ذكرت صحيفة "The New York Times" الأميركية أن "إسرائيل بنت شبكة من المواقع والتحصينات في سوريا ولبنان، مما زاد من المخاوف بشأن احتلال طويل الأمد في أجزاء من
البلدين. وتقول إسرائيل إنها تريد منع أي هجوم مفاجئ آخر عبر حدودها، على غرار الهجوم الذي قادته حماس في تشرين الأول 2023 والذي أشعل فتيل الحرب في غزة. ولم تُعلن تل أبيب عن مدة بقاء قواتها في أراضي الدول المجاورة، حيث تتواجد جماعات معادية لإسرائيل. ولكن ثمة مؤشرات على أن إسرائيل تبدو مستعدة للبقاء إلى أجل غير مسمى، وفقًا لتحليل أجرته الصحيفة".
وبحسب الصحيفة، "أقام الجيش
الإسرائيلي أبراج مراقبة، ووحدات سكنية جاهزة، وطرقًا، وبنى تحتية للاتصالات، وفقًا لسكان محليين والأمم المتحدة. وتُظهر صورة التُقطت في كانون الثاني لمنطقة قرب بلدة جباتا الخشب
السورية معدات ثقيلة قيد العمل، وجدارًا بُني حديثًا. وشكل هذا أكبر حشد عسكري ملحوظ في المنطقة العازلة المنزوعة السلاح في سوريا، حيث اتخذت القوات
الإسرائيلية مواقعها وأقامت حواجز طرق في كل أنحاء المنطقة، كما انتشرت خارج المنطقة داخل سوريا، بما في ذلك على تلةٍ تُطل على قرية كودانا. وقال عمر طحان، أحد القادة المحليين في كودانا: "يقولون إنه أمرٌ مؤقت، ولكن بناءً على ما يُشيّدونه، يبدو أنهم يُجهّزون للبقاء لفترةٍ من الوقت".
وتابعت الصحيفة، "تقول إسرائيل أيضًا إن قواتها ستبقى في خمسة مواقع في جنوب
لبنان للدفاع عن التجمعات السكانية
الإسرائيلية من أي هجوم محتمل. وكانت قد تعهدت في البداية، كجزء من اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في أواخر تشرين الثاني، بالانسحاب من البلاد، لكن الموعد النهائي مُدد، ويجري البلدان الآن المزيد من المفاوضات. وبالتوازي مع الحرب في غزة، خاضت إسرائيل معارك على طول حدودها الشمالية مع حزب الله، الذي بدأ إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة على مواقع إسرائيلية بعد وقت قصير من الهجوم الذي قادته حماس في 7 تشرين الأول والذي أشعل فتيل الحرب، مما أدى إلى تبادل الهجمات بين الجانبين ونزوح آلاف السكان الإسرائيليين واللبنانيين على جانبي الحدود. وفي الصيف الماضي، شنّت إسرائيل حملة جوية وغزوًا بريًا واسع النطاق أسفر عن مقتل كبار قادة حزب الله والعديد من مقاتليه".
التوغل في سوريا
وبحسب الصحيفة، "تقول إسرائيل إن وجودها في جنوب سوريا يهدف إلى حماية التجمعات السكانية في شمال إسرائيل، كما وأعربت عن عدم ثقتها بالحكومة الجديدة في دمشق، التي يقودها المتمردون الإسلاميون الذين أطاحوا بالرئيس بشار الأسد أواخر العام الماضي. في عام 1973، شنّت سوريا بالاشتراك مع مصر هجومًا فاجأ إسرائيل. وفي العام التالي، اتفقت إسرائيل وسوريا على وقف إطلاق نار أدى إلى إنشاء منطقة عازلة، لم يُسمح لأيٍّ من الجيشين بالعمل فيها. ولكن بعد سقوط الأسد، اجتاحت القوات الإسرائيلية المنطقة العازلة وما بعدها، ونفّذت الطائرات الحربية الإسرائيلية مئات الغارات على مواقع عسكرية في كل أنحاء البلاد. من جانبه، يقول الرئيس السوري المؤقت، أحمد الشرع، إن بلاده لا تزال ملتزمة بوقف إطلاق النار المُبرم عام 1974. لكن رئيس الوزراء
الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يقول إن وقف إطلاق النار "انهار" بسقوط الأسد، وهو يطالب الآن بـ"نزع السلاح الكامل" عن معظم جنوب سوريا "من قوات النظام الجديد"."
وتابعت الصحيفة، "في الشهر الماضي، صرّح وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، بأن قوات بلاده مستعدة للبقاء في المنطقة العازلة، حيث يعيش آلاف السكان السوريين، "لأجل غير مسمى". وأضاف أنهم ينفذون أيضًا غارات في عمق جنوب سوريا. وفي إشارة أخرى إلى اتساع نطاق السيطرة الإسرائيلية، أضاف كاتس أن حكومته ستبدأ بإصدار تصاريح لبعض السوريين لدخول مرتفعات الجولان للعمل. وفي الأسابيع الأخيرة، شوهدت شاحنات إسرائيلية تعمل على طول المنطقة العازلة، وأظهرت صورة من أوائل كانون الثاني آليات بناء تعمل بالقرب من مدينة القنيطرة. وتُظهر صور الأقمار الصناعية التي التقطتها بلانيت لابس في 21 كانون الثاني موقعًا عسكريًا بُني حديثًا ومنطقةً مُسوّرةً بالجرافات بمساحة 75 فدانًا بالقرب من جباتا الخشب. وانتشر الجيش الإسرائيلي في المواقع
العسكرية المهجورة، حيث قام ببناء تحصينات وأبراج مراقبة خرسانية، بما في ذلك موقع عسكري على قمة تل يُطل على بلدتي حضر في سوريا ومجدل شمس القريبتين في مرتفعات الجولان. وفي أماكن أخرى، تقوم آليات البناء بشق طرق وصول إلى المواقع
العسكرية، وحفر خط دفاعي على طول خط ألفا، الذي يفصل مرتفعات الجولان عن المنطقة العازلة. ويقول الجيش الإسرائيلي إن مهندسيه يُعززون الجدار على طول الحدود في إطار جهوده الأمنية".
البقاء في لبنان
وبحسب الصحيفة، "في لبنان، قامت القوات الإسرائيلية بإنشاء مواقع متقدمة في خمسة مواقع، على الرغم من الاتفاق الأولي على الانسحاب في كانون الثاني. لطالما خشيت إسرائيل من هجوم مفاجئ من حزب الله انطلاقًا من معاقله في جنوب لبنان. وكجزء من وقف إطلاق النار، كان من المفترض أن يتولى الجيش اللبناني السيطرة على المنطقة، وهو ما بدأه بالفعل، لكن إسرائيل لا تزال تقصف جنوب لبنان بشكل شبه
يومي، متهمةً حزب الله بانتهاك الهدنة. وفي أحد المواقع، على مشارف بلدة الخيام شرق لبنان، تُظهر صور الأقمار الصناعية مسارًا يؤدي إلى مبنى مستطيل الشكل بُني هذا العام. وتُظهر الصور أيضًا علمًا إسرائيليًا مزروعًا في هذا الموقع، كما أُزيلت الأشجار المنتشرة حول التل القريب في الأسابيع الأخيرة. كما وتم بناء بؤرة استيطانية أخرى بين بلدتي مركبا وحولا".