التلويحُ الأميركي المستمر بقصف إيران في إطار الضغط للانتقال إلى تسوية جديدة يجعل الأمور في
الشرق الأوسط على صفيحٍ ساخن قد يُمهد لانفجارٍ حتمي، فيما المتضرر بالدرجة الأولى سيكون "
حزب الله" في
لبنان.
أقل ما يمكن قوله هنا هو أنّ أي ضربة لإيران قد تُزعزع بنيان الحزب أكثر، ذلك أنّ الراعي الأساسي له سيكون قد مُني بانتكاسة عسكرية واستراتيجية . وعليه، فإنّ إيران ولكي تُجنب نفسها أي سيناريو من هذا النوع، قد تذهب أكثر نحو التخلي الفعلي عن أذرعها في المنطقة على غرار بعض الجماعات المرتبطة بها في اليمن، ناهيك عن خطوة إلقاء جماعاتٍ عراقية السلاح تجنباً لهجمات أميركية.
التطورات التي تحكمُ المنطقة اليوم بضغطٍ من الرئيس الأميركي دونالد ترامب تضغط على "حزب الله" أكثر بكثير من السابق، فهل ستنقذه إيران هذه المرة قبل أن تُنقذ نفسها أم أن الطلاق سيقع بينهما حقاً؟
تستبعدُ مصادر متابعة للشأن الإيراني سيناريو "انفصال حزب الله" عن طهران، وتقول لـ"لبنان24" إنَّ هذه المسألة ليست واردة على الإطلاق، ذلك أنَّ الحزب ليس كغيره من الأطراف الأخرى "الناشئة حديثاً".
تعتبرُ المصادر أنَّ ذهاب إيران باتجاه تقليص دورها في لبنان لا يعني انتفاء دعمها لـ"حزب الله" أو انتهاء ارتباط الأخير بطهران عقائدياً وفكرياً، مشيرة إلى أنَّ المدرسة الفكرية لـ"حزب الله" والتوجهات الدينية مرتبطة بإيران، وبالتالي لا يمكن حصول الافتراق الذي يرجوه البعض حتى وإن كانت التبدلات الإستراتيجية الكبرى قد حكمت حُكمها.
على الصعيد العسكري، فإنّ إيران تقف اليوم أمام مفترق طرق في ظل المواجهة مع
الأميركيين والإسرائيليين، وتقول مصادر سياسية إنَّ أميركا قد تذهب أكثر نحو الطلب من طهران ممارسة ضغوط إضافية على "حزب الله" في لبنان للذهاب نحو خياراتٍ قد لا تكونُ لصالحه أو في خاطره، وتضيف: "هذا السيناريو غير مُستبعد، وأي نقاش حول مستقبل حزب الله لن يكون بمعزلٍ عن رأي إيران والشرط الأساس هنا هو أن تحافظ على نفسها لا أن تغامر في حرب موسعة ضد أميركا وإسرائيل".
المصادر رأت أيضاً أنه من مصلحة إيران اليوم التفاوض مع الأميركيين على وجود "حزب الله" بدلاً من اتخاذ خيار المواجهة المفتوحة والعسكرية، موضحة أنَّ "أي دمار قد يلحق بإيران لاسيما بالقواعد النووية، سينعكس حُكماً على ثبات النظام هناك، ما يجعله عرضة لاهتزازات حقيقية قد تؤدي إلى انهياره لاحقاً"، وتابعت: "هدف أميركا هو الوصول إلى هذه المرحلة، وما إن حصل هذا السيناريو حتى سينعكس ذلك مباشرة على حزب الله في لبنان".
وذكرت المصادر أنَّ "فرصة حزب الله اليوم تكمن في قراءة الواقع الحالي واستشراف المستقبل لاسيما القريب منه لاتخاذ القرارات الفعالة التي تحفظه داخلياً"، وتابعت: "الواقع اليوم لا يحتمل المغامرات ولهذا فإن أي قراءة فعلية يجب أن تستند إلى آفاق ما سيجري لاحقاً".