كتب
طوني عيسى في" الجمهورية": اللبنانيّون الذين يحاذرون اليوم المراهنة على دور
واشنطن يقولون «ننفخ اللبنلأنّ الحليب كوانا في السابق ». ففي الأعوام ال 50 الفائتة انتظرنا المساعدة
من واشنطن لكنّها لم تقدّم إلينا إّ لّا ما يؤمّن مصالحها.
فقد عقدت صفقات مع
القوى الإقليمية، أي السوريِّين والإيرانيِّين والإسرائيليِّين،ودعت اللبنانيِّين إلى عدم الاعتراض عليها. ويُضيف هؤلاء الخائفون: مع
دونالد ترامب، المعروف ببراغماتيّته الفاقعة، يُصبح خَوفنا أكبر.
ويُقال إنّ هذا الخوف هو الذي يدفع أركان الحكم وعدداً من خصوم «حزب الله» أو الذين يطالبونه بتسليم السلاح والتحوّل حزباً سياسياً «عادياً » إلى
التزام جانب الحذر، سواء في الانطلاق بالمفاوضات الداخلية معه أو في ممارسةالضغوط عليه. ولذلك، يغرق هذا الملف في الجمود الداخلي، وينتظر الجميع ما سيأتي من الخارج.
لكنّ النظرة من واشنطن إلى مسألة العلاقة مع
لبنان تبدو مختلفة. فالأميركيّون - في الضفتَين الجمهورية والديموقراطية - يرفضون تماماً «تهمة » أنّهم يبيعون لبنان للقوى الإقليمية، ويقولون: لبنان الكيان والدولة صمد على مدى عقود بفضل الدعم الذي قدّمناه. لولانا ما كان له جيش قادر ولا مقوّمات صمود ولاتسويات سياسية تحمي كيانه واستقراره. وكثيراً ما أعطَينا اللبنانيِّين فرص النجاة وإنقاذ دولتهم، لكنّهم بسبب التفكّك والضعف أضاعوها. والأحرى أن يسألوا هم أنفسهم: لماذا لا يتجاوب السياسيّون مع مساعي الإصلاح والإنقاذ واليَد الممدودة لإنقاذهم، وآخرها اليوم تطبيق وقف النار والقرارات الدولية؟ ولماذا يواصلون نهج المماطلة
والمراوغة؟ وفي الحقيقة، لسنا نحن مَن يبيع لبنان، بل إنّ بعض اللبنانيِّين هم الذين يبيعونه من أجل مصالحهم.
في كل هذه المعمعة، الخوف الحقيقي يبقى في مكان واحد هو:
إسرائيل التي لا تهدأ ماكينتها العسكرية في استهداف لبنان من أقصاه إلى أقصاه، ولا تستثني العاصمة. وفي الساعات الأخيرة، هي ضربت في
بندر عباس كما في الضاحية الجنوبية والجنوب اللبناني، متحدّية مناخات التفاوض الأميركية -
الإيرانية، ومشاغبة عليها. والأنكى أنّ واشنطن مضطرة دائماً إلى توفير التغطية للضربات
الإسرائيلية، إذا لم تكن شريكة فيها. وللتذكير، الأميركيّون الذين يرئسون لجنة مراقبة وقف النار، عطّلوا اجتماعاتها ومنحوا إسرائيل «كارتبلانش » للتصرّف على هواها