاتحة وآيات كثيرة من القرآن الكريم؟ ومَن مِن اللبنانيين المسلمين لا يعرف أكثر من مثل من أمثال الانجيل. فالقرآن الكريم لدى المسيحيين كتاب مقدّس أنزله الله على رسوله. والإنجيل لدى المسلمين كتاب مقدس فيه سيرة السيد المسيح وآياته واعاجيبه. 
يلتقي الإسلام والمسيحية في حدث البشارة لمريم العذراء عند ظهور الملاك جبرائيل عليها وتبشيرها بحبلها بيسوع من الروح القدس. الرواية ذكرها القديس لوقا في الإنجيل (1: 26-37)، وفي القرآن الكريم، سورة آل عمران (44-48)، مع بعض الفوارق.  
في عيد بشارة مريم العذراء، الذي أصبح يومًا وطنيًا، يجتمع اللبنانيون، مسلمون ومسيحيون، وهم على ثقة بأن صلاتهم المشتركة إلى من ذكرها القرآن الكريم ثلاثين مرّة دون سائر نساء العالمين، وهي أصفاهن، وإلى "مسكن الله"، ستكون مستجابة، وهم يعانون ما يعانونه نتيجة انكفاء عدالة الارض، ولم يعد لهم ملجأ سوى عدالة السماء.
في هذا اليوم تلتقي الصلوات وتتعانق آذان الصبح مع صوت الأجراس القديمة علّ السماء ترأف بهذا الشعب، الذي لم يعد له سوى الدعاء، بعدما سُدّت في وجهه سبل الخلاص الأرضي.
إنه يوم التلاقي للتعبير عمّا يجمع بين اللبنانيين من صِلات تميزّهم عن غيرهم من شعوب الأرض، سواء أكانوا مسلمين أم مسيحيين.
 في عيد التلاقي التبشيري يصوم المسيحيون الذين يتبّعون التقويمين الغربي والشرقي، فيما يستعدّ المسلمون لاستقبال عيد الفطر المبارك بعد شهر من صيام مبارك، حيث جمعت الصلاة والصوم والصيام وأعمال البرّ والخير واسترضاء خالق السماوات والأرض جميع اللبنانيين، كبارًا وصغارًا.
 إنها أيام مباركة عسى أن تكون بداية طريق خلاص اللبنانيين من عذاباتهم ليشهدوا قيامة وطنهم المنهك، على رغم ما تقوم به إسرائيل من اعتداءات استفزازية كل يوم خارقة اتفاق وقف النار، فيما تلوح بوادر أمل جديد مع انتخاب العماد جوزاف عون رئيسًا للجمهورية. 
مواضيع ذات صلة
تابع

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك
Author

اندريه قصاص Andre Kassas