ستتركز الأنظار في المرحلة المقبلة أكثر من أي وقت على كل ما يتصل بما أثير أخيراً عن التزام الدولة اللبنانية بحصرية السلاح وبسط سلطتها، سواء عقب زيارة الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس والتشدّد الأميركي حيال نزع سلاح "حزب الله"، أم بفعل الوقائع الموضوعية لحماية لبنان والتخلص نهائياً من الضغوط الهائلة التي يتعرض لها، فيما تسلّط إسرائيل سلاح التهويل والاغتيالات والاختراقات اليومية عليه.
ولا تزال مفاعيل زيارة نائبة أورتاغوس إلى بيروت تتكشف فصولاً، وتترجم عملياً من خلال المواقف المتلاحقة لرئيس الجمهورية جوزاف عون.
في هذا السياق،كتبت" النهار": بعدما برزت استعدادات ومؤشرات تتصل بخطوات سيقوم بها العهد والحكومة حيال ملف سلاح "حزب الله"، نُقل أمس عن رئيس الجمهورية العماد جوزف عون في معرض الحديث عن السلاح أن "حزب الله أبدى الكثير من الليونة والمرونة في مسألة التعاون وفق خطة زمنية معينة، وهو متفائل بأن الإيجابية لدى الحزب يجب مقابلتها بإيجابية أيضاً وبتفهم للواقع الجديد الذي يعيشه البلد". وأكد الرئيس عون أن الانتخابات البلدية ستجري في مواعيدها، مشيداً بالتعاون المطلق مع رئيس مجلس الوزراء نواف سلام "والتناغم والتفاعل الكبير في موضوع التعيينات والقوانين والمراسيم التي ستصدر في إطار من الشراكة التي لم نشهد لها مثيلا في السابق". ولفت إلى أن "الحكومة أنجزت خلال ستة أسابيع الكثير من الملفات"، معبّراً عن تفاؤل كبير بحل عدد من المسائل السياسية والاقتصادية. كلام الرئيس عون نقله عنه النائب سجيع عطية بعد لقائه ووفد "كتلة الاعتدال الوطني" الرئيس عون في قصر بعبدا.
وأكدت مصادر سياسية متابعة لـ «نداء الوطن»، أنّ الحوار المزمع لن يكون من باب التسويف ولن يشبه الحوارات السابقة، كما أنّ أحداً لن يقبل بذلك. وتابعت أنّه سيكون هناك دفتر شروط، وكي نصل إلى نتيجة سيرتبط الحوار بجدول زمني بالتزامن مع خطوات عملية وهو ما يجب أن يواكَب من خلال العمل على الأرض من قبل الجيش بناء على توجيهات مجلس الوزراء.
وأضافت المصادر أنّ «حزب الله»، حتى لو أراد المراوغة في موضوع الحوار، لن يتمكّن من ذلك هذه المرة، لأنّنا بتنا في مكان آخر وهو يعلم ذلك ويدرك أنّ الوضع تغيّر في لبنان والمنطقة.
وتكشف مصادر متابعة لموقف واشنطن أن الأميركيين أخذوا وعداً من القادة اللبنانيين بإيجاد مخرج لتسليم السلاح في أسرع وقت ممكن. وقد أخذ عون على عاتقه إيجاد التخريجة المناسبة، فكل ما تريده واشنطن، تسليم السلاح غير الشرعي وهي غير معنية بالأسلوب الذي ستعتمده الدولة. وفي المناسبة، فهي تمنح رئيس الجمهورية الثقة التامة لمعالجة الملف، علماً أن المهلة ليست مفتوحة ولن تسمح بإعادة تسليح «الحزب» أو احتفاظه بما تبقى من سلاح.
وتؤكد المصادر، أن أورتاغوس وفي خلال لقائها الرئيس نبيه بري، حصلت على ضمانات منه، تمهيداً لتسليم سلاح «الحزب»، واستكماله بالمفاوضات لترسيم الحدود البرية مع إسرائيل، وهذا ما دفعها في تصريح لها إلى القول: «لدى واشنطن توقعات متفائلة في دور بري في المرحلة المقبلة».
وفي السياق، كشف وزير الثقافة الدكتور غسان سلامة في حديث إذاعي أنه "كان لدى أورتاغوس همّان أساسيان خلال لقائها الوزراء في لبنان، الأول، عسكري ويتركّز حول نزع سلاح "حزب الله" وضرورة حصره بيد الدولة اللبنانية وهو شرط أساسي لتدفق المساعدات إلى لبنان، والثاني، اقتصادي يتعلق بالإصلاحات المالية والاقتصادية المطلوبة من الحكومة". وأشار إلى "معرفة أورتاغوس الدقيقة بنوع التشريعات التي تنوي الحكومة الدفع بها إلى مجلس النواب ونوع الشروط التي تضعها المنظمات الدولية على لبنان ومدى تقدّم لبنان أو تأخره في تبني هذه التشريعات"، لافتاً إلى أن "اهتمام أورتاغوس بالجانب الاقتصادي يتفوّق على الشأن العسكري". وشدد على أنه "رغم أن التطبيع لم يكن ضمن برنامج زيارة الموفدة الأميركية إلى لبنان، لكنّ يجب أخذه على محمل الجد". وأكد "وحدة الموقف الرئاسي والوزاري في المحادثات مع أورتاغوس"، قائلاً: "موقفنا واضح، الجيش يقوم بما يستطيع بالنظر لتجهيزاته في عملية نزع سلاح "حزب الله". وكشف سلامة عن "طلب جاء من البنك الدولي، تبنته أورتاغوس وغيرها من الدول، يقضي باختيار قيادة جديدة لمجلس الإنماء والإعمار قبل مباحثات صندوق النقد الدولي في 21 نيسان"، وقال: "هذا ما سنقدم عليه قبل هذا التاريخ". وأضاف: "نحن لا نلبي مطالب أميركية بل نعمل وفق سياسة نعتبرها من مصلحة لبنان لإعادة النمو الاقتصادي".
ماذا يقول "الحزب"؟ وبدا لافتاً أن "حزب الله" أصدر بياناً رد فيه ضمناً على ما نسبته وكالة "رويترز" إلى أوساطه من استعداده للحوار حول سلاحه بعد انسحاب إسرائيل من النقاط التي تحتلها في الجنوب وإنهاء اعتداءاتها على لبنان. واعتبر أن "الأخبار والمعلومات المنسوبة إلى مصادر في حزب الله أو إلى مسؤولين فيه وتلك الادّعاءات هي عارية عن الصحة جملة وتفصيلًا ولا يوجد مصادر في حزب الله، وأنّ مواقف الحزب تصدر حصرًا عبر البيانات الرسمية الصادرة عن العلاقات الإعلامية في حزب الله أو عبر تصريحات مسؤوليه في المواقع الرسمية والحزبية".
بدوره اعتبر عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب حسن فضل الله من مجلس النواب، أن "الحكومة هي المسؤولة عن القيام بأي جهد رسمي لوقف الاعتداءات الإسرائيلية وعليها التزام ما جاء في بيانها الوزاري"، واعتبر أن هناك "بندًا أساسيًا يجب أن يكون على جدول أعمال الحكومة وهو وقف استباحة لبنان وهذه هي الأولوية الوطنية"، ورأى أن "المواطنين يعانون الاعتداءات الإسرائيلية ويطالبون الدولة بالقيام بدورها الفعلي". وأشار إلى أن "النقاش الجدي يجب أن يركز على الحقائق المرتبطة بالاعتداءات الإسرائيلية وكيفية مواجهتها ضمن استراتيجية وطنية وحوار بين الحرصاء على هذه الوطنية". ونفى "الادّعاءات حول تهريب السلاح عبر مرفأ بيروت، داعياً القضاء المختص إلى اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق مروجي هذه الاكاذيب". ورأى أن "هناك من يعمل على ضرب الأسس التي يقوم عليها لبنان كبلد للتنوع والشراكة ولا يتوانى عن استهداف وحدة مؤسسات الدولة".