بمهمات ثلاث انحصرت مهمة الحكومة الحالية وهي كما بات معروفا اقرار الاصلاحيات
المالية ونزع
سلاح حزب الله والاشراف على الانتخابات البلدية والاختيارية ومن ثم الانتخابات النيابية في العام 2026. ففي المهمة الاولى تناولت حكومة سلام من طبق حكومة
ميقاتي السابقة موازنتها التي اقرتها الاخيرة في ايلول العام 2024 واصدرتها بمشروع مرسوم معجل من دون الاخذ بالاعتبار ما جرى من تطورات داخلية نتيجة العدوان الاسرائيلي، كما اقرت الحكومة قانون رفع السرية المصرفية بعد اضافة فقرة الى مشروع قانون رفع السرية المصرفية الذي وضعته حكومة ميقاتي وأقر في مجلس النواب في العام 2022 ، ومؤخرا اقرت الحكومة وعلى عجالة من أمرها مشروع قانون لاصلاح المصرف واعادة تنظيمها وهو بدوره مشروع تقني بحت لا يتضمن اي اجراء لحماية المودعين، فيما رحلت مشروع معالجة الفجوة المالية وهو لب المشكلة الى ما بعد الاجتماع الذي سيعقده وزير المالية ياسين جابر مع صندوق النقد الدولي.
قد تبدو خطوات الحكومة متقدمة وتحمل عناوين تصل الى حد الافراط بالتفاؤل ولكنها في الحقيقة هي خطوات قصيرة بمفعول رجعي جزء منها سبق وخطته الحكومة السابقة وقطعت فيه اشواطا، والامثلة كثيرة على ذلك ابسطها ملف اعادة تشغيل مطار القليعات والذي يبدو انه سيبقى قيد ادراج الدرس والتمحيص لغياب التمويل، والمثال الآخر تعاطى رئيس الحكومة نواف سلام في ملف تعيين حاكم مصرف
لبنان حيث "رجع" بصلاحيات رئاسة الحكومة الى ما قبل اتفاق
الطائف متحفظاً الى جانب بعض المتحفظين من الوزراء مع
العلم ان المواقع القيادية والحساسة في الدولة تخضع لرأي وموافقة الرئاسات الثلاث لاعتبارات عدة.
الى ذلك، تبقى تلك المهام دمعة في بحر مهمة نزع سلاح حزب الله او حصر السلاح في يد الدولة حيث يبدو ان الحكومة عاجزة حتى اليوم عن تقديم اي تصور جدي واضح لكيفية تطبيق هذا الالتزام وما زالت خطواتها تائهة لاسيما
ايضا لناحية اخراج العدو الاسرائيلي من النقاط الجنوبية المحتلة ووقف اعتداءاته، مع العلم انها تحظى بدعم داخلي لا بأس به ودعم خارجي يخولها فعل المعجزات وما عجزت عنه حكومات سابقة طوال الثلاثين عاما السابقة ، من هنا فان
العين على فخامة رئيس الجمهورية الذي يبدو، من خلال مواقفه الاخيرة، بدأ يمهد الاجواء
الداخلية قبل بدء
النقاش الجدي في آلية تطبيق حصر السلاح، لكن المهلة الزمنية المتوقعة لانجاز هذه المهمة لن تكون كافية سيما وان بعض القوى السياسية وعلى رأسها
حزب القوات اللبنانية يرفض الذهاب الى النقاش في الاستراتيجية الدفاعية، وقد عبّر عن ذلك في انتقاد مبطن لموقف رئيس الجمهورية الاخير حيال ذلك، هذا عدا عن انه وبعض القوى
المسيحية الاخرى بات لديهم توجس كبير من اتساع دور رئيس الجمهورية وعبوره كل الطوائف الذي -شاؤا ام ابوا- بات يأكل من ساحاتهم، وفي المقلب الآخر وتحديدا حزب الله خرج بمواقف متناقضة بين مؤيد للنقاش وبين معارض لفكرة نزع سلاح الحزب وذلك على وقع صمت مطبق في بيئته يخفي وجود تباين في توجههاتها، بين من يرى العودة الى الدولة هو الخيار الاسلم خاصة بعدما خسر
البشر والحجر، وبين من لا يزال متمسكا بالسلاح ومعولا على المدد من طهران وبين ايضا من هو غير راض عن تفويض الاخ الاكبر
نبيه بري في تحديد مساره،على ما لذلك من نتائج قد لا يمكن لجمها وضبط انفعالتها فيما لو لم تتم المسارعة في معالجتها على البارد.
اذا المهام واضحة ومهلة 11 شهرا المتبقية من عمر الحكومة الحالية وحتى حصول الاستحقاق النيابي المقبل قد تطول وقد"تقصر" وهذا يبقى رهنا بطرح مبادرات وخطط جدية قابلة للتنفيذ وقرارات صلبة لدى رئاسة الحكومة وذلك بالتعاون والتنسيق مع الرئاستين وليس تبعا لهما.