في 21 آذار 2025، صدر التقرير السنوي لمؤشر السعادة العالمي عن شبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة، ليضع
لبنان في المرتبة 145 من أصل 147 دولة، متقدمًا فقط على سيراليون وأفغانستان. ويعكس هذا التصنيف استمرار التدهور في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي أثقلت كاهل اللبنانيين، رغم تحسّن طفيف مقارنة بالعام 2023 حين كان
لبنان يحتل المرتبة ما قبل الأخيرة.
تحديات متشابكة تؤرق اللبنانيين
كشف التقرير عن سلسلة من الأزمات التي ساهمت في وضع لبنان ضمن الدول الأكثر تعاسة، أبرزها:
-الأزمة الاقتصادية الطاحنة: استمرار الانهيار منذ عام 2019 أدى إلى ارتفاع معدلات التضخم بشكل هائل وانهيار قيمة العملة المحلية، ما أضعف القوة الشرائية للمواطنين وعمّق الفقر.
-تفشي الفساد وسوء الإدارة: عدم تنفيذ سياسات إصلاحية وغياب الشفافية زادا من فجوة الثقة بين المواطنين والمؤسسات
الرسمية.
- الهجرة وفقدان الكفاءات: ارتفاع نسب البطالة، دفع كثير من الشباب اللبنانيين إلى
البحث عن مستقبل
أفضل خارج البلاد، ما أثر سلبًا على تنمية الاقتصاد المحلي.
- تدهور الخدمات الأساسية: نقص الكهرباء والمياه، بالإضافة إلى ضعف التعليم والرعاية الصحية، جعل الحياة اليومية تحديًا مستمرًا.
- الأزمات السياسية المستمرة: الفراغ الحكومي وتأخر اتخاذ القرارات المصيرية حالا دون تحسين الأوضاع، بينما تعمّقت الكوارث، مثل انفجار مرفأ بيروت عام 2020، في إرهاق اللبنانيين نفسيًا وماديًا.
رؤية للحلول الممكنة
رغم الأزمات المتشابكة، توجد خطوات عملية يمكن أن تُحدث تغييرًا إيجابيًا في
المستقبل. من أبرزها:
- تنفيذ إصلاحات اقتصادية شاملة: إعادة بناء الثقة في النظام المالي واستقرار العملة المحلية، إلى جانب تعزيز المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تُعد محركًا للنمو.
-الاستثمار في الخدمات العامة: تحسين البنية التحتية للكهرباء والمياه والنقل لتخفيف الأعباء اليومية ورفع مستوى الرفاهية.
-دعم القطاعات الحيوية: تحسين جودة التعليم والرعاية الصحية لتعزيز فرص التنمية المستدامة للأجيال المقبلة.
- مكافحة الفساد وإرساء الشفافية: جعل الشفافية والمساءلة من أولويات العمل الحكومي لاستعادة ثقة الشعب وتشجيع الإصلاحات.
- تشجيع العمل المجتمعي: دعم المبادرات المحلية والعمل التطوعي لبث روح التعاون والتضامن في المجتمع اللبناني.
الخطوة الأكثر إلحاحًا: مكافحة الفساد
يشير الخبراء إلى أن الخطوة الأكثر إلحاحًا تكمن في تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد. هذه الخطوة ليست فقط شرطًا أساسيًا لاستعادة ثقة المواطنين بالحكومة، لكنها تُعتبر أيضًا مفتاحًا لتوجيه الموارد بكفاءة نحو التعليم والصحة والبنية التحتية، مما يُحسن جودة الحياة ويعزز الشعور بالسعادة.
ماذا يقول الخبراء؟
ومن هنا، يشير خبير اجتماعي عبر "لبنان 24" الى أن الأزمات السياسية والاقتصادية لها تأثير عميق على الصحة النفسية للمواطنين، لكن تعزيز الدعم الاجتماعي وتفعيل المبادرات المجتمعية يمكن أن يساعد في تقوية الروابط داخل المجتمع، مما يرفع منسوب الأمل والسعادة، مشدداً على ان بناء مجتمع سعيد لا يمكن أن يتحقق دون معالجة جذرية لأزمات الفساد وغياب العدالة الاجتماعية.
ولفت الى ان لبنان بحاجة إلى قيادة تضع الإنسان في صلب أولوياتها.
يُذكر أن تقرير السعادة العالمي يُصدر منذ عام 2012، ليقيس رفاه الشعوب استنادًا إلى معايير مثل: الدخل، الدعم الاجتماعي، الصحة، الحرية، الثقة، وسخاء المجتمع.