Advertisement

لبنان

فضائح السدود: مليارات الدولارات من دون مياه..هل يفتح القضاء ملفات كل السدود؟

نوال الأشقر Nawal al Achkar

|
Lebanon 24
25-03-2025 | 11:01
A-
A+
Doc-P-1338191-638784921340267140.jpeg
Doc-P-1338191-638784921340267140.jpeg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
لم تكن قضية سد المسيلحة بحاجة إلى ملاحقات قضائيّة لإدراك حقيقة فشل المشروع، إذ أنّ معاينة موقع السد الذي ابتلع المياه كفيلة وحدها بتقدير حجم الفساد والهدر. لكن المعضلة ليست هنا، بل أعظم بكثير، وترتبط باستراتيجيّة متكاملة تبنّاها وزراء الطاقة المتعاقبون، لبناء سدود على امتداد جغرافيا البلد، على مدى عقد ونيّف، من دون دراسات علميّة، وكلّها مشاريع كلّفت الدولة مليارات الدولارات، ولم تؤمّن المياه. ورغم فشل السدود من جنة إلى بقعاتا وبلعة والمسيلحة، قاتل الفريق نفسه لفرض مشروع سد بسري الذي كاد ينضم إلى قائمة السدود الفاشلة،لولا ضغوط المجتمع المدني والجمعيات البيئية وبعض الأحزاب لإيقافه.
Advertisement
سد المسيلحة في القضاء
انتقلت قضية سد المسيلحة من النيابة العامة المالية إلى قاضي التحقيق الأول في الشمال سمرندا نصار، التي طلبت من وزارة الطاقة دفتر الشروط الأساسي ومراحل العمل وكل تفاصيل المشروع، وبعدما استمعت إلى وزير الطاقة السابق وليد فياض ستستكمل الاستماع لوزراء الطاقة المتعاقبين، وتتابع تحقيقاتها لتبيان مسؤوليّة الشركات الأربعة المنفّذة والاستشاريّة، الأجنبيّة واللبنانيّة. فهل تصل التحقيقات القضائيّة إلى الخواتيم المرجوّة في محاسبة المسؤولين عن فشل مشروع سد المسيلحة؟ والأهم هل يفتح القضاء ملف السدود على مصراعيه،أم يبقى المسؤولون عن هدر المال العام بمنأى عن المحاسبة؟
تنفيذ سدود بلا دراسات
مؤسس ورئيس جمعية الأرض- لبنان بول أبي راشد لفت في اتصال مع "لبنان 24" إلى أنّ "الاستراتيجية الوطنية لقطاع المياه" التي أطلقها وزير الطاقة والمياه الأسبق جبران باسيل عام 2011 نصّت في خطّتها العشرية على بناء 30 سدًّا، وتمّ البدء بتنفيذ سدود المسيلحة، بلعا، بقعاتا وجنة "عندما علمنا بتنفيذ سد جنة، توجّهنا إلى وزارة البيئة بسؤال عن دراسة تقييم الأثر البيئي، وهي دراسة ملزِمة قبل البدء بتنفيذ أيّ مشروع وفق أحكام قانون حماية البيئة رقم 444، كان ردّ وزير البيئة محمد المشنوق بعدم وجود دراسة، وبناء عليه طلب الأخير من وزارة الطاقة توقيف الأعمال في السدّ لحين إعداد دراسة الأثر البيئي.الحال نفسه حصل في سدود بلعا وبقعاتا وجنة، حيث توجّهنا بالرسائل نفسها إلى وزارة البيئة، وكان جواب المشنوق بأن لا دراسات للأثر البيئي، وكرر طلبه من وزارة الطاقة توقيف الأعمال في هذه السدود، ولكن ذلك لم يحصل بل استمرت الأعمال، وهنا كانت الانطلاقة الخاطئة، فلو أنجزت الفحوصات حول طبيعة الأرض والدراسات البيئيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة، لكنّا وفّرنا هدرا للمال العام".
تجاهل الاعتراضات البيئيّة وتقرير الشركة الفرنسية
قدّمت شركة SAFEGEالفرنسيّة تقريرًا عام 2011 أي قبل بدء الأعمال بسد المسيلحة بثلاث سنوات، مفاده أنّ أرض المسيلحة صعبة لتجميع المياه، وأنّ كلفة المشروع باهضة جدًّا تفوق الميزانية المرصودة له، يلفت أبي راشد "فكيف لوزارة الطاقة أن تتبنّى مشروع السد بعد معرفتها المسبقة بأنّ الأرض غير صالحة لتجميع المياه؟ ما حصل في سد المسيلحة، تكرر في سدود جنة وبقعاتا وبلعة. تحرّك القاضية نصار يشكّل بداية جيدة ويعزز الأمل بالمحاسبة، ولكن هل سيكتفي القضاء بسد المسيلحة أم سيتحرك باقي قضاة جبل لبنان للتحقيق في السدود الثلاثة المتبقيّة؟" سأل أبي راشد، لافتًا إلى أنّ تكلفة سد بلعا لتجميع مليون متر مكعّب لامست تكلفة سد المسيلحة لتجميع 6 مليون متر مكعّب. ولفت إلى تحرّك قاموا به لايقاف سد جنة "بالفعل ألزمهم رئيس الحكومة تمام سلام في حينه بدراسة الأثر البيئي، وخلصت الدراسة أنّ السد غير صالح، فتم إيقاف العمل به، ولكن عندما انتُخب ميشال عون رئيسًا للجمهورية أخذ قراره مع الرئيس سعد الحريري بإعادة تشغيل السد، وهكذا كسر القرار السياسي القرار القانوني ".
ملاحظات ديوان المحاسبة المسبقة على سد المسيلح: مخالفات ماليّة وفنيّة وتوصية بإعادة المناقصة
بالعودة إلى بداية مشروع سد المسيلحة، أجرت وزارة الطاقة والمياه مناقصة لتلزيم السد عام 2011، ورسا التلزيم بقيمة تتجاوز 83 مليار ليرة، وعرضت النتائج على رقابة ديوان المحاسبة المسبقة بغاية التثبت من صحة المعاملة، وكانت لهذا الأخير ملاحظات حول مخالفات جوهريّة ماليّة وتقنيّة عديدة شابت الملف، وفق ما أكد الخبير في المعهد اللبناني لدراسات السوق ومدير عام الاستثمار السابق في وزارة الطاقة والمياه غسان بيضون في اتصال مع "لبنان 24" ونظراً لأهمية ملاحظات الديوان ودقّتها وخطورتها لم يتمكن من إصدار قراره بشأن التلزيم ضمن المهلة القانونية، فصرف وزير الطاقة في حينه النظر عن رأي الديوان، وطلب استرداد الملف. وقد استجاب ديوان المحاسبة لطلب الوزير بموجب كتاب رسمي صادر عن الغرفة المختصة بتاريخ 22/12/ 2011، ولكن ضمّنه ملاحظات عديدة وفق بيضون. أبرز المخالفات المالية التي أشار إليها تقرير الديوان، وقوع لجنة التلزيم في خطأ عدم احتسابها الضريبة على القيمة المضافة، خطأ لو لم يقع لأدّى إلى تغيير النتيجة لجهة ربح المناقصة من قبل عارض آخر، وعدم تطابق جداول تحليل الأسعار مع أسعار الكشف التخميني، مما أفقد جدول التحليل قيمته والجدوى منه، بحيث أنّه لو تمّ احترام جدول تحليل الأسعار لتدنت قيمة التلزيم بمبلغ مهم نسبياً. ولأنّ الخطأ الذي ارتكبته لجنة التلزيم عند إعادة التدقيق بالأسعار هو جوهري، إذ يؤدي تصحيحه إلى تغيير نتيجة التلزيم وكذلك قيمة الصفقة، فقد أوصى ديوان المحاسبة الإدارة بإعادة المناقصة مجدداً، واعتبر أن لجنة التلزيم هي المسؤولة عن الثغرات التي اعترت إجراءات المناقصة ونتائجها.
أمّا في الشقّ التقني، فكانت لديوان المحاسبة ملاحظتان حول الحل المعتمد في بناء النواة العازلة للمياه في سد المسيلحةخلافا للمعتمد في بناء السدود في لبنان، مكوّنة من تربة دلغانيّة رمليّة، يجب استخراجها من أرض البحيرة، الأمر الذي يفترض وجود كميات كافية من هذه المواد في موقع البحيرة وبنوعية جيدة. أمّا الملاحظة الثانية فتتعلّق بأنّ الحل المعتمد لمنع تسرب المياه ببناء نواة من الاتربة تحت قاعدة السد، يستند إلى بناء جدار قاطع يحفر بعرض ١،٢ متراً وعمق ٦٠ متراً وطول ٢٠٠ متراً، لم يسبق تنفيذه في لبنان بهذا العمق من قبل شركات محليّة، ولا بدّ من قيام شركات عالمية ذات خبرة بالسدود بتنفيذه، لا سيّما وأنّ نجاعة السد الفنية معلّقة عليه.
لم تكن نتائج السدود مفاجئة للخبراء البيئيين وفق أبي راشد"لطالما حذرنا من مشاريع السدود استنادا إلى الحقائق العلمية التي تؤكد أنّ أرض لبنان غير صالحة لإقامة سدود، وأنّ السدود الخمسة بريصا جنة المسيلحة بقعاتا وبلعة تقع في أرض كارستيّة تبتلع المياه، وتقوم بتجميعها تحت الأرض في خزانات مياه جوفية". والمعضلة لم تقتصر على عدم تجميع المياه بل تمّ تدمير مساحات بيئية وأثرية شاسعة، فهل حان زمن المحاسبة؟.
مواضيع ذات صلة
تابع

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك
Author

نوال الأشقر Nawal al Achkar