التلويحُ بين الحين والآخر بإمكانية إقدام "حزب الله" على شنّ عمليات ضدّ إسرائيل داخل التلال الـ5 المُحتلة في جنوب لبنان سيفتح الباب حُكماً أمام معركةٍ كبرى قد تمتدُّ حقاً لتصبح حرباً موسعة أكبر من التي شهدها لبنان قبل أشهر.
خلال الساعات الماضية، تحدث تقارير
في إسرائيل عن عقيدة أمنية جديدة ترتبط بـ"سحق حزب الله"، ما يعني أنّ المعركة الحربية التي قد تنشبُ في أي وقت ستكون شرسة جداً، والهدف منها هو ضرب مقدرات الحزب الجديدة والتي بقيت منذ الحرب السابقة.
السؤال الأساس الذي يُطرح في هذا الإطار هو التالي: ماذا تعني أبعاد هذه العقيدة؟ وهل من الضرورة أن تكون مرتبطة حقاً بحربٍ قد تحصل في أي وقت أم أنها ستكونُ ضمن إطار مسارٍ طويل يعتمد على عمليات حربية تحصلُ بين الحين والآخر؟
تقولُ مصادر معنية بالشأن العسكريّ لـ"لبنان24" إنه في حال وضعنا سيناريو الحرب الموسعة جانباً كإحتمال أساسي لتنفيذ إسرائيل العقيدة الأمنية الجديدة المُشار إليها، يأتي سيناريو آخر أساسه وجود إمكانية لاستمرار الضربات ضد "حزب الله" على قاعدة التصعيد المضبوط، أي الذي سيبقى دون عتبة الحرب، وتضيف: "الحديث عن السحق يعني أن إسرائيل لم تتمكن من إنهاء
حزب الله وهذا اعتراف ضمني باستمرار وجوده وتشكيله تهديداً لإسرائيل، وهذا ما يتنافى مع الكلام عن هزيمة فعلية تم الترويج له خلال الأشهر الماضية".
وفق المصادر، فإن إسرائيل تُمارس الاعتداءات المستمرة ضد لبنان لاستهداف ما يمكن أن يُشكل ملاذاً حربياً لـ"حزب الله". بمعنى آخر، فإنّ تل أبيب تحاول لجم بناء أي بنى تحتية تابعة لـ"حزب الله" في جنوب لبنان وبالتالي عرقلة عملية النهوض والتأسيس التي يخوضها الأخير بعد الحرب الأخيرة نظراً للخسائر التي مُني بها.
إذا تمّ التسليم بالسيناريو الثاني، عندها تكون إسرائيل قد مضت أكثر نحو تعميق اعتداءاتها على لبنان، ما يستدعي خطراً كبيراً نحو إمكانية نشوب حرب يُستدرج إليها "حزب الله" في حال وجد أن الضربات الكثيرة والمتعددة تطاله بشكلٍ كبير ولم تتوقف على جنوب لبنان والبقاع.
تتحدث المصادر أيضاً عن قراءة لآفاق المعركة المُقبلة، وتقول إنَّ "الحرب الإستخباراتية عادت إلى أوجها"، وتضيف: "حينما تتحدث إسرائيل عن سحق
حزب الله، فإن المسألة لا ترتبط فقط بضربات جوية هنا أو عمليات قصف مدفعي هناك. الأمرُ يتصلُ بتعميق الخروقات الإستخباراتية داخل الحزب ما يفتح
الباب أمام عرقلة عملية البناء الأمني التي يسعى حزب الله لتكريسها واقعاً بعد الثغرات الأمنية التي شهدها".
لهذا السبب وغيره، فإنّ مسألة عقيدة "السحق" تعتبرُ بمثابة جرّ الحزب إلى حرب جديدة لإتمام ما لم يجرِ تنفيذه سابقاً، وما بقاء إسرائيل في التلال الـ5 إلا "الثغرة الخطيرة" التي يمكن أن تسحب "حزب الله" إلى المواجهة حتى وإن لم يُطلق الصواريخ باتجاه الداخل الفلسطيني واكتفى بالعمليات داخل جنوب لبنان.
وعليه، فإن المعركة – إن اندلعت – ستراها إسرائيل اعتداءً عليها وعلى قواتها داخل لبنان حتى وإن لم يكن هناك قصفٌ من الجنوب باتجاه المستوطنات مثلما حصل يوم السبت حينما تمَّ إطلاق صواريخ باتجاه مُستوطنة المطلة.
المصادر عينها تعتبر أيضاً أنَّ مواصلة إسرائيل لعملياتها ضدّ الحزب من شأنه أن يُطوّق قدرة
إيران على المواجهة في
المنطقة، كما من شأن ذلك أن يعيق إمكانيات النهوض التي تكرسها طهران لـ"حزب الله" عسكرياً ومالياً، وبالتالي التأثير على الأوراق التفاوضية المطروحة بين
الأميركيين والإيرانيين.
لذلك، ترى المصادر أن "عملية تسخين" الجبهة بين لبنان وإسرائيل ستبقى مُستمرة، متوقعة حصول عمليات ومناوشات جديدة إلى حين اكتمال المسار واتضاحه بين واشنطن وطهران، وبالتالي دخول لبنان مُجدداً في مرحلة "الوقت الضائع".