لا يزال القرار الذي اتخذه مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم بعدم ختم جوازات سفر الإيرانيين القادمين الى لبنان عبر المنافذ الحدودية واعطائهم بطاقة دخول مؤقتة، يجتاح مواقع التواصل الاجتماعي، واللغط الذي أثير حول الموضوع تحوّل الى مادة دسمة للجدل والتجاذب السياسي.
القرار قانوني 100%، ويأتي في صلب صلاحيات مدير عام الأمن العام، فالسبب الذي دفع "اللواء" إلى اتخاذه متصل بما يواجهه الزوار الإيرانيون الى لبنان واشتباه بعض الدول العربية والغربية بانتماء الضيف الإيراني الى الحرس الثوري الايراني أو حزب الله لمجرّد حصوله على تأشيرة الدخول الى لبنان في جواز سفره.
لا شك إن عاصفة التحليلات السياسية والأمنية والاعلامية اخذت حيّزا كبيرا من الجدل، حيث اعتبر فريق من اللبنانيين وبعض اجهزة الارتباط بالسفارات الاجنبية، ان هذا القرار هو تسهيل لأمور الايرانيين وبالتالي تسهيل تهريب الاموال الى حزب الله والمقاتلين في سوريا وقد اعلن بعض ضباط الارتباط الاجانب في السفارات الاجنبية رغبتهم في معرفة تفاصيل الرحلات القادمة من طهران الى بيروت.
الوزير نهاد المشنوق الموجود حاليا خارج البلاد أعلن، وفق ما نقله بعض المقربين، نيّته ابطال هذا القرار عبر اصدار مذكّرة تلغي تدبير مدير عام الأمن العام في هذا الشأن بصرف النظر عن قانونيتها. وفي المقابل، فقد كان لافتا الخبر الذي نشرته صحيفة "واشنطن تايمز" حول هذا الموضوع، اذا اقتصر الخبر على انه مجرّد "اعفاء للمواطنين الايرانيين الوافدين الى لبنان والمغادرين منه من ختم جوازات سفرهم".
توصيف القرار بهذه الطريقة من قبل الصحيفة الاميركية واعتباره وكأنه ارتهان من الاجهزة الامنية اللبنانية لسلطة حزب الله وتحويل مطار "رفيق الحريري الدولي" إلى مركز لوجستي للحرس الثوري الايراني وحزب الله، بدا تضليلا للرأي العام وتزامنا مع الحملات المعارضة لهذا القرار، حسم اللواء "ابراهيم زوبعة الانتقادات والاتهامات، فأكدت المديرية العامة للأمن العام في بيان لها أن الاخبار الملفقة عارية عن الصحة، وانها تعتمد اجراء متاحا لرعايا عدد من الدول الوافدين الى لبنان بناء على طلب رسمي واعتبارات معينة.
مصدر ديبلوماسي لبناني سابق، أشار الى ان الموضوع جرى تسييسه بشكل مصطنع، فيما هو اجراء قانوني بحت وروتين يعتمده اكثر من بلد وخلفيته ادارية فقط، وأضاف أن التحليلات التي تقول ان القرار يهدف الى تهريب ايرانيين من العقوبات الاميركية تبدو "غير منطقية وغير دقيقة على الاطلاق" وختم المصدر أن السفارة اللبنانية في ايران، لاحظت في الآونة الاخيرة انخفاضا في عدد السياح الايرانيين ورغم انهم كانوا قد ابدوا رغبة بزيارة لبنان خصوصا في شهر رمضان المنصرم الا انهم كانوا يخشون تأشيرة الأمن العام على جوازاتهم الامر الذي يسبب لهم مضايقات وتحقيقات في العديد من المطارات الاجنبية، وانه لهذه الغاية، تجاوب الأمن العام مع طلب السفارة اللبنانية في طهران".
من جهة اخرى فقد اعلن مسؤول ديبلوماسي ايراني ان مليوني ونصف مليون ايراني يزورون تركيا سنويا بقصد السياحة، وان هذا التدبير سيساعد الرعايا الايرانيين على زيارة لبنان لنفس الهدف ايضا.
في الخلاصة، أمن لبنان ليس مكشوفا، ومطار بيروت ليس قاعدة لوجستية لأحد، والتدابير الامنية خاصة من قبل المديرية العامة للامن العام استطاعت خلال فترة وجيزة كسب ثقة المواطنين الذين لا يشككون ابدا بنزاهتها التي تضع مصلحة الوطن العليا فوق كل اعتبار، وهذا ما امتاز به اللواء عباس ابراهيم منذ تسلّمه مهام المدير العام للأمن العام. فهلّا يهدأ الضجيج قليلا وننصرف عن تقاذف الاتهامات واشعال الفتن ونتأمل ان تبصر حكومة لبنان النور قريبا لتحلّ آلاف الملفات العالقة والمرتبطة مباشرة بمصير المواطن في هذا البلد!