في الوقت الذي عادَت فيه الأنظار إلى المحادثات التي يُجريها رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض، بقيَت مداولات نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، مورغان أورتاغوس، في بيروت محطّ تحليل وقراءة لمآلاتها وما يُمكن أن يليها، خصوصاً أن جانباً رئيسياً من المشهد في واشنطن سيحدد ما سيكون عليه واقع جبهة
لبنان، وهو ما ناقشه أمس رئيس مجلس النواب نبيه بري خلال زيارة قامَ بها إلى بعبدا للقاء رئيس الجمهورية جوزيف عون.
يُشار إلى أن المبعوثة الأميركية انتقلت إلى الخليج العربي، حيث تنتظرها اجتماعات مفصّلة تخص الوضع في المنطقة، ومن بينها ملف
لبنان، وذلك قبل عودتها إلى
الولايات المتحدة لاستئناف اجتماعاتها مع الجانب الإسرائيلي حول لبنان.
في هذا الوقت ، واصل العدو الإسرائيلي خروقاته واعتداءاته، وخاصة في الجنوب.
وجاءفي افتتاحية" النهار": على رغم مغادرة أورتاغوس الأحد وسط أجواء امتزجت فيها المرونة النسبية بالتشدد، ظلت أصداء اللقاءات التي عقدتها تتردد في الكواليس الرسمية والسياسية، وسط ترقب توثيق قنوات التواصل بين المسؤولين اللبنانيين واورتاغوس في المرحلة المقبلة، إذ يبدو أن الجانبين اتفقا على تعزيز التواصل الديبلوماسي حيال الملفات الأشدّ إلحاحاً ولا سيما منها الملف الحدودي بين لبنان وإسرائيل واتفاق وقف النار والاقتراحات المطروحة من جانب أورتاغوس حيال التوصل الى تسوية النزاع المتصل باحتلال النقاط الخمس والأسرى اللبنانيين وترسيم الحدود البرية. ويعد هذا التواصل ترجمة لتطور التفاهم الذي شهدته لقاءات الموفدة الأميركية مع الرؤساء الثلاثة الذين تحدثت أوساطهم بارتياح ظاهر عن مناخات الاجتماعات والمحادثات التي حصلت، في حين تواصلت أمس وتيرة الرسائل الأميركية في مقابل تواصل وتيرة تكرار الالتزامات
اللبنانية.
وفي خلاصة رسمية للزيارة، أفادت أمس السفارة الأميركية في بيروت على صفحتها على موقع "اكس"، أن "نائبة المبعوث الخاص مورغان أورتاغوس أعربت عن سعادتها بالعودة إلى لبنان للقاء الرئيس عون، ورئيس مجلس الوزراء نواف سلام، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ووزير الخارجية يوسف رجي. وفي كل لقاءاتها، أبدت ارتياحها للنقاشات الصريحة حول دفع لبنان نحو حقبة جديدة، ما يعني نزع سلاح
حزب الله بسرعة، وتطبيق إصلاحات للقضاء على الفساد، وقيام حكومة منفتحة وشفافة، ليحظى جميع اللبنانيين بالإيمان والثقة في دولتهم".
وغداة مغادرة أورتاغوس لبنان، بحث رئيس الجمهورية العماد جوزف عون مع رئيس مجلس النواب نبيه بري في الأوضاع العامة، ولا سيما التطورات في الجنوب، إضافةً إلى نتائج زيارة الموفدة الأميركية والخطوات الواجب إنجازها بعد الزيارة، إلى وجوب الإسراع في بت القوانين الإصلاحية في مجلس النواب.
وكتبت" نداء الوطن": دعت أوساط سياسية بارزة رافقت محادثات الموفدة الأميركية إلى مراقبة ما سيحدث على الأرض خلال 10 أيام، لكي يتبيّن ما إذا كان المسؤولون قد تلقفوا رسالة واشنطن في أدق مرحلة يجتازها لبنان والمنطقة. لكن ما أعلنه وزير الثقافة غسان سلامة في مقابلة تلفزيونية الأحد الفائت على هذا الصعيد أثار شكوكاً حول الموقف الرسمي. فقد قال سلامة: «إن تعبير نزع السلاح غليظ ويجب إعادة النظر بهذا المفهوم». فبدا هذا الموقف غليظاً أيضاً على المستوى الوطني ويتطلب إعادة النظر في الموقف الرسمي نفسه.
وتؤكد دوائر بعبدا أن الرئيس لم يقل لا أو نعم لأورتاغوس عندما تحدثت عن تأليف لجان للتفاوض مع إسرائيل، بل أخذ العلم وأبلغها أنه سيدرس الموضوع.
وكتبت" الاخبار": اكدت أورتاغوس في اجتماعاتها مع الرؤساء الثلاثة اهتمام وحرص
الولايات المتحدة على استمرار وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل.
كما أكّدت أن بلادها لا تدعم أي تحرّك من شأنه تجديد الحرب. وهي أوردت هذا الموقف ضمن سياق أشمل، يتعلّق بالمنطقة بشكل عام، حيث شدّدت على أن سياسة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تهدف إلى إنهاء الحروب لا إشعالها. ولو أنها في المقابل، شدّدت على أن إدارتها تدعم إسرائيل بشكل كامل في ما وصفته بـ«حقها بالدفاع عن نفسها». وفي هذا السياق تحدّثت عن حادثتي إطلاق الصواريخ من الجنوب. وأكّدت على وجوب عدم السماح بتكرار هذه الإطلاقات، لأن إسرائيل ستردّ عليها بعدوانية كبرى، وواشنطن لن تمنعها من ذلك.
كما أبدت أورتاغوس ارتياح واشنطن لمسار تطبيق وقف إطلاق النار، واعتبرت أن ما أُنجز جيّد، وأثنت على دور الجيش اللبناني وانتشاره في الجنوب، ولكنها أشارت إلى أن هنالك حاجة إلى استكمال هذا المسار سريعاً، والتطبيق الكامل للقرار الدولي 1701، وصولاً إلى نزع سلاح الميليشيات وحصر السلاح بيد الدولة بشكل كامل. وتجنّبت أورتاغوس الحديث عن جدول زمني أو مهل محددة. وأبدت «تفهّماً» محدوداً للواقع اللبناني وتعقيداته التي قد تؤخّر تحقيق هذه الأهداف.
وفي لقائها مع الرئيس بري، تحدّثت أورتاغوس عن حرص واشنطن على استمرار وقف إطلاق النار، فيما سمعت كلاماً من بري حول خطورة تكرار الاعتداءات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت، فضلاً عن الاعتداءات والخروقات اليومية لاتفاق وقف إطلاق النار في الجنوب. وأشار بري إلى أن تكرار الاعتداءات على الضاحية، بشكل خاص، يهدّد استمرار وقف إطلاق النار، وقد يؤدّي إلى نتائج خطيرة.
أما في ما يتعلّق بالطرح اللبناني لطريقة تشكيل اللجان التفاوضية (عسكريين وتقنيين)، والطرح الذي تحدّث عن مفاوضات مكوكية تقودها أورتاغوس نفسها، بين بيروت وتل أبيب، فقد أشارت المبعوثة الأميركية إلى أنها ستدرس هذه الأفكار، وستطرحها على الإسرائيليين، وتعود بالجواب إلى المسؤولين اللبنانيين.
ولفتت أوساط مطلعة لـ”البناء” إلى أن اللهجة التي جاءت بها المبعوثة الأميركية مغايرة عن تلك اللهجة التي رافقت زيارتها الأخيرة، وحملت ليونة في المواقف والمطالب والتفاوض مع أركان الدولة، حيث لم تتحدّث أولاً عن مهلة لتسليم سلاح
حزب الله، مكتفية بالقول “بأسرع وقت ممكن”، كما لم تتحدّث عن تهديدات بحرب شاملة على لبنان إذا لم تنفذ الدولة الشروط الأميركيّة كما لم تذكر موضوع اللجان الثلاثية للتفاوض مع “إسرائيل” حول ترسيم الحدود. ما يؤشر الى تراجع ما في السقف الأميركي.
وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن لبنان لا يزال تحت وقع زيارة نائبة المبعوث الأميركي مورغان اورتاغوس وما أفضت إليها بشأن الدعوة لنزع سلاح حزب الله وإجراء الإصلاحات وقالت أن رئيس الجمهورية قارب الموضوع بكثير من الهدوء وتحدث عن سلاح ضمن إطار الدولة وعن حوار بروية، مشيرة إلى أن هذا الملف متروك للنقاش بين الرئيس عون والمعنيين به وهو حضر في لقاء عقد بينه وبين رئيس مجلس النواب نبيه بري وقد يكون هناك تحضير ما له.
إلى ذلك قالت المصادر أن الحكومة ستواصل العمل في سياق إقرار مواضيع تندرج في الإطار الإصلاحي والتحضير لملفات من هذا القبيل في الفترة المقبلة.
وفي وقت كان يؤكد فيه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، بعد قمة جمعته مع الملك عبد الله الثاني ملك الاردن والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ان بلادته متمسكة بسيادته واستقرار لبنان، ويجب احترام وقف اطلاق النار»، كان الرئيسان عون ونبيه بري يراجعان ما حصل في الزيارة، وتطرقا الي التطورات الجارية على صعيد الخروقات الاسرائيلية، وما يتعين انجازه من خطوات اصلاحية، بما في ذلك البت بالقوانين الاصلاحية في المجلس النيابي.
وعلمت «اللواء» من مصادر رسمية ان الرئيسين اجريا تقييماً للقاءات مع اورتاغوس وطروحاتها، وبحثا ضرورة التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية لتسريع اقرار قوانين الاصلاحات ليحملها معه الوفد الاقتصادي الى اجتماعات صندوق النقد الدولي في واشنطن اواخر الشهر الحالي، والذي يضم وزيري المال ياسين جابر والاقتصادعامر البساط وحاكم مصرف لبنان كريم سعيد.
وفي المعلومات المتداولة أن «الموقف الجامع للرئاسات الثلاث هو ضرورة حصرية السلاح دون أي استفزاز باستخدام تعبير نزع السلاح على أن ينسّق رئيس الجمهورية جوزاف عون مراحلها مع رئيس مجلس النواب نبيه بري.
وأشارت المعلومات إلى أن الأميركيون غير مهتمين في التفاصيل الإصلاحية سوى تلك المتعلقة بزيادة الضغط على الحزب” وتضييق الخناق عليه.
ومن جهتها، قالت مصادر الثنائي امل وحزب الله إن التفاهم بين الرئيس عون وحزب الله قائم على 3 مبادئ وهي أن المقاومة ليست ميليشيا وملتزمة قرار وقف النار ومقاربة السلاح ضمن استراتيجية وطنية بعد انسحاب اسرائيل واسترداد الأسرى ووقف العدوان.
وكتبت" الديار": لم تتوقف حملة التهويل الممنهجة من قبل اطراف داخلية لبنانية تستعجل طرح ملف سلاح حزب الله على الطاولة، وتولى زوار «معراب» التحذير من «الغضب»
الاميركي، الذي قد يتحول «ضوء اخضر» لـ «اسرائيل» كي تستأنف الحرب، معتبرين ان ما جاءت به اورتاغوس كـ «الفرصة الاخيرة»، ولا ينفع معها «التذاكي» اللبناني، لان واشنطن تريد ذلك بشكل سريع.
فيما لم تخف اجواء رئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع «المنتشي» بدخول المبعوثة الاميركية الى لبنان عبر بوابة «معراب»، تململه من موقف الرئيس عون ووصف مواقفه بالتردد، الذي يلغي مفاعيل خطاب القسم ويورط لبنان في مشاكل بغنى عنها؟!
وكتبت" الجمهورية": لم تقرأ مصادر سياسية خبيرة بالسياسة الأميركية أي نتائج جوهرية لزيارة أورتاغوس، وقالت انّ «زيارة اورتاغوس تُختصر بأنّ الغاية منها لا تعدو أكثر من تأكيد متجدّد للحضور والدور الأميركي في لبنان، حيث تعتبر واشنطن نفسها اللاعب الأول والأوحد على المسرح اللبناني، والمدير لكل السياسات فيه. وكذلك توجيه رسالة حثّ مباشرة وعاجلة للعهد الرئاسي الجديد والحكومة الجديدة على التعجيل بإنجازات في مسار الإصلاحات الاقتصادية، وهو ما قالت اورتاغوس صراحة بأنّها خطوات مطلوب تنفيذها من لبنان ليثبت جدارته في أن تكون الولايات المتحدة الأميركية شريكاً مساعداً له، ودون هذه الإجراءات لن يحظى لبنان بهذه الشراكة، وبمعنى أوضح لن يحظى بالمساعدات التي ينتظرها لإعادة إنهاض نفسه، وخصوصاً تلك المرتبطة بملف إعادة إعمار ما هدّمه العدوان الاسرائيلي».
ولفتت المصادر عينها إلى انّه «بعيداً من التنظيرات التي يتحمس لها البعض في لبنان، فمما لا شك فيه انّ نزع سلاح «حزب
الله » هدف استراتيجي للولايات المتحدة الأميركية، ولكن خلافاً لما سبق وصول أورتاغوس إلى بيروت، لم تطرحه في لقاءاتها بالمسؤولين كبند عاجل التنفيذ، ويُقرأ ذلك في إطلالتها الإعلامية التي أعادت تكرار الموقف الأميركي التقليدي القديم – الجديد من سلاح «حزب الله »، ولكن من دون ان تتحدث عن جدولزمني لنزع السلاح. وكان لافتاً في هذا السياق ايضاً إعلانها انّها لم تطرح ملف التطبيع مع أي من المسؤولين اللبنانيين. ما يعني انّ اورتاغوس تجنّبت إثارة أي ملفات حساسة لإدراكها انّ الوضع اللبناني لا يحتملها في هذه المرحلة او حتى في مراحل اخرى».
يُضاف إلى ذلك، تقول المصادر «إنّ اورتاغوس لم تقدّم أي التزام قاطع بممارسة أي ضغوط على إسرائيل؛ سواء حول وقف الاعتداءات الاسرائيلية، او الانسحاب من النقاط الخمس التي تحتلها، وهذا يعني انّ الوضع باقٍ على مراوحته السلبية في دائرة التوتر لمدى زمني مفتوح، علماً انّ جهوداً تُبذل على اكثر من خط خارجي لإعادة إحياء اجتماعات لجنة مراقبة تنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار».
إلى ذلك، أبلغ مصدر مطلع عن كثب على أجواء محادثات اورتاغوس إلى «انّ هناك فارقاً كبيراً جداً ما بين زيارتها الحالية وزيارتها السابقة، لقد كنا بالفعل أمام شخص آخر قارب أمور البحث بهدوء ملحوظ. ونحن تعاملنا بالمثل ومن هنا كان الجو ايجابياً».
ورداً على سؤال عمّا إذا كانت الإيجابية دائمة ام موقتة، نصح المصدر عينه «بعدم الوقوع في خطأ التحليلات والتفسيرات المتسرّعة، فما نأمله ان تكون هذه الإيجابية دائمة وليست موقتة، مع اني شخصياً أرجّح الإيجابية الموقتة، وخصوصاً انّ هدوء نبرة الموفدة الأميركية لا يعني حصول تطور او تبدّل في الموقف الأميركي المتصلّب حيال مجموعة الملفات، بل كان يغلّفه. ومن جهتنا بادلناها الليونة بمثلها، وعرضنا كل ما لدينا بكلّ صراحة وتفصيل، والتركيز الاول والأخير كان من قبلنا على إعادة إنهاض البلد مع ما يتطلّب ذلك من إجراءات إنقاذية وإصلاحية، وتحقيق كل ما يحفظ أمن وسيادة لبنان، وحمل الإسرائيلي على وقف اعتداءاته والانسحاب من المناطق المحتلة».
ورداً على سؤال قال مسؤول رفيع: «أي كلام عن إيجابية يصبح واقعاً في حال لمسنا هذه الإيجابية بالفعل. جو المحادثات بالفعل كان مريحاً، ولا نقول إنّ هناك تبدلاً قد
حصل في الموقف الأميركي، فربما استجابت الموفدة الاميركية لنصائح قبلمجيئها بعدم إثارة المواضيع بطريقة صدامية، بل عبّرت عنها بطريقة
اخرى، يعني لا تغيير في الموقف
الاميركي، بل تغيير في اسلوب التعاطي مع الملفات. ولذلك ما زلت في قرارة نفسي، آمل اّ لّا تكون في أفق الخطاب الهادئ الذي لمسناه مناورة تخديرية، تليها عاصفة من الضغوط السياسية أكثر شدّة وقساوة، وخصوصاً حول ملف سلاح «حزب الله .»