كتبت دوللي بشعلاني في" الديار": في إطار سعي الدولة اللبنانية، لإعادة الأمن والاستقرار الى المنطقة الجنوبية، من خلال المحادثات التي تجريها مع دول الخارج على أعلى المستويات، تتحدّث المعلومات عن أنّ "إسرائيل" لم تكتف بإقامة منطقة عازلة جنوب الليطاني، إنّما تسعى الى خلق منطقة كاشفة، تحت مرأى قوّات "اليونيفيل" العاملة جنوب لبنان، وأنظار لجنة المراقبة "الخماسية" التي يُفترض أن تُشرف على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار. والمشكلة أنّ هذه الأخيرة لم تتخذ حتى الآن أي إجراء ضد التعديات "الإسرائيلية" على السيادة اللبنانية. أمّا الحجّة فهي أنّ "إسرائيل" تتمتّع بحقّ الدفاع عن أمنها بشتّى الوسائل، وهذا الحقّ أعطتها إياه الولايات المتحدة الأميركية، التي ترأس "آلية المراقبة" دون سواها.
ومن الواضح أنّ
المجتمع الدولي لا يساعد
لبنان في مسألة انسحاب القوّات "الإسرائيلية" من الأراضي اللبنانية المحتلّة، على ما تقول مصادر سياسية مطلعة، رغم كلّ المحاولات التي يقوم بها على الصعيدين السياسي والديبلوماسي، سيما أنّ الانتهاكات "الإسرائيلية" المتواصلة هي التي تمنع الجيش من بسط سيطرته على كامل الأراضي اللبنانية. وقد أفادت المعلومات بأنّه في الوقت الذي تطالب فيه "إسرائيل" بسحب قوّاتها من التلال الخمس الحدودية (أي تلّة الحمامص، جبل الباط، جبل بلاط، تلّة اللبونة، وتلّة الضهيرة)، والتي وصلت الى عشرة مواقع كما قيل، تُحاول اليوم توسيع المنطقة الأمنية التي تُعلن، على لسان المسؤولين فيها، بأنّها لن تنسحب منها. وبدلاً من أن تبدأ بتنفيذ انسحابها من المواقع الحدودية، تُنشىء مواقع عسكرية أخرى أقرب الى الحدود، وتقوم من أجل ذلك بنزع النباتات والأشجار كافة في هذه البقعة، تحت عنوان "تنظيف الغطاء النباتي"، بهدف إنشاء منطقة مكشوفة كليّاً، تمتدّ من نقطة رأس الناقورة حتى مزارع
شبعا. وما يجري التأكيد عليه هو أنّها تريد تأمين أمنها من داخل الأراضي اللبنانية، وليس من داخل "إسرائيل"، من خلال ما تقوم به من تحصينات عسكرية تابعة لها، وتأمين مسيّرات يمكنها الوصول الى أينما تشاء، ومن جعل الأرض الحدودية محروقة غير صالحة للعيش فيها. والهدف الأساسي من ذلك هو عرقلة عودة السكّان
اليها، حتى ولو تحقّق انسحابها منها في وقت لاحق.
وإذ تقوم "إسرائيل" بتثبيت وجودها في جنوب الليطاني، من ضمن استراتيجيتها الأمنية، يسعى لبنان السياسي والديبلوماسي لدى دول الخارج، الى تأكيد اعتداءاتها على السيادة اللبنانية، وخرقها اتفاق وقف إطلاق النار، إذ وصلت هذه الخروقات الى أكثر من 3650 خرق بريّ وجوّي، بحسب المعلومات الأخيرة، فضلاً عن تسبّبها باستشهاد 190 مواطنا وإصابة 485 بجروح خلال استكمال اعتداءاتها، بعد دخول اتفاق وقف النار حيّز التنفيذ في 27 تشرين الثاني الفائت وحتى يومنا هذا.
وأكّدت المصادر السياسية أنّ الجيش ضاعف من انتشار عناصره في المنطقة الجنوبية، والذين تخطّى عددهم الـ 7 آلاف عنصر، ويقوم بكلّ ما هو مطلوب منه في اتفاق وقف النار، كما في القرار 1701 رغم إمكاناته المتواضعة، ومن دون أي تقصير أو
تأخير. ويطالب اليوم الدول الصديقة بتعزيز قدراته
العسكرية. وقد حصل أخيراً على 162 آلية عسكرية كهبة من دولة قطر، التي أعلنت عن تجديد هبة بمبلغ 60 مليون دولار لدعم رواتب
الجيش اللبناني. وقد وعدت دول أخرى بتقديم المساعدات، تزامناً مع تطبيق الإصلاحات التي بدأتها الحكومة بشكل واسع وملموس.