بعد أشهر من نيل حكومة نواف سلام الثقة، بدأت مشاريعها الإصلاحية الاقتصادية والمالية بهدف إخراج
لبنان من حالة الركود والانهيار إلى مسار النمو والتعافي، مستهدفةً استعادة الثقة
الداخلية والخارجية باقتصاد لبنان ودوره كحلقة وصل بين الشرق والغرب.
لكن أي خطة فعالة للنهوض بالاقتصاد اللبناني تتطلب مراجعة شاملة لقطاعاته المختلفة، سواء في الماضي أو الحاضر، ولتصميم مستقبل قائم على المبادرة الفردية وتشجيع الاستثمارات الداخلية والخارجية. هذا التوجه هو ضرورة ملحة بعد سنوات من الأزمات الاقتصادية التي تسببت في تدهور مستويات المعيشة وزيادة البطالة إلى أكثر من 60% بين الشباب، مما رفع نسبة الفقر إلى أكثر من 80%.
وفي هذا السياق، التقت "الوكالة الوطنية للإعلام" بالخبير الاقتصادي والأكاديمي البروفسور بسام همدر، الذي قدم تحليلاً شاملاً للمشاكل الاقتصادية والحلول الممكنة للنهوض بالاقتصاد اللبناني. همدر أشار إلى أن الاقتصاد المحلي يعتمد بشكل كبير على القطاع الخاص، الذي يساهم بنسبة 75% من النشاط الاقتصادي الكلي، وهو ما يمثل فرصة كبيرة لجذب الاستثمارات، بشرط استقرار الوضع الأمني والسياسي.
فيما يتعلق بالقطاعات الاقتصادية، تحدث همدر عن دور القطاع الزراعي الذي تدهور بشكل ملحوظ على مر السنين، بسبب التهميش الحكومي واهتمام الحكومة بالقطاعات الأخرى مثل السياحة والخدمات. وأكد أن الزراعة تعد عماداً أساسياً للاقتصاد اللبناني، خاصة في المناطق الريفية التي تساهم بشكل كبير في الاقتصاد المحلي. كما سلط الضوء على تدهور قطاع الصناعة، الذي كان يشكل أحد الأعمدة الأساسية للاقتصاد اللبناني ولكنه فقد بريقه بعد سلسلة من الأزمات السياسية والاقتصادية.
أما القطاع السياحي، فيظل عنصرًا مهمًا للاقتصاد، رغم تقليص مساهمته في الناتج المحلي بعد سلسلة الأزمات التي مرت بها البلاد. همدر أضاف أن القطاع السياحي يعاني من هشاشة كبيرة في ظل الوضع الأمني والسياسي غير المستقر.
وأشار أيضًا إلى قطاع النفط والغاز الذي يُعتبر أحد الفرص الموعودة للنهوض بالاقتصاد اللبناني. ومع وجود مؤشرات على وجود كميات كبيرة من النفط والغاز، أكد همدر ضرورة إدارة هذه الثروات بشكل حكيم من خلال صندوق سيادي يتسم بالشفافية ويستثمر بشكل أساسي في المشاريع المحلية.
تطرق همدر إلى ضرورة إعطاء الأولوية لإعادة إعمار لبنان، خاصة في المناطق الحدودية، لضمان استقرار المجتمع ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، التي تشكل أكثر من 95% من الشركات في لبنان وتوظف نسبة كبيرة من القوى العاملة. وأكد أن هذه المؤسسات تمثل محركًا رئيسيًا للاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في البلاد.
ختامًا، دعا همدر إلى وضع سياسة اقتصادية متوازنة، تحارب الفساد والهدر وتعزز الاستثمارات الداخلية والخارجية، مع التركيز على إصلاح القطاع المصرفي وإعادة الثقة في النظام المالي.