بلورت عطلة الجمعة العظيمة معالم تصعيد سياسي لافت في ملف سلاح حزب الله، بددت الاجواء الايجابية التي سادت في الفترة الماضية بشأن امكان التفاهم على تسليم هذا السلاح عبر حوار بين رئيس الجمهورية جوزاف عون وقيادة الحزب.
مواقف "حزب الله" أظهرت أن الحزب اتخذ قراراً ثابتاً برفض كل ما يصب في خانة التشديد على نزع سلاحه ومضى في ترسيخ اشتراطاته لفتح ملف الاستراتيجية الدفاعية.
وجاء في افتتاحية" النهار": اذا كانت المواقف السابقة للحزب تحاول المناورة على الرفض المباشر لتسليم السلاح أو نزعه عبر إبداء الاستعداد المبدئي للحوار حول الاستراتجية الدفاعية بعد انجاز
إسرائيل انسحابها الكامل من الجنوب، فإن الكلمة التي ألقاها مساء أمس الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم جاءت واضحة تماماً وبلا لبس لجهة التحذير من أي اتجاه لنزع سلاح الحزب وإدراج هذا المطلب في خانة السعي إلى فتنة.
ورغم نبرة المرونة التي اعتمدها الشيخ قاسم تجاه رئيس الجمهورية العماد جوزف عون في موضوع الحوار فإن ذلك لم يحجب واقعاً لافتاً تمثل في أن الحزب أطلق منظومة من المواقف المتعاقبة حيال رفض نزع السلاح بالقوة بدأت حديث لمسؤول "وحدة الاتصال والتنسيق" في "حزب الله" وفيق صفا اعتبر فيه أن "الجيش اللبناني نفذ ما طُلب منه وكذلك حزب الله ولكن الجيش
الإسرائيلي لم يطبق الاتفاق"، مشيراً إلى "وجود آلة لنشر الأكاذيب على غرار تفجير أسلحة الحزب واستلام مراكزه ليؤكد أن هذا جزء من الاتفاق بأن تكون منطقة الـ1701 منزوعة السلاح.". وقال: "المقاومة بخير وحزب الله وقيادته بخير وكل ما يحدث على مستوى الجنوب أو البقاع أو الضاحية هو نتيجة تنسيق مسبق".
أما في ما يخص سلاح "حزب الله"، فشدد على أن "كلمة نزع السلاح غير موجودة إلا على السوشيل ميديا وعند المحرضين. الحديث فقط عن الاستراتيجية الدفاعية بعد انسحاب إسرائيل ووقف اعتداءاتها"، وأضاف: "الاستراتيجية تبدأ بتسليح الجيش".
وختم بأن "كل ما تسمعونه هوبرات"، وقال عن المطالبة بنزع السلاح بالقوة: "لو كان قادراً لفعل".
أما الشيخ نعيم قاسم فأعلن أنّ "الفرصة التي نمنحها للدبلوماسية ليست مفتوحة ولدينا خيارات ولا نخشى شيئاً وإن اردتم ان تجربوا استمروا وسترون في الوقت المناسب الذي نقرره"، متسائلاً: "من قال إننا سنصبر على إسرائيل لفترة
تستطيع أن تحقق فيها جزءاً ولو بسيطاً من أهدافها؟"، مضيفاً: "صابرون بحكمة لأننا نعرف أن هناك توازناً في الخسائر والأرباح لكننا لا نبني على ذلك بل على
الموقف والموقف مقاومة".
وأوضح أنّ "هناك جهة واحدة وبعض الأصوات النشاز في
لبنان يركزون على أن المشكلة الأساس سلاح المقاومة"، مشدداً على أنّ "المشكلة الأولى في لبنان ليست سلاح المقاومة بل طرد الاحتلال الإسرائيلي".
وعلّق على المطالبات في لبنان، بالقول إنَّ "الدعوة لنزع سلاح المقاومة بالقوة هي
خدمة للعدو الإسرائيلي وهذه فتنة بين المقاومة والجيش وهدفها أيضاً الامساك بالدولة".
وأعلن "أننا لن نسمح لأحد أن ينزع سلاح حزب الله والمقاومة وهذه الفكرة عليكم إزالتها من القاموس"، مؤكداً "أننا سنواجه من يعتدي على المقاومة ويريد نزع سلاحنا"، وقال: "ننصح بألّا يلعب معنا أحد هذه اللعبة".
وقال إنَّ "اتفاق وقف إطلاق النار هو حصراً في جنوب نهر الليطاني وهذا وارد فيه 5
مرات فلنر أولاً
التزام إسرائيل بالاتفاق ومن ثم نتحدث"، مضيفاً: "بعد قيام إسرائيل بتنفيذ التزاماتها يبدأ لبنان بمناقشة البنود الأخرى في الـ1701".
وحدّد "قواعد من أجل نقاش أي استراتيجية دفاعية في الوقت المناسب لمناقشتها"، موضحاً أنّ أول هذه القواعد "حماية سيادة لبنان وتحرير أرضه وإيقاف كل أشكال العدوان عليه"، لافتاً إلى أنّ "أي حوار استثمار قوة المقاومة وسلاحها في أي استراتيجية دفاعية"، وقال إنَّ "رئيس الجمهورية جوزف عون هو المعني الأول بتحديد آلية الحوار ونحن مستعدون للمشاركة في ذلك في الوقت المناسب وليس تحت ضغط الاحتلال".
وكشف أنّه "حصل تبادل رسائل مع
الرئيس عون حول تطبيق الاتفاق في جنوب الليطاني وكانت إيجابية وستبقى"، وقال: "إعادة الإعمار ليست منة من أحد ولن نقبل بابتزازنا تحت هذا
العنوان وأدعو الحكومة
اللبنانية إلى وضع مسألة إعادة الإعمار على جدول أعمالها"، وتابع: "يقولون إنهم يربطون إعادة الإعمار بالسلاح ونقول نحن من نربط السلاح بإعادة الإعمار".
وشدد على "أننا لن نناقش الاستراتيجية الدفاعية في الإعلام ولن نستبق قواعدها ولن نحدد سقفًا زمنياً لها"، مضيفاً" "انجز حزب الله ما عليه بشكل كامل في الاتفاق فلتنجز اسرائيل ما عليها ولتنجز الدولة ما عليها"، مضيفاً: "إذا قررت الحكومة اللبنانية طرد الاحتلال بالقوة فنحن والشعب معها".
وكتبت" نداء الوطن": الأجواء الإيجابية التي تلقّفها اللبنانيون أخيراً لجهة السير قدماً في ملف نزع سلاح "حزب الله"، على أمل أن تنجو البلاد من سيف العقوبات ومن جولة جديدة من الحرب المدمّرة، تحاول قيادات الحزب نسفها بتصريحات استفزازية، لتثبت معها مرّة جديدة أنّ الدولة في مكان و"الدويلة" في مكان آخر. ففيما كان رئيس الحكومة نواف سلام يؤكد لصحيفة "
واشنطن بوست" الأميركية تصميم
الدولة على حصر السلاح بيد الشرعية في شمال الليطاني وجنوبه، قفزت إلى الواجهة مداخلة إذاعية لمسؤول وحدة التنسيق والارتباط في "حزب الله" وفيق صفا، قلّل فيها من قيمة الأسلحة التي يصادرها الجيش جنوباً على اعتبار أنّها "خردة" أو مدمّرة بفعل القصف الإسرائيلي، كما جزم بألا قوّة تستطيع نزع سلاح الحزب، وحَصَرَ الحديث عن هذا الأمر بمجرّد "هوبَرات من الفاسدين والمحرّضين عبر مواقع التواصل الإجتماعي"، كما قال.
كلام صفا نهاراً، لاقاه فيه الأمين العام لـ "حزب الله" نعيم قاسم بمواقف تصعيدية مساء، حيث هاجم أيضاً المطالبين بنزع سلاح "الحزب" ووصفهم بـ "أصوات النشاز" وخوّنهم معتبراً أنّهم بهذا المطلب يخدمون الجانب الإسرائيلي. وتوعّد قاسم بالقول "سنواجه من يعتدي على المقاومة ومن يعمل على نزع سلاحها كما واجهنا إسرائيل ولن نسمح لأحد بنزع السلاح".
مصادر حكومية قالت لـ "نداء الوطن" إنّ تصريحات قاسم وصفا "تأتي في إطار رفع السقف بهدف إرضاء جمهور "حزب الله" خصوصاً بعد
العرض المفصّل والمقنع الذي قدّمه قائد الجيش العماد رودولف هيكل، يوم الخميس، خلال جلسة
مجلس الوزراء، بشأن المواقع التي فككها حتى الآن في جنوب لبنان، وهو ما أثبت أنّ الواقع على الأرض مغاير لكل المواقف التصعيدية ويظهرأنّ الحزب بدأ فعلاً بتسليم سلاحه".
وأكدت المصادر
الحكومية نفسها، أنّ "العمل على الأرض بات في مكان آخر بعيد من هذه التصريحات، والحكومة ماضية في خطة حصر السلاح بيد الدولة وبسط سيادتها على كامل الأراضي اللبنانية تنفيذاً لاتفاق وقف إطلاق النار والقرارات الدولية".
وقال مصدر سياسي كبير في دردشة مع «الأنباء الكويتية» أن «سلاح حزب الله يناقش في المفاوضات الأميركية ـ الايرانية، كون
ايران مصدر السلاح والجهة الممولة للحزب. وما تقوم به الحكومة اللبنانية ورئيس الجمهورية خصوصا، هو الإضاءة لدى
القيادة الحالية للحزب على ان السلاح بات نقمة على لبنان وعلى بيئة المقاومة، والحل تحت مظلة الشرعية اللبنانية».